أعلنت موسكو أمس وجود اتصالات أميركية- روسية للتوصل إلى وقف للمعارك في محافظة حلب، وذلك بعدما دعت الولاياتالمتحدة إلى وضع حد لقصف النظام السوري للمدينة، في وقت رفض قادة أكثر من 40 فصيلاً مقاتلاً معارضاً «تجزئة» وقف النار في سورية. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن الجنرال سيرغي كورالنكو، رئيس المركز الروسي لمصالحة الأطراف المتحاربة في سورية الذي أنشأه الجيش الروسي لمراقبة الهدنة، قوله إن «هناك مفاوضات نشطة تجري حالياً لفرض الهدوء في محافظة حلب». وقال الجنرال إن الهدنة الموقتة التي دخلت حيز التنفيذ ليل الجمعة بطلب من موسكو وواشنطن، تم تمديدها لمدة 24 ساعة اعتباراً من مساء الأحد في الغوطة الشرقية قرب دمشق. وأضاف أن هدنة مماثلة أيضاً دخلت حيز التنفيذ في شمال محافظة اللاذقية الجمعة تبدو صامدة. وتابع الجنرال من قاعدة حميميم الجوية في سورية: «ندعو جميع الأطراف الراغبة في إحلال السلام في سورية إلى دعم مبادرة الولاياتالمتحدةوروسيا وعدم السماح بانتهاك» هذه الهدنة. ونقل التلفزيون الرسمي عن الجيش النظامي السوري تأكيده الأحد إعلاناً روسيا عن تمديد «نظام التهدئة» حول دمشق لمدة 24 ساعة أخرى. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أكد في اتصال هاتفي مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا والمنسق العام ل «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة رياض حجاب، أن الأولوية هي التوصل إلى «وقف دائم للقتال في كل البلاد». واتفقت روسياوالولاياتالمتحدة هذا الأسبوع على الضغط على الأطراف لوقف القتال في اللاذقية والغوطة الشرقية، لكن الاتفاق لم يشمل حلب، حيث أوقع التصعيد العسكري منذ 22 نيسان (أبريل) 246 قتيلاً من المدنيين، وفق حصيلة ل «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وأعلن في وقت متأخر الجمعة هدنة تستمر 24 ساعة في العاصمة والغوطة الشرقية الواقعة على مشارفها ولمدة 72 ساعة في محافظة اللاذقية الساحلية بشمال البلاد. وكان مقرراً أن يصل كيري أمس إلى جنيف لإجراء محادثات مع دي ميستورا ووزيري الخارجية السعودي عادل الجبير والأردني ناصر جودة. وقال جون كيربي الناطق باسم الخارجية الأميركية، إن كيري عبر عن «قلق عميق» في اتصال هاتفي مع دي ميستورا ورياض حجاب. وصرح بأن كيري «قال بوضوح إن وقف العنف في حلب والعودة إلى وقف دائم (للأعمال القتالية) يشكل أولوية الأولويات». وأضاف أن كيري رفض تأكيدات روسيا والنظام السوري بأن الضربات في حلب تستهدف «جبهة النصرة» المجموعة الجهادية التي لا يشملها وقف إطلاق النار. وقال إن كيري «قال بوضوح إننا نحث روسيا على القيام بخطوات لوقف انتهاكات النظام، خصوصاً هجماته الجوية العشوائية في حلب». وتابع أن «نظام الأسد يواصل تصعيد النزاع باستهداف المدنيين الأبرياء وأطراف يشملها وقف الأعمال القتالية، وليس جبهة النصرة، كما يقول النظام خطأ». وقال إن «مثل هذه الهجمات تشكل انتهاكاً مباشراً لوقف (الأعمال القتالية) ويجب أن تتوقف فوراً». وأضاف كيربي أن «وزير الخارجية أكد في اتصاليه الهاتفيين أن الجهود الأولى لإعادة تفعيل وقف الأعمال القتالية في اللاذقية والغوطة الشرقية لا تقتصر على هاتين المنطقتين»، مؤكداً أن «الجهود لتجديد وقف (الأعمال القتالية) يجب أن تشمل حلب». وأكد كيربي: «نعمل على مبادرات محددة لخفض شدة المعارك والتوتر، ونأمل أن يحصل قريباً تقدم ملموس في هذه المبادرات»، من دون أن يوضح مضمون هذه المبادرات. وقال «المرصد» أمس، إن هدوءاً حذراً يسود حلب منذ الفجر «بعد 9 أيام من التصعيد المتواصل للقصف على مناطق سيطرة الفصائل ومناطق سيطرة النظام، بالطائرات الحربية والمروحية وقصف قوات النظام، وسقوط قذائف وأسطوانات متفجرة، حيث ارتفع إلى 253 عدد الشهداء المدنيين الذين تمكن المرصد من توثيق استشهادهم جراء تصعيد القصف على مدينة حلب خلال الأيام التسعة الفائتة، وفي المجازر المتتالية التي نفذتها الطائرات الحربية والمروحية والقذائف محلية الصنع وأسطوانات الغاز المتفجرة، وقصف قوات النظام على مناطق سيطرة الفصائل في المدينة، منذ فجر 22 نيسان». وأضاف أنه «وثق 253 مواطناً مدنياً بينهم 49 طفلاً دون سن ال18، و31 مواطنة فوق سن الثامنة عشرة، جراء قصف قوات النظام والضربات الجوية التي استهدفت مناطق سيطرة الفصائل بالأحياء الشرقية من المدينة، وقصف الفصائل الإسلامية والمقاتلة على مناطق سيطرة قوات النظام في الأحياء الغربية لمدينة حلب». وتابع أن بينهم «145 شهيداً بينهم 19 طفلاً و14 مواطنة استشهدوا جراء عشرات الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية على مناطق في أحياء الكلاسة، المغاير، الفردوس، الصاخور، المواصلات، المرجة، باب النيرب، طريق الباب، الأشرفية، بني زيد، العامرية، صلاح الدين، الزبدية، بعيدين، بستان القصر، طريق الكاستيلو، السكن الشبابي، الأنصاري، السكري، الصالحين، المشهد والحيدرية بمدينة حلب، كما أسفر القصف عن دمار وأضرار مادية في عشرات المنازل وممتلكات المواطنين والأبنية بالأحياء التي تم استهدافها، بالإضافة إلى إصابة عشرات المواطنين بينهم أطفال ومواطنات بجراح متفاوتة الخطورة». وأشار «المرصد» إلى قصف قوات النظام «مناطق في أطراف حي جمعية الزهراء غرب حلب، كما نفذت طائرات حربية عدة غارات على أماكن في ريف خناصر بريف حلب الجنوبي الشرقي، بينما قصف الطيران المروحي عدة براميل متفجرة على مناطق في خان العسل بريف حلب الغربي». وفي وسط البلاد، «دارت اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، ومقاتلين من فصائل إسلامية ومقاتلة من جهة أخرى، في أطراف حي الوعر بمدينة حمص، بينما نفذت طائرات حربية عدة غارات على مناطق في أطراف مدينة السخنة بريف حمص الشرقي، ترافق مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، في ريف جب الجراح بريف حمص الشرقي، وسط تقدم للتنظيم وسيطرته على نقاط في منطقة حويسيس الواقعة على بعد نحو 30 كيلومتراً إلى الشرق من جب الجراح، كذلك سقطت عدة قذائف على مناطق في ناحية جب الجراح الخاضعة لسيطرة قوات النظام بريف حمص الشرقي»، وفق «المرصد». وفي الجنوب، استمرت «الاشتباكات العنيفة بين جيش الإسلام من طرف، وفيلق الرحمن وفصائل مساندة له من طرف آخر، في بلدات المحمدية وبيت نايم ومسرابا، وسط استمرار منع مقاتلين من فيلق الرحمن وفصائل داعمة له مقاتلي فصيل متمركز بالقطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية، من التوجه نحو جبهات القتال فيها، كذلك تستمر الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في منطقة الركابية بالمرج في الغوطة الشرقية، في حين اتهمت منظمة إغاثية مقاتلي جبهة النصرة بمصادرة المئات من رؤوس الماشية، في الغوطة الشرقية واعتقال 5 من المشرفين عليها واقتياد الماشية إلى مناطق سيطرتهم في الغوطة الشرقية، بينما نفذ عناصر من الدفاع المدني بالغوطة الشرقية وقفة احتجاجية في الغوطة الشرقية تضامناً مع أهالي حلب واحتجاجاً على الاشتباكات بين كبريات الفصائل في الغوطة الشرقية»، وفق «المرصد». 43 فصيلاً أعلن 43 فصيلا مقاتلاً دعم موقف «الهيئة التفاوضية» تعليق المشاركة في المفاوضات الجارية في جنيف، معتبرين اتفاق وقف الأعمال العدائية في «حكم الميت عملياً». وأعلنوا رفضهم «مبدأ التجزئة والهدن المناطقية، ذلك أن أحد الأطراف الراعية للاتفاق مشارك وبشكل مباشر في جرائم الحرب المرتكبة في سورية». ونقل موقع «كلنا شركاء» عن بيان وقعه 43 فصيلاً قوله «إن جميع الفصائل الثورية ومنذ بداية اتفاق وقف الأعمال العدائية في 27 شباط (فبراير) الماضي كانت على يقين بأن النظام المجرم لن يلتزم بهذا الاتفاق نهائياً، وأنه يسعى جاهداً لنقضه بمساعدة حلفائه، ومن قبيل حرف الفصائل على التخفيف من معاناة الشعب السوري التزمت بالاتفاق التزاماً كاملاً». وأضاف بأن «خروق النظام للاتفاق ازدادت بشكل أكبر مع مضي الوقت، حيث أصبحت بشكل حرب مفتوحة شرسة لا هوادة فيها، وقصف مجنون وعشوائي ركز على الأحياء المدنية وارتكب العديد من المجازر بحق المدنيين، وخصوصاً في حلب... وبدلاً من إرغام النظام من الأطراف الراعية لهذا الاتفاق بالالتزام به ولجم جرائمه، بدأت التصريحات التي تبرر جرائمه تخرج من هنا وهناك، ولا سيما من روسيا وهي الطرف الرئيسي الراعي للاتفاق وتشارك النظام بشكل مباشر في جرائمه». وإذ أشار البيان إلى «نظام الصمت» الذي أعلن في ريفي اللاذقية ودمشق، أكد «رفض مبدأ التجزئة أو الهدن المناطقية، وأن الاعتداء على أي منطقة محررة بمثابة الاعتداء على المناطق جميعها، وللفصائل حق الرد في الزمان والمكان الذي تختاره»، لافتا إلى أن «اتفاق وقف الأعمال العدائية هو بحكم الميت عملياً، في ظل اشتداد القصف من النظام وحلفائه وارتكاب العديد من المجازر في شتى المناطق بحق المدنيين العزل والمنشآت الطبية والمدارس والمساجد». وإذ نوهت بموقف «الهيئة» بتعليق المفاوضات، حضت الفصائل على «الثبات عليه طالما أن البنود الإنسانية في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة لم تنفذ بشكل كامل، وخصوصاً إيقاف استهداف المدنيين بشكل تام، وفك الحصار عن المناطق المحاصرة بشكل تام ونهائي، والإفراج عن المعتقلين والمخطوفين والرهائن».