مع تراجع معدلات العنف بعد تطبيق اتفاقات «خفض التوتر» في ريف دمشق والجنوب السوري، دعت السعودية والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وغيرها، مجلس الأمن إلى «إجراء» لضمان وصول قوافل المساعدات إلى ملايين السوريين. وفي رسالة وقعها 14 رئيس بعثة ديبلوماسية في جنيف، أعرب هؤلاء عن القلق من أن «يتم استبعاد الأممالمتحدة من إرسال قوافل مساعدات إلى مناطق محاصرة أو يصعب الوصول إليها داخل سورية» (للمزيد). وأفادت مصادر متطابقة في المعارضة السورية بأن روسيا مستعدة لتوسيع نطاق هدنة الغوطة الشرقية لتشمل القطاع الأوسط، الذي يسيطر عليه فصيل «فيلق الرحمن» المرتبط ب «جبهة النصرة». وزادت المصادر أن المطالب الروسية تتمحور حول فك الارتباط بين «فيلق الرحمن» و «النصرة». في موازاة ذلك، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن أربع كتائب من الشرطة العسكرية الروسية تنفذ مهماتها في مناطق «خفض التوتر» في سورية. وقال شويغو في اجتماع لهيئة رئاسة وزارة الدفاع الروسية أمس، إن أربع كتائب من الشرطة العسكرية تمركزت بالفعل في المنطقة العسكرية الجنوبية و «تنفذ حالياً مهماتها في الأشرطة الآمنة من مناطق خفض التوتر». ولا تزال الهدنة في الجنوب السوري ودرعا والسويداء والقنيطرة متماسكة، لكنها مقابل ذلك تعرضت للخرق مجدداً في الغوطة الشرقية. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قتالاً اندلع بين عناصر المعارضة والقوات النظامية للمرة الأولى منذ أعلن الجانبان وقفاً لإطلاق النار مطلع الأسبوع. كما أصابت ضربات جوية جيباً محاصراً تحت سيطرة المعارضة. وأوضح «المرصد» أن الضربات الجوية على ثلاث بلدات في الغوطة الشرقية قتلت طفلاً وأصابت 11 مدنياً آخرين ليرتفع عدد المصابين والقتلى إلى نحو 55 مدنياً خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية. كما وقعت اشتباكات بين القوات النظامية وعناصر «فيلق الرحمن» في محور وادي عين ترما على الطرف الغربي للغوطة الشرقية، وهي المنطقة الرئيسية الوحيدة الواقعة تحت سيطرة المعارضة قرب العاصمة، وتحاصرها القوات النظامية منذ 2013. ونفت روسيا أول من أمس خرق الهدنة. والتزمت دمشق الصمت. وكانت الحكومة السورية قالت إن الهدنة لا تشمل كل مناطق الغوطة الشرقية وإنها تحتفظ لنفسها بحق الرد على تهديدات فصائل المعارضة. وبحسب دمشق وموسكو، تقتصر الهدنة على المناطق التي يسيطر عليها «جيش الإسلام» الذي أعلن قبوله الهدنة. ومن أجل توسيع الهدنة لتشمل كل الغوطة الشرقية، أفادت مصادر متطابقة في المعارضة السورية بأن الروس أمهلوا فصيل «فيلق الرحمن» 24 ساعة لفك ارتباطه بتنظيم «هيئة أحرار الشام» («النصرة» سابقاً) وإخراج عناصر «النصرة» من مناطقهم كشرط لتشمل الهدنة منطقة القطاع الأوسط بالغوطة الشرقية. وأفادت «تنسيقيات» المعارضة بأن «فيلق الرحمن» طلب من عناصر «النصرة» الاندماج معهم أو مغادرة الغوطة الشرقية إلى محافظة إدلب لتلبية المطلب الروسي. وفي نيويورك، يبحث مجلس الأمن اليوم الوضع الإنساني في سورية بعدما تبلغ من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن حوالى 30 ألفاً إلى 50 ألف شخص لا يزالون محاصرين في الرقة، فيما لا تزال مناطق خفض التوتر تشهد استمرار أعمال العنف واستهداف المدنيين. وقال غوتيريش إن «التقارير تشير إلى أن الحالة داخل الرقة كارثية، إذ لا تزال الضربات الجوية والبرية توقع قتلى في صفوف المدنيين، وأن ما لا يقل عن 173 شخصاً قتلوا خلال حزيران (يونيو) وحده، فيما قتل 27 مدنياً وجرح العشرات في نهر الفرات أثناء محاولة الحصول على المياه». وزاد أن عدد النازحين ازداد بشكل مضطرد في شمال شرقي البلاد بسبب الهجوم على الرقة ووصل عددهم إلى نحو 20 ألفاً الشهر الماضي ليرتفع بذلك عدد النازحين منذ بداية الهجوم إلى أكثر من ربع مليون شخص.