فيما دعا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو «جميع الأطراف» إلى «ضبط النفس»، مؤكداً التزام حكومته «الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن الدينية في القدس لجميع أبناء الديانات الثلاث»، قام النائب المتطرف في حزبه «ليكود» موشيه فيغلين بزيارة استفزازية للمسجد ألأقصى المبارك أمس، بينما هددت النائب ميري ريغف (من حزبه) باقتراح قانون «لترتيب زيارة اليهود لجبل الهيكل (الأقصى)». في الوقت ذاته، صادقت الحكومة أمس، في محاولة لوقف «انتفاضة رشق الحجارة»، على تعديل قانون العقوبات، ليتيح للمحكمة سجن راشقي حجارة على مركبات مارة أو أفراد الشرطة حتى 20 عاماً. وقال نتانياهو في تصريحات لوسائل الإعلام في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية إن «قوات الأمن تعمل بحزم وصرامة ضد راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة في القدس من أجل استعادة الهدوء والأمن»، مضيفاً أنه أصدر تعليماته بتعزيز انتشار الشرطة في أنحاء القدس وتزويدها مزيداً من الوسائل لضمان بسط الحُكم والقانون». وأضاف: «نقف اليوم أمام محاولات منهجية ومتواصلة للتصعيد تقوم بها جهات إسلامية متطرفة تحاول إشعال نار دينية في القدس، حول جبل الهيكل، ومن خلالها إشعال الشرق الأوسط، وذلك بنشر ادعاءات عبثية كأننا نعتزم هدم المسجد الأقصى أو المس به، أو كأننا نعتزم منع المسلمين من الصلاة فيه». وقاطعه وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان ليدعي أن «رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) يقوم هو أيضاً بالتحريض والتصعيد». وتابع نتانياهو أن هذه الجهات «تستخدم كل الوسائل، من عنف كلامي وجسدي، في محاولة لمنع اليهود من زيارة جبل الهيكل، لكننا لن نسمح بذلك... وفي الوقت ذاته لن نغيّر الترتيبات الأمنية، بل نحن ملتزمون الحفاظ على الوضع القائم لجميع الديانات لمنع أي اشتعال في المسجد أو حوله». وزاد أن «المطلوب الآن هو تهدئة الوضع وضبط النفس». وأشار إلى أنه أجرى اتصالات في الساعات ال48 الأخيرة مع الجهات المختلفة بغية تهدئة الأوضاع، منها وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وكانت الناطقة بلسان وزارة الخارجية قالت مساء أول من أمس إن كيري طلب من نتانياهو بذل الجهد لتهدئة الأوضاع والامتناع عن أي أعمال أو تصريحات استفزازية. وأكدت تقارير إسرائيلية أن الولاياتالمتحدةوالأردن ألقيا في الأيام الأخيرة بكل ثقلهما من أجل كبح التصعيد في القدس في شأن الأقصى. وتوجَه نتانياهو في كلمته إلى أعضاء الكنيست جميعاً والوزراء «بأن لا نمنح المتطرفين بين أعدائنا حجة، وأدعوكم أن تنضموا إليّ للحفاظ على الترتيب القائم... هذا لا ينفي حقنا في زيارة الجبل، لكن ليس علينا أن نغير الترتيبات القائمة، أرجو الامتناع عن مبادرات خاصة أو تصريحات غير منضبطة، بالذات في هذه الأيام الحساسة التي يقع الشرق الأوسط كله تحت جرف الأصولية الإسلامية». فيغلين في الأقصى وكان مكتب نتانياهو أصدر بياناً مساء السبت جاء فيه أنه اتصل برئيس الكنيست يولي ادلشتاين طالباً منه التدخل لدى الأعضاء للمساهمة في التهدئة. لكن هذه الدعوات لم تمنع أكثر نواب «ليكود» تطرفاً موشيه فيغلين من القيام بزيارة استفزازية للمسجد الأقصى تحت حماية الشرطة التي منعت في الآن ذاته عدداً من المستوطنين المتطرفين من دخول الحرم. وقال إنه يتمنى الشفاء العاجل لصديقه المتطرف يهودا غليك الذي تعرض إلى محاولة قتل مساء الأربعاء الماضي، «ليكون الروح الحية وشعلة النار لعودة بني صهيون إلى أكثر المواقع قدسية لشعب إسرائيل». وأضاف أنه من دون سيطرة إسرائيل على «جبل الهيكل» لن تكون لها سيطرة على أي جزء من أرض إسرائيل. وزاد أنه لا يجوز أن يقوم يهودي بزيارة «الجبل» تحت حراسة الشرطة كأنه زائر، «فيما المسلمون يصِلونه دون حراسة كأنهم أصحاب البيت... لكننا سنغير هذا». من جهته، تهجم وزير البناء والإسكان من حزب المستوطنين «البيت اليهودي» اوري أريئل في صفحته على «فايسبوك» على الأردن لاتهامه إسرائيل بالتصعيد في القدس، وعيّر حكومتها بأنها «تنسى فضل إسرائيل التي كانت سنداً للملك الراحل حسين قبل عام 1967». وأضاف بلهجة تهديد: «جبل الهيكل والقدس هما تحت السيادة الإسرائيلية تماماً مثلما عمان تحت السيادة الأردنية، وعلى الحكومة الأردنية تذويت ذلك». في المقابل، عقد نواب حزب «العمل» الوسطي اجتماعاً دعوا فيه «للعودة إلى العقلانية والتعايش والتسامح في القدس، وبناء المدينة من خلال الحفاظ على نسيج الحياة الحساس، ومن خلال التبادل المحترم بين جميع سكان المدينة». ودعا أحد النواب رئيس الحكومة إلى الكف عن استخدام البناء في القدس «سلاحاً سياسياً وحزبياً». بيريز ينتقد نتانياهو في هذا الصدد، وجه الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز أول من أمس انتقاداً غير مباشر إلى حكومة نتانياهو، وحضها على تقديم خطة سلام مع الفلسطينيين، وذلك أمام أكثر من عشرة آلاف شخص تجمعوا في تل أبيب إحياء لذكرى اغتيال رئيس الوزراء السابق اسحق رابين. وقال إن «من تخلوا عن السعي إلى صنع السلام هم سذج، يعيشون في الوهم وليسوا وطنيين». وأضاف: «من المؤسف أن تكون مبادرة السلام الوحيدة عربية. أين مبادرة السلام الإسرائيلية؟... في العالم، الوقت ليس في مصلحتنا». في السياق ذاته، أقرت الحكومة تعديل قانون العقوبات قدمته وزيرة القضاء تسيبي ليفني بغية تشديد العقوبات على راشقي الحجارة على السيارات المارة أو عناصر الشرطة ليتيح للمحاكم إمكان سجن المدانين بهذه المخالفة حتى 20 عاماً. ويأتي هذا التعديل بناء لطلب الشرطة التي أعلنت أنها تقف عاجزة أمام أعمال الرشق بالحجارة التي يقوم بها يومياً فتية من القدس، وأن القانون لا يتحدث عن عقوبات واضحة بحق هؤلاء.