بعد تراجع أهم مؤشرين للنمو في ألمانيا في الأشهر الأخيرة، فاجأ مؤشرا «إيفو» و «زد إي في» الجميع بالعودة إلى الارتفاع في شكل واضح. إذ ارتفع مؤشر «إيفو» من 108.2 نقطة إلى 109 نقاط نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بعد انخفاضه في تشرين الأول (أكتوبر). فيما عاد مؤشر «زد إي في» إلى الصعود بقوة من 1.9 إلى 10.4 نقطة، بعد سبعة أشهر من التراجع المتتالي. ويستطلع المؤشر الأول الأبرز في ألمانيا الذي يصدره معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ، سبعة آلاف شركة شهرياً، فيما يستطلع المؤشر الثاني الصادر شهرياً عن معهد البحوث الأوروبية في مانهايم نحو 400 محلل اقتصادي ومالي. ورأى خبراء أن الزيادة الجديدة تؤشر إلى انفراج في الاقتصاد الألماني في الشوط الأخير المتبقي من السنة والربع الأول من عام 2016. وسجل مؤشر «إيفو» ارتفاعاً قياسياً جديداً في قطاع الخدمات. وأعلن رئيسه هانس فرنز زِن، أن الاقتصاد الألماني «يواصل نموه من دون أي تزعزع أمام الاقتصاد الدولي المتراجع». فيما اعتبر رئيس معهد «زد إي في» كليمنت فويست، أن «أفق الاقتصاد الألماني ينفرج نهاية هذه السنة»، ملاحظاً أن «أي تشاؤم بإمكان بروز أثر سلبي بسبب الأعمال الإرهابية التي وقعت في فرنسا أخيراً، لم يظهر خلال الاستطلاع». ولفتت الخبيرة المالية فيولا يوليين من مصرف «هيلابا»، إلى أن «النمو المرتقب إشارة جيدة في زمن الإرهاب». وكان خبراء في خمسة معاهد بحوث اقتصادية في ألمانيا أفادوا في تقرير سنوي مطلع الشهر الماضي، بأن الاقتصاد الألماني «سينمو بنسبة 1.7 في المئة هذه السنة، و1.6 في المئة العالم المقبل، علماً أن الحكومة تنتظر نمواً من 1.8 في المئة هذه السنة». وأشار المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن، إلى أن معدل النمو الذي حققه الاقتصاد الألماني في الربع الثالث «بلغ 0.3 في المئة بعد 0.4 في المئة في الربع الثاني و0.3 في المئة في الربع الأول، ما يعادل نمواً من 1.8 في المئة في حال تطبيقه على مدى العام». وأوضح مكتب الإحصاء أن الاقتصاد الألماني «يواصل خط النمو المعتدل»، مشيراً إلى أن العامل الأساس للنمو «هو الاستهلاك الداخلي الذي حلّ منذ فترة محل عامل الصادرات». ولفت المكتب إلى أن الاستهلاك الشخصي والحكومي «ارتفع أخيراً إلى جانب وجود عدد قياسي من الأيدي العاملة في البلاد وحصول زيادات في الأجور، وانخفاض في التضخم المالي، ما يشجع الألمان على مزيد من الاستهلاك». واضطلع عامل الصادرات هذه المرة بدور كابح للنمو، لأن زيادة الواردات في الربع الثالث ارتفعت بنسبة أكبر من معدل الصادرات. كما لعب ضعف النمو في الصين دوراً كبيراً في تراجع طلب شركاتها ومؤسساتها على الشركات الألمانية، إلى جانب دخول البرازيل وروسيا في مرحلة ركود اقتصادي، واستمرار فرض العقوبات الاقتصادية الغربية على موسكو. وفرض هذا الوضع على الشركات الألمانية خفض إنتاجها واستثماراتها نسبياً. وعلى رغم ذلك، تمكنت ألمانيا من تسجيل أعلى صادرات منذ عشرة أشهر في أيلول (سبتمبر) الماضي، بفضل ازدياد الطلب من دول الاتحاد الأوروبي. إذ أعلن مكتب الإحصاء الألماني أن الصادرات خلال أيلول «زادت بنسبة 2.6 في المئة عليها في آب (أغسطس)، حيث تراجعت بمعدل 5.2 في المئة للمرة الأولى منذ بدء الأزمة الاقتصادية عام 2009. كما تراجعت الطلبات المرسلة في الشهر المذكور من دول الاتحاد الأوروبي بمعدل 1.7 في المئة، وزادت الصادرات إلى العالم في الأشهر التسعة الأولى من السنة بنسبة 7 في المئة على الفترة ذاتها من العام الماضي، ووصلت قيمتها إلى 896 بليون يورو. وتوقعت النقابة الألمانية للتجارة الخارجية أن «تنمو الصادرات بنسبة 6 في المئة هذه السنة»، من دون أن تحدد القيمة النهائية للواردات.