تحسّن نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو في الربع الأخير من العام الماضي، وفقاً لمكتب الإحصاء الأوروبي، تزامناً مع ارتفاع نمو الاقتصاد الألماني. وأشار المكتب في تقرير إلى تقديرات أولية عن أن اقتصاد دول منطقة اليورو «نما بنسبة 0.3 في المئة وسطياً في الربع الأخير من العام الماضي، مقارنة ب 0.2 في المئة في الربع الثالث»، فيما ارتفع نمو اقتصاد المنطقة وسطياً بنسبة 0.9 في المئة على مدى عام 2014، وهو تحسّن يؤسس لنمو مماثل أو أفضل للعام الحالي». وسجل الاقتصاد الألماني نمواً نسبته 0.7 في المئة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2014، على خلفية ازدياد الطلب الداخلي في شكل أساس، ما دعا المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن إلى تصحيح معدل نمو الناتج القومي السنوي رفعاً من 1.5 إلى 1.6 في المئة، ما أنعش الآمال في حصول أداء أقوى للاقتصاد الألماني هذه السنة. وفي وقت رفعت الحكومة الألمانية توقعاتها للنمو هذه السنة من 1.3 إلى 1.5 في المئة، لم تستبعد معاهد بحوث اقتصادية «تسجيل نمو أعلى، خصوصاً بعد المؤشرات الإيجابية الأخيرة في ألمانيا وفي منطقة اليورو». وتحدث خبراء ألمان عن «حصول مفاجأة» إثر تعافي الاقتصاد الألماني بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً. وأعلن كبير خبراء مصرف «أوني كريدي» اندرياس ريس، أن بعضهم «توقع ركوداً محتملاً بعد الصيف الماضي، لكن ألمانيا شهدت تعافياً نابعاً أساساً من الاستهلاك الداخلي، ما يعطي أسباباً قوية للتفاؤل هذه السنة». ووصفت وزارة الاقتصاد والطاقة الألمانية في تقرير وضع الاقتصاد حالياً ب «الجيد» وكذلك سوق العمل. وتوقعت تحقيق ارتفاع ملحوظ في فرص العمل مع زيادات على الأجور، وحصل ملايين من العاملين الألمان في القطاعين العام والخاص في الشهرين الماضيين من العام الجديد، على هذه الزيادات متجاوزة 3 في المئة، ما اعتبرته النقابات العمالية مؤشراً واضحاً إلى حصول زيادات مماثلة في القطاعات الاقتصادية الأخرى هذه السنة. وانعكس هذا التحسن على المؤشر الشهري المهم لمعهد البحوث الاقتصادية «إيفو» في ميونيخ، الذي يستفتي شهرياً سبعة آلاف شركة ألمانية وفي شكل دوري. وسجل المؤشر ارتفاعاً ملحوظاً نهاية الشهر الماضي من 105.5 إلى 106.7 نقطة. وأوضح خبير المعهد كلاوس فولرابه، أن «مداميك التطور الإيجابي للاقتصاد الألماني وُضعت». فيما ذكر رئيس المعهد هانس فرنر زن أن القطاع الصناعي الألماني «متفائل جداً»، وكذلك قطاع الصادرات المتوقع «زيادة صادراته إلى الخارج بفعل تراجع سعر اليورو أمام العملات الأخرى بعدما سجل العام الماضي رقماً قياسياً جديداً». وأشار أيضاً إلى أن الاستهلاك الخاص «ازداد في شكل لافت العام الماضي بنسبة 1.5 في المئة». ورأى خبير معهد بحوث السوق الألماني رالف بوركل، أن الألمان «يتهافتون على الشراء وسيبقون على هذه الحال خلال الأشهر المقبلة». وعزا أحد الأسباب الرئيسة لذلك إلى «تفضيلهم شراء الحاجات حالياً بدلاً من وضع أموالهم في مصارف، من دون تلقي فوائد عليها». ولفت رئيس المعهد ماتياس هارتمان إلى أن الاستهلاك الخاص «سيواصل دعم النمو في ألمانيا كما في أوروبا». وعزا بوركل السبب الآخر إلى «زيادات الأجور التي يحصل عليها العاملون الألمان في شكل دوري وسنوي، في وقت تتراجع أسعار السلع والحاجات على خلفية تدني أسعار النفط والمواد الخام الأخرى، ما يزيد القوة الشرائية في شكل قياسي». إلى ذلك، سجلت السياحة من الخارج رقماً قياسياً جديداً العام الماضي، بعد تسجيل 424 مليون ليلة نوم في الفنادق. وأمّن القطاع السياحي خلال عقد واحد 212 ألف فرصة عمل جديدة وثابتة فيه، بزيادة 30 في المئة على عام 2004. وفي سياق تطورات الوضع الاقتصادي في ألمانيا، يشهد «مؤشر داكس» للأسهم في بورصة فرانكفورت قفزات سريعة تجاوز فيها عتبة 11500 نقطة، بزيادة 18 في المئة منذ مطلع السنة. كما تراجع اليورو أمام الدولار والعملات الأخرى بمعدل 20 في المئة تقريباً خلال سنة واحدة، بفعل الضخ المالي من البنك المركزي الأوروبي.