أفاد تقرير لمؤشر «ماركت» الأوروبي بأن «التعافي الاقتصادي في منطقة اليورو يسير في الاتجاه الصحيح»، وذلك على خلفية تسجيل قطاعات الأعمال المختلفة في المنطقة عموماً وألمانيا خصوصاً وتيرة سريعة من النمو «بعدما تجاوزت الحكومات والشركات الأوروبية أزمة الديون اليونانية». وتحسنت نتائج مؤشر «إيفو» الصادر عن معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ خلال الشهرين الماضيين بصورة فاجأت الخبراء، خصوصاً بعدما سجل مؤشر البحوث الأوروبية في مانهايم «زد اي في» تراجعاً جديداً يعكس توقعات الخبراء والمراقبين في أوروبا الذين يستطلعهم شهرياً أيضاً. وفي حين أظهر مؤشر «إيفو» تحسناً في الأجواء والأعمال الحالية للشركات الألمانية السبعة آلاف التي يستفتيها شهرياً، وارتفاعاً من 107.5 إلى 108 نقطة مع ازدياد تفاؤل التوقعات للأشهر الستة المقبلة، سجّل المؤشر الأوروبي «ماركت» 53.9 نقطة متجاوزاً حتى توقعات الخبراء ب 0.2 نقطة. وسجّل «إيفو» صعوداً واضحاً في أعمال الشركات الحالية من 113.1 إلى 113.9 نقطة، كما ارتفع تفاؤل الشركات للأشهر الستة المقبلة من 102.1 إلى 102.4 نقطة. ونقل التقرير الاقتصادي الشهري الصادر أخيراً عن غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية في برلين عن معهد ميونيخ أن تسارع وتيرة الطلبات الجديدة على الاقتصاد «يدلّ على الأداء الجيد لأكبر اقتصاد في أوروبا مطلع الربع الثالث من العام الحالي». وعقّب رئيس المعهد هانس فرنر زِن على النتائج المفاجئة بالقول «إن هدوء وضع اليونان ساعد على زيادة التفاؤل داخل الاقتصاد الألماني». ومع ذلك يلفت خبراء إلى أن اقتصاد دول منطقة اليورو نما في الربع الثاني من السنة بوتيرة أدنى من التوقعات وفق بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات» الصادرة أخيراً. وفي تقديرات أولية للمكتب سجل الناتج المحلي الإجمالي لهذه المنطقة التي تضم 19 بلداً نمواً من 0.3 في المئة على أساس فصلي، و1.2 في المئة على أساس سنوي. وكانت وكالة «رويترز» استطلعت آراء خبراء اقتصاد رجّحوا نمو اقتصاد المنطقة بوتيرة أعلى بقليل، أي إلى 0.4 في المئة على أساس فصلي، و1.3 في المئة على أساس سنوي. وسبق صدور هذه التقديرات للناتج القومي السنوي بيانات أظهرت انكماش الناتج الصناعي في حزيران (يونيو) الماضي بنسبة زادت عن التوقعات. وثبّت مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن نسبة النمو الاقتصادي التي سجلها اقتصاد ألمانيا في الربع الثاني وهي 0.4 في المئة، الأمر الذي دفع خبراء إلى القول إن النمو تسارع بوتيرة أقل مما كان متوقعاً. وكان الاقتصاد الألماني نما بنسبة 0.3 في المئة في الربع الأول من السنة. وأظهرت أرقام تطور الاقتصاد الفرنسي كثاني أكبر اقتصاد في أوروبا أن نمو الناتج المحلي فيه توقف في الربع الثاني في حين بلغ نمو الناتج الإيطالي كثالث أكبر اقتصاد أوروبي أقل من المتوقع. وكانت المفاجأة الفعلية تسجيل اقتصاد اليونان في الربع الثاني نمواً من 0.9 في المئة مقارنة ب 0.1 في المئة في الربع الأول، وذلك بفضل الاستهلاك الداخلي الجيد، وفق مكتب الإحصاءات اليوناني، إنما من دون أن يعكس ذلك بالضرورة الوضع الفعلي للبلد المتعثر. وفيما يواصل اقتصاد دول منطقة اليورو مرحلة التعافي يعتقد الخبراء أن وضع أزمة ديون اليونان أخيراً على سكة الحل من خلال سلّة الدعم المالي التي ستؤمن لها 86 بليون يورو من القروض لثلاث سنوات، سينعكس بدوره إيجاباً في الفترة المقبلة على النمو في أوروبا والعالم. ويعتقد خبراء بأن التوقيع على الاتفاق النووي بين الدول الخمس الكبرى زائد واحد (ألمانيا) مع ايران «انعكس إيجاباً على الأجواء العامة» وفق أبرز خبراء معهد «إيفو» كلاوس فولرابه الذي أضاف «أن الصناعة الكيماوية والنفطية في ألمانيا ستستفيدان من تطبيع العلاقات مع إيران ووقف العقوبات الدولية ضدها». واستغرب أبرز خبراء مصرف «بنك هاوس لامبه» ألكسندر كروغر عدم تأثر الاقتصاد الألماني سلباً بتراجع النمو في الصين، لكنه أضاف أن تأثيرات ذلك قد تظهر تباعاً في بيانات أيلول (سبتمبر) الحالي، علماً أن التطور السلبي الأول تمثّل في الهبوط الدراماتيكي لمؤشر «داكس» للأسهم في بورصة فرانكفورت أخيراً، والثاني في التراجع الكبير لمبيعات السيارات الألمانية في الصين. ولم يُعرف بعد الحجم الحقيقي لانخفاض الطلب الصيني على الصناعات الألمانية. ولا يزال سعر اليورو المنخفض عالمياً يلعب دوراً اقتصادياً إيجابياً لأنه يساعد الدول الأوروبية المتعثرة على تعزيز الأسعار التنافسية لصادراتها. ولا تزال سوق العمل الألمانية تساهم كثيراً في رفع وتيرة النمو الاقتصادي، وكذلك السوق الاستهلاكية التي تؤدي اليوم دوراً أكبر من دور الصادرات في تحريك الاقتصاد دون التقليل من أهمية الأخيرة. وأعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية في بيان أخير لها أن الطلبات الصناعية فاقت التوقعات في حزيران (يونيو) الماضي بفضل الطلب المتنامي من الخارج، في إشارة منها إلى أن إنتاج القطاع الصناعي سيزيد خلال الأشهر المقبلة. وزادت الطلبات التي تلقتها المصانع الألمانية من الخارج في الشهر نفسه بمعدل 4.8 في المئة في حين تراجعت الطلبات المحلية بنسبة اثنين في المئة.