مع انتهاء شهر تموز (يوليو) من كل عام، يغصّ معبر «أم الطبول» الحدودي بين الجزائروتونس، الواقع على مرتفع جبلي بين القالة الجزائرية وطبرقة التونسية، بمئات السيارات الجزائرية، التي يفتشها ضباط جزائريون وتونسيون، مع اهتمام متزايد بالملف القضائي لكل مسافر. ويشهد مركز «أم الطبول» الحدودي في محافظة الطارف (630 كيلومتراً شرق العاصمة) توافداً لافتاً للسياح الجزائريين مع نهاية شهر تموز الجاري، ويمكن مشاهدة طوابير السيارات تمتد مئات الأمتار مع ساعات الفجر الأولى، بسبب طول إجراءات التفتيش. ويضطر كثير من الوافدين لشراء العملة التونسية من قرية «أم الطبول» الجزائرية التي تبعد مسافة 5 كيلومترات عن المعبر، حيث تزدهر تجارة العملة التي يشرف عليها شباب من القرية الفقيرة والمعزولة، يتوزعون على جوانب الشارع الرئيسي ملوحين بأوراق نقدية للدينار التونسي الذي يعادل سعره 7 مرات الدينار الجزائري، فيما يُعرف أن المصارف الجزائرية لا تمنح لكل سائح أكثر من 110 يورو في التحويل الرسمي مرة واحدة في السنة (منحة السفر)، ما يدفع الجزائريين إلى اعتماد «البورصة السوداء» خارج الأطر القانونية للحصول على العملة الأجنبية. عملة صعبة وبضائع ويسأل مفتش الجمارك الجزائري عادةً عن حجم الأموال بالعملة الصعبة التي يحملها كل مسافر، كما يسأل عن حجم العملة الجزائرية، ويضطر كل مسافر لانتظار دوره لفترة قد تستغرق ساعة من الزمن أو أكثر، للمرور عبر شرطة الحدود ثم الجمارك قبل الدخول إلى الجانب التونسي. وتدقق عناصر الجمارك التونسية تفتيش السيارات بحثاً عن مواد منقولة تُجلب من الأسواق الجزائرية. وإن كانت حركة الأشخاص إحدى أهم تبادلات البلدين خلال الصيف، إلا أن حركة أكثر خطورة تجري غير بعيد من مركز أم الطبول حيث قرى جزائرية وتونسية تتبادل نوعاً من التهريب، ويمكن مشاهدة سيارات رباعية الدفع على حدود بلدة «بوقوس» الجزائرية، التي تعمل في تهريب البنزين والمازوت إلى الجانب التونسي، فعلى رغم رفع الجزائر سعر المازوت مرتين في العامين الماضيين، إلا أن سعره في تونس لا يزال أعلى 5 مرات. ويهرّب جزائريون إلى تونس انواعاً من التمر والخرفان، في حين يجلب تونسيون سلعاً من العجائن الصناعية وحلويات «الشامية» ومصبرات صناعية. مليونا مسافر ويتوافد نحو مليوني جزائري على تونس كل سنة في فصل صيف، ويقصد مئات الآلاف منهم مدينتي الحمامات وسوسة (جنوبتونس) للسياحة، ويشكّل وجودهم جزءاً كبيراً من موازنة السياحة في البلد، اذ يشتكي الجزائريون عادةً من غياب خدمات سياحية راقية في بلادهم ما يضطرهم الى قصد الجارة الشرقية، البلد الوحيد حيث الحدود البرية مفتوحة. وتبدو صورة التعاون بين الجزائروتونس عبر الحدود، في شكل مغاير بالاتجاه جنوباً، حيث تسيطر المخاوف الأمنية من تنقل مسلحين. وقال دركي تونسي ل «الحياة»: «أعمل مقابل منطقة تبسة الجزائرية، التنسيق الأمني كبير جداً بيننا وبين الجزائريين»، مضيفاً أن «الطرف الجزائري يملك إمكانات كبيرة في محاربة الإرهاب وهو غير متسامح أبداً مع كل حركة مشبوهة» لافتاً إلى فرار 3 مسلحين قبل أسبوعين نحو الجزائر بعد محاولة استهداف مقر أمني تابع لمحافظة أمن تالة التونسية و«أبلغْنا الطرف الجزائري، الذي قتلهم فور دخولهم أراضيه».