أصر الفلسطينيون أمس على رفض أي اقتراحات إسرائيلية لا تقضي بإعادة الأوضاع في الحرم القدسي الشريف الى ما كانت عليه قبل هجوم الجمعة الماضي، ورفضوا «حلاً وسطاً» يقضي بتركيب كاميرات حساسة على مداخل المسجد الأقصى بدلاً من البوابات الإلكترونية، فيما أكد الرئيس محمود عباس وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل حتى تتراجع عن إجراءاتها الجديدة. وتبحث الحكومة الإسرائيلية عن «مخرج مشرّف» وبدائل يقبل بها الفلسطينيون تحسباً لاحتمالات تفجر الأوضاع واندلاع انتفاضة ثالثة تأخذ طابعاً دينياً. في غضون ذلك، وقع حادث في السفارة الإسرائيلية في عمّان حيث أُصيب أردني وإسرائيلي بجروح حرجة قبل أن تُعلن وفاة الأردني. وأكد مسؤول أردني رفيع المستوى ل «الحياة» أن خلافاً وقع بين موظف أردني في أعمال الصيانة داخل السفارة وموظف إسرائيلي تطور الى اشتباك بالأيدي، فطَعن الأردني الموظف الإسرائيلي بسكين، قبل أن يُطلق عليه أمن السفارة النار. ومع دخول الهبة الفلسطينية يومها العاشر، سُجلت تحركات دولية لمعالجة الوضع المستعصي، إذ يعقد مجلس الأمن اليوم جلسة طارئة، بطلب من السويد والأردن ومصر، للبحث في خفض التصعيد في القدس، في حين تعقد الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية اجتماعاً طارئاً بعد غد. وحضت اللجنة الرباعية الدولية على ممارسة «أقصى درجات ضبط النفس، والامتناع عن الأفعال الاستفزازية، والعمل نحو تهدئة الوضع»، ورحبت بتطمينات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الى «احترام الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس». وكان لافتاً الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية التركي مولود تشاويش اوغلو بنظيره المصري سامح شكري أمس، وجرى خلاله التشاور في شأن الأوضاع المتردية في القدس في ضوء رئاسة تركيا لمنظمة التعاون الإسلامي. معلوم أن العلاقات الديبلوماسية مقطوعة بين البلدين بعد أن طردت مصر السفير التركي لديها وخفّضت التمثيل عام 2013. ودعا شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب هيئة كبار العلماء إلى اجتماع طارئ غداً لبحث انتهاكات الاحتلال تجاه الأقصى، كما حض البابا خلال عظته على الحوار والتهدئة من أجل استعادة السلام. فلسطينياً، ما زال الوضع على حاله: مئات المرابطين عند مداخل الأقصى وبوابات البلدة القديمة، يقيمون الصلوات في الساحات، خصوصا صلاتي المغرب والعشاء، في حين تشتد المواجهات مع قوات الاحتلال ليلاً. وفيما تواصل القيادة الفلسطينية اتصالاتها بأميركا وتركيا والأردن للبحث عن حل لإزالة الإجراءات الإسرائيلية في منطقة الحرم القدسي، أعلنت المرجعيات الإسلامية في القدس في ختام اجتماع أمس عقب وضع كاميرات حساسة على أحد مداخل المسجد، أنها ترفض كل ما وسائل «يؤدي إلى تغيير الواقع التاريخي والديني في القدس ومقدساتها». وتبحث حكومة نتانياهو عن «مخرج مشرّف» يتيح لها النزول عن الشجرة العالية التي تسلقتها عندما نصبت البوابات الإلكترونية، وسط الانتقادات الشديدة التي وجهتها اليها المعارضة ووسائل الإعلام بسبب استجابتة الحكومة لأجندة اليمين المتطرف، بموازاة احتدام الجدل بين الأذرع الأمنية في جدوى نصب البوابات الأمنية، وعدم استبعاد قادة عسكريين انتفاضة على خلفية دينية. في هذا الصدد، قال رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غادي أيزنكوت أمام مجندين جدد: «علينا الاستعداد دائماً لاحتمال حرب»، مشيراً إلى أن الأوضاع قابلة للانفجار في الضفة الغربية وعلى الحدود مع قطاع غزة. وتابع أن «سمات موجة الإرهاب الأخيرة لا تشبه سمات انتفاضة الأفراد (الدهس والطعن في القدس)، إنما هناك حوافز أخرى، هناك تأثيرات أخرى نابعة عن التأثير الديني». وفيما استخف وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بإعلان عباس وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، طرَح للمرة الأولى إعدام منفذ هجوم مستوطنة «حلميش» السبت الماضي، ودعمه في ذلك وزير الاقتصاد نفتالي بينيت، علماً أن القانون الإسرائيلي لا يجيز عقوبة الإعدام. كما شن ليبرمان حملة ضد رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل الشيخ رائد صلاح، متهماً إياه ب»التحريض وبث أكاذيب تتعلق بالوضع في المسجد الأقصى». وقال إنه يعمل لاعتقاله إدراياً وحظر حزب «التجمع الوطني» قانونياً.