«واحة» سياحية بامتياز أوجدها اللبناني بدر حسون، فشيّد قرية بيئية بامتياز بسواعده وهمّته وتصميمه، معيداً عبرها تاريخ عائلة حسون العريقة التي لها باع كبير في تراث صناعة الصابون منذ أزل الأجداد وتحديداً منذ العام 1480. تصل إلى القرية عبر طريق تمرّ من الساحل اللبناني عند بلدة البحصاص يميناً لتصل إلى محلة ضهر العين (الكورة - شمال لبنان). هنا تفغر الأفواه اندهاشاً، وتشرئب العيون لمشهدية أبنية مقنطرة رائعة من حجارة صفراء مزخرفة بزجاج ملون، تخترقها طرقات مرصوفة بالحجارة، تحفّ بها قناطر وشلالات مياه تحيط بحدائق الخزامى وإكليل الجبل والبابونج والشاي الأخضر وغيرها من النباتات التي تستعمل في منتجات القرية، إلى جانب أنواع أخرى من أشجار الفواكه والخضار العضوية. يستقبلنا بدر حسون ببشاشة وحسن ضيافة، ونلمس على الفور إيمان هذا الرجل بأهمية بذل جهود وطاقات الإنسان في وطنه، وهو الذي عُرض عليه تأسيس هذا المشروع في بلد أوروبي مع تسهيلات حيوية ضخمة، لكنه لم يقبل إلا البقاء في لبنان. كما حرص على جمع عائلته الكبيرة في قريته السياحية، فبنى لأولاده الثلاثة وبناته منازل وشققاً سكنية داخلها. مساحة القرية 30 ألف متر مربع، وتتألف من مزارع نباتات عضوية وأوتيل بوتيك ومتحف يعرض أكثر من 1400 صنف من منتوجات القرية من صابون وزيوت، ومطعم يقدم مأكولات عضوية طبيعية، ومقهى لبيع القهوة والشاي العضوي، ومركز لممارسة اليوغا، ومصنع، ومركز إدارة الجودة العالمية. مغاور طبيعية... للعلاج ويقوم بدر حسون وأولاده بتشييد مركز للاستجمام مؤلف من مغارات طبيعية مرممة، منها الكبريتية ومنها للعلاج بالعطور وغيرها، بالإضافة إلى متحف يعرض فيه أغلى صابونة في العالم التي دخلت كتاب غينيس للأرقام القياسية وتحتوي على دهن العود الكمبودي والذهب. ملايين الدولارات أنفقها حسون في سبيل تشييد أول قرية بيئية بما يتيح تطوّر الإنتاج التقليدي والصديق للبيئة وتطبّق أحدث التقنيات في إنتاج مجموعة متنوّعة وواسعة من الصابون والزيوت العضوية، والكريمات، والشامبو، ومستحضرات العناية بالبشرة، وزيوت معالجة الشعر، وأخرى لعلاج المشاكل الجلدية...)، والعطرية المعروفة في الشرق (كالليالي العربية، العود السلطاني، سحر الحب ودهن العود). وقد اعتمد في تطوير هذا الإنتاج أحدث التقنيات التي حوّلت الصابون إلى أسطورة، وجعلت المتحف الأكبر في طريقة تصنيعه وتحضيره للصابون في العالم، بحيث يحتوي المتحف على أكثر من 1400 صنف. وتجدر الإشارة إلى أن أسعار منتجات بدر تتراوح بين 10 إلى 2800 دولار، وهو سعر أغلى صابونة في العالم صنعتها عائلة حسون. تحتوي هذه الصابونة على 17 غراماً من بودرة الذهب الصافي (عيار 24)، وثلاثة غرامات من بودرة الألماس، ممزوجة بخيرات الطبيعة من زيت الزيتون النقي وعسل النحل العضوي والعود المعتّق والبلح وغيرها. استغرق تصنيع هذه الصابونة 6 أشهر. تشكّل قرية بدر حسون وأولاده مكاناً يقصده اللبنانيون والعرب، فمنتجاته أمست ذائعة الصيت في أوروبا والعالم العربي وبالتحديد في دول الخليج العربي، بخاصة أنها تمتاز بتكوينها الطبيعي الخالي من الكيماويات، حيث يشتهر قضاء الكورة في لبنان بإنتاج الزيتون وزيت الزيتون. ويقول بدر حسون صاحب فكرة القرية والذي يزدان مكتبه الكبير بالدروع والشهادات المحلية والعالمية: «الفكرة تتجلى في أننا قادرون على الاستثمار بالبيئة... وأن ننتج شيئاً حلواً نطلع العالم عليه ونجعلهم يستفيدون منه. عندنا تاريخ غني. عندنا قدرة هائلة على أن نعطي بأبنيتنا، بمناخنا، بتعدد النبات والطبيعة». تشتهر المنطقة تقليدياً بالفعل بصناعة الصابون من مصادر طبيعية منذ القرن الخامس عشر. وتحظى قرية بدر حسون البيئية باعتراف عالمي ونالت إشادة من هيئات دولية لدورها في الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة. كما حصلت على جائزة التميز البيئي من الاتحاد العربي للشباب والبيئة. ونالت القرية أيضاً شهادة تقدير من منظمة الصحة العالمية على نشرها وتطبيقها مفهوم ومعايير المدن الصحية. والجدير ذكره، ونحن ندعو الجميع لزيارة هذا المعلم السياحي البيئي، أن القيّمين على القرية ينظمون وبشكل مستمر نشاطات واحتفالات وأعراساً قروية، يحضرها رجال دين ورسميون وفنانون ومشاهير من لبنان وعدد من الدول.