أعلن الانفصاليون الموالون لروسيا أن 89.7 في المئة ممن أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء الذي أجري أول من امس في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا، و96.2 بالمئة أيدوا الحكم الذاتي، ما قد يؤدي بحكم الأمر الواقع إلى انفصال جديد في أوكرانيا بعد انضمام جمهورية القرم إلى روسيا الاتحادية في آذار (مارس) الماضي. وأكد قادة انفصاليون أن المنطقتين اللتين تضمان حوالى 7.3 مليون شخص، لن تشاركا في انتخابات الرئاسة الأوكرانية المقررة في 25 الشهر الجاري، «لأن تأييد الاستفتاء يعني عملياً رفض سلطات كييف»، التي كانت وصفت الاقتراع بأنه «مهزلة إجرامية، ومجرد دعاية هدفها تغطية الجرائم والخطف والعنف». كما نقلت كييف عن استطلاع للرأي أجراه أخيراً معهد «بيو» الأميركي للبحوث، أن «70 في المئة من سكان شرق أوكرانيا يؤيدون وحدة البلاد». ورداً على سؤال عن إمكان تنظيم استفتاء ثانٍ حول الانضمام إلى روسيا، قال فياتشيسلاف بونوماريف، الزعيم البارز في مدينة سلافيانسك: «خلال ثلاثة أيام نستطيع تنظيم استفتاء، مهما كان». وشهدت دونيتسك هدوءاً أمس، وخلت من أي مظاهر احتفال أو تظاهرات حتى أمام مقر الإدارة المحلية، حيث مركز قيادة المتمردين، فيما سمع دوي انفجارات في أندريفكا على «خط جبهة» المدخل الجنوبي لمدينة سلافيانسك التي تقع ضمن منطقة دونيتسك. وأعلن الكرملين أنه يحترم «إرادة» سكان شرق أوكرانيا الذين صوتوا بأعداد كبيرة رغم محاولات «المتطرفين والجنود الأوكرانيين المزودين أسلحة ثقيلة عرقلة الاقتراع، فيما اعتبر ديميتري بيسكوف، الناطق باسم الرئيس فلاديمير بوتين، أنه يصعب توقع مسبقاً ما سيفعله الأخير، الذي دعا الانفصاليين في 7 الشهر الجاري إلى تأجيل الاستفتاء، في بادرة تهدف إلى التهدئة، لكنهم لم يستجيبوا له. وكان ديميتري روغوزين الذي يشرف على صناعة الأسلحة الروسية، كشف أول من امس، عن أنه أحضر إلى موسكو طلباً قدمه مقيمون في منطقة ترانسدنيستريا الانفصالية الناطقة بالروسية في مولدوفا، يؤيد الانضمام إلى روسيا. وقال: «أحضر الوفد الروسي مناشدة للسلطات من ترانسدنيستريا» التي انفصلت عن مولودفا عام 1990 وتسعى إلى الانضمام لروسيا. وزاد: «على رغم الأهمية الرمزية للطلب وافتقاده السمة قانونية، لكنه بات مهماً بالنسبة إلينا الآن». «الحوار الوطني» وشدد الكرملين على ضرورة إجراء «حوار» بين المناطق الانفصالية وكييف، وقال في بيان: «ننطلق من مبدأ انه يجب تطبيق نتائج الاستفتاء عملياً في شكل متحضر وبلا عودة إلى العنف، عبر حوار بين ممثلي كييف ودونيتسك ولوغانسك». وتابعت: «نرحب بكل جهود الوساطة لإطلاق هذا الحوار، وبينها عبر منظمة الأمن والتعاون الأوروبية». وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن «موسكو لا ترى فائدة من إجراء محادثات دولية جديدة حول أوكرانيا في صيغة الاجتماع الرباعي بين روسياوأوكرانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لأن لا شيء سينجح إذا لم يشارك المعارضون للنظام في حوار مباشر حول إيجاد مخرج للأزمة». وتابع: «نرغب في أن ننتقل في هذه المرحلة التي تشهد موافقة الأطراف الأساسية على مبادئ الخروج من الأزمة التي قبلها الجميع في اتفاق جنيف المبرم في 17 نيسان (أبريل) الماضي، إلى إجراءات عملية تشرك أطراف النزاع». وأشار إلى أن واشنطن وكييف «تقفان ضد مشاركة ممثلي الأقاليم الأوكرانية في محادثات يجب إطلاقها لإنهاء أزمة أوكرانيا، لذا لم تعلن خريطة الطريق التي أعدها رئيس منظمة الأمن والتعاون الأوروبية حتى الآن، ما يشكل دليلاً آخر على رفض كييف التحدث إلى الشعب». ووصل رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي إلى كييف ليل أمس، للقاء رئيس الوزراء آرسيني ياتسنيوك وتقديم دعم الاتحاد الأوروبي للانتخابات الرئاسية، فيما يزور وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أوكرانيا اليوم لتشجيع إجراء «حوار وطني» بين كييف والانفصاليين. واعلن مارتن شايفر، الناطق باسم شتاينماير، أن الأخير سيُجري محادثات في كييف مع ممثلين للحكومة الأوكرانية، ثم يزور شرق البلاد، مشيراً إلى أن «هدف الزيارة دعم جهود منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، والجهود المبذولة لتنظيم حوار وطني والدخول في محادثات فعلية حول مستقبل أفضل لأوكرانيا، والمساعدة في إجراء الانتخابات الرئاسية». وأوضح الناطق أن شتاينماير دعي للمشاركة في اجتماع الحكومة الفرنسية غداً للحديث عن أوكرانيا، علماً بأن الديبلوماسي الألماني المحنك ولفغانغ ايشينغر اختير وسيطاً لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية في محاولة لإطلاق الحوار. في باكو، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أن تقارب الاتحاد الأوروبي مع دول القوقاز الجنوبي ليس «موجهاً ضد أحد»، وقال في مؤتمر صحافي مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف قبل مواصلة جولته في القوقاز بزيارة أرمينيا وجورجيا: «الشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبي ليست موجهة ضد أحد، لكن يجب أن يكون هدفها السماح بتنمية أكبر للمبادلات والاستثمارات مع تعزيز الاستقرار». ووقعت أوكرانيا وجورجيا وأذربيجان ومولدافيا وأرمينياوبيلاروسيا قبل خمسة أعوام اتفاق «شراكة» مع الاتحاد الأوروبي، لكنه أظهر ضعفه مع أزمة أوكرانية، في وقت تحاول روسيا، الغيورة من علاقاتها مع الجمهوريات التابعة لها سابقاً، تشجيع إنشاء اتحاد جمركي معها.