قالت وكالة الاعلام الروسية امس إن النتائج النهائية للاستفتاء الذي نظمه انفصاليون موالون لروسيا في منطقة لوهانسك شرق أوكرانيا توضح تأييد 96.2% للحكم الذاتي, ونقلت عن أحد منظمي الاستفتاء قوله إن لوهانسك ستطلب من الأممالمتحدة الاعتراف باستقلال المنطقة, فيما قال وزير الخارجية الامريكي السابق هنري كيسنجر، إن على الغرب ألا ينظر إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على أنه «هتلر» جديد بل كزعيم محلي يحاول مد نفوذ بلاده. ونقلت الوكالة عن أحد قادة الانفصاليين في المنطقة قوله إن لوهانسك لن تشارك في انتخابات الرئاسة الأوكرانية المقررة في 25 مايو, وأعلنت كييف مسبقا رفضها الاعتراف به, ووصفت موسكو الانتقادات الغربية لموقف موسكو في الازمة الاوكرانية بأنها «حماقة مطلقة», فيما أعلنت روسيا امس انها «تحترم ارادة» سكان شرق اوكرانيا التي عبروا عنها في استفتاء الاحد ودعت الى «حوار» بين المناطق الانفصالية وكييف. وقال الكرملين في بيان «نحترم في موسكو التعبير عن ارادة شعوب منطقتي دونيتسك ولوغانسك، وننطلق من مبدأ ان يتم التطبيق العملي لنتائج عمليتي الاستفتاء بشكل متحضر وبدون اي لجوء للعنف وعبر الحوار بين ممثلي كييف ودونيتسك ولوغانسك». من جانبه, قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف امس إنه لا توجد محادثات دولية جديدة في الوقت الراهن بشأن أوكرانيا. وقال لافروف إن تهدئة الأزمة غير ممكن إلا إذا عقدت الأطراف المتنافسة في أوكرانيا محادثات مباشرة. وأكد لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأوغندي في موسكو على موقف الكرملين قائلا إن روسيا تحترم نتيجة الاستفتاء على الحكم الذاتي الذي اجري في شرق أوكرانيا. وأعلن لافروف ان روسيا لا ترى فائدة من اجراء محادثات دولية جديدة حول اوكرانيا بدون ممثلين عن المناطق الانفصالية في شرق البلاد. وقال لافروف ان «الاجتماع مجددا في صيغة رباعية ليس له فعليا اي معنى»، واضاف «لا شيء سينجح اذا لم يتم اشراك المعارضين للنظام في حوار مباشر حول ايجاد مخرج للازمة». وتابع لافروف «نرغب ان ننتقل في هذه المرحلة، فيما الاطراف الاساسية موافقة على مبادئ الخروج من الازمة التي اتفق عليها في جنيف في 17 نيسان/ابريل، الى اجراءات عملية تشرك اطراف النزاع». الناتو وطالب القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي فيليب بريدلاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسحب قواته من منطقة الحدود مع أوكرانيا. وقال الجنرال الأمريكي في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية الصادرة امس: أنتظر من روسيا الإيفاء بتعهداتها والتزاماتها والتوقف عن دعم الانفصاليين العدوانيين والمدججين بالأسلحة، وسحب جنودها الذين يبلغ عددهم 40 ألف جندي من الحدود الأوكرانية». وعن إمكانية انضمام أوكرانيا للناتو، قال بريدلاف: «على أوكرانيا بالطبع أن تقرر ما إذا كانت ترغب في الانضمام للناتو. إننا لا نجبر أحدا على الانضمام». أكدت الولاياتالمتحدةالأمريكية، أن روسيا لن تحقق من الأزمة في أوكرانيا سوى مكسب قصير الأمد. وأشار وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هيجل، في مقابله مع شبكة «ايه بي سي» الإخبارية الليلة، إلى أن روسيا خصم في أوكرانيا وأن قواتها لا تزال محتشدة على الحدود الأوكرانية. ورأى هيجل أن روسيا تواصل عزل نفسها من أجل تحقيق مكسب قصير الأمد. وقال: قد يشعر الروس بأنهم ينتصرون على نحو ما، لكن العالم لا يتركز على الأمور القصيرة الأمد. وبدأت اولى نتائج الاستفتاء تظهر اعتبارا من مساء الاحد وتشمل فقط دونيتسك، احدى المنطقتين مع لوغانسك، التي جرى فيهما التصويت الاحد. ومن المنتظر ان تعرف نتائج التصويت في لوغانسك ظهر الاثنين. وقال رومان لياغين رئيس لجنة الانتخابات التي شكلتها السلطات الانفصالية في هذه المنطقة، في تصريح للصحافيين بعيد اغلاق صناديق الاقتراع ان «89,07% صوتوا بنعم و10,19% بلا. يمكن اعتبار هذه النتيجة نهائية». وأضاف ان نسبة المشاركة في الاستفتاء بلغت 74,87%. ودونيتسك هي احدى منطقتين في شرق اوكرانيا نظم فيهما الانفصاليون الموالون لروسيا الاحد استفتاء حول الاستقلال عن كييف. والمنطقة الثانية هي لوغانسك التي اغلقت فيها صناديق الاقتراع بعد وقت قصير من اغلاقها في دونيتسك ولكن حتى الساعة لم تصدر اي نتيجة للاستفتاء الذي جرى هناك. وجرى الاستفتاء على الرغم من ان الغرب وكييف وصفاه ب«غير الشرعي» لكنه قد يؤدي بحكم الامر الواقع الى انفصال جديد في اوكرانيا بعد انضمام جمهورية القرم الى روسيا الاتحادية في آذار/مارس. ودعا المتمردون المسلحون المؤيدون لروسيا والذين يسيطرون على كبرى مدن حوض دونباس الحدودي مع روسيا، السكان وعددهم نحو 7,3 مليون نسمة الى تأييد مشروعهم لاعلان استقلال «جمهوريتين شعبيتين» في دونيتسك ولوغانسك. ودعي المشاركون في الاستفتاءين الى الاجابة بنعم او لا على سؤال «هل تصادق على استقلال جمهورية دونيتسك الشعبية؟» و«هل تصادق على استقلال جمهورية لوغانسك الشعبية؟». وفي كييف، ندد الرئيس الانتقالي الاوكراني اولكسندر تورتشينوف امس بالاستفتاء الذي جرى الاحد في منطقتين انفصاليتين في شرق البلاد واعتبره «مهزلة دعائية ليس لها اي اساس قانوني». وقال تورتشينوف ان «المهزلة التي يطلق عليها الانفصاليون الارهابيون تسمية استفتاء ليست سوى دعاية هدفها التغطية على الجرائم والخطف والعنف وجرائم اخرى خطيرة». عقوبات اوروبية وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إن وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد وسعوا العقوبات المفروضة على روسيا امس الإثنين بسبب تصرفاتها في أوكرانيا وأضافوا شركتين في القرم و13 شخصا إلى قائمة العقوبات. وكان الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات من قبل تتضمن تجميد أصول وحظر اصدار تأشيرات إلى 48 روسياوأوكرانيا منذ أن ضمت موسكو منطقة القرم الأوكرانية في مارس. ورفض العديد من وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الاستفتاء على الاستقلال عن كييف والذي جرى في مناطق بشرق أوكرانيا، وقالوا إنهم يؤيدون فرض عقوبات جديدة بسبب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج للصحفيين في بروكسل: «هذا التصويت وهذه المحاولات للاستفتاءات ليس لها أدنى مصداقية في نظر العالم». ووصف وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت الاستفتاء بأنه «زائف»، فيما قال وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرمانس: «أعتقد أننا علينا ببساطة تجاهل هذا الاستفتاء لانه لا يعد إسهاما للوصول إلى مخرج من هذه الفوضى في شرق أوكرانيا». بوتين ليس «هتلر» من جهته, قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، إن على الغرب ألا ينظر إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على أنه «هتلر» جديد بل كزعيم محلي يحاول مد نفوذ بلاده، مستبعدا أن يكون بوتين قد خطط مسبقا لعملية ضم القرم وإحداث الاضطرابات في أوكرانيا، وإن كان ينظر إلى وجوب أن تكون دولة تابعة. وقال كيسنجر، في مقابلة مع «CNN» حول الموقف من روسيا بعد دورها بأحداث أوكرانيا: «على المرء أن يسأل نفسه السؤال التالي: لقد أنفق بوتين 60 مليار دولار على الألعاب الأولمبية، وأقام مراسم الافتتاح والإغلاق محاولا إظهار روسيا على أنها بلد طبيعي ومتطور، وبالتالي من المستبعد أن يقوم هو نفسه بعد ثلاثة أيام بشن هجوم بقرار ذاتي على أوكرانيا». ولدى سؤاله حول ما إذا كان يرى أن تصرفات بوتين إنما كانت رد فعل على الأحداث التي شاهدها وهي تخرج عن نطاق سيطرته قال كيسنجر: «أجل، أظن أنه كان يرغب على الدوام بأن تكون روسيا في وضع الدولة التابعة». وأضاف: «جميع المسؤولين الروس الذين قابلتهم، بمن فيهم الشخصيات التي في المعارضة، ينظرون إلى أوكرانيا على أنها جزء من التراث الروسي، ولكنني لا أظن أن بوتين كان قد خطط لفعل ذلك مسبقا، ربما خطط للقيام بذلك بشكل تدريجي، ولكنه اضطر للتحرك بالشكل الحالي بسبب الوضع الطارئ.. بالطبع شرح سبب قيامه بهذا الأمر لا يعني أن المرء يوافق على ضم جزء من أرض دولة أخرى أو تجاوز حدودها». وعن ضرورة العمل من أجل بقاء روسيا ضمن المجتمع الدولي رغم ما تقوم به في أوكرانيا قال كيسنجر: «لدى روسيا مشاكل داخلية كبيرة، تراجع في عدد السكان وصناعة متأخرة. ولكنها تمثل منطقة حيوية واستراتيجية، ومن مصلحة الجميع أن تكون جزءا من النظام الدولي، فهي ليست مجرد جزيرة معزولة». وختم بالقول: «علينا ألا ننظر لبوتين على أنه هتلر جديد، بل زعيم روسي يحاول تحقيق أكثر ما يمكنه لصالح بلده، هذه الأمور عادة ما تتم بطريقة عنيفة، ونحن محقون بالتالي في الوقوف ضده، ولكن علينا أيضا أن نعرف متى ننهي المواجهة».