تعود العاصمة السعودية الأولى إلى الواجهة بعد إطلاق هيئة تطوير بوابة الدرعية، التي ستصيح علامة فارقة في المحافظة الوادعة التي اختلطت بالعاصمة الرياض، ومن نسيجها المتصل المنفصل. فمشروع هيئة تطوير بوابة الدرعية التي تفوق مساحتها 1.5 مليون متر مربع، والتي أمر بتطويرها خادم الحرمين الشريفين في الأوامر الملكية المعلنة برئاسة ولي العهد، تضم أضخم مشروع سياحي ثقافي حيوي، إضافة إلى أكبر متحف إسلامي في الشرق الأوسط. وعلى أطراف مشروع البوابة الجديدة، ستنشأ مدينة طينية تشمل مكتبة الملك سلمان وأسواقاً ومجمعات تجارية ومطاعم ومواقع احتفالات، وستكون مشروعاً حيوياً ومقصداً لسكان وزوار مدينة الرياض. فمحافظة الدرعية التي أصبحت متنفساً لسكان العاصمة الرياض، الذين قاربوا 6 ملايين نسمة، أصبحت مدينة تاريخية ترفيهية، تتفوق بمساحتها على الكثير من التجارب الإقليمية والعربية، وتنشر الراحة في أوساط العاصمة. ولعمقها التاريخي وبعدها الجغرافي، كانت بوابة الدرعية صورة نموذجية لمدينة تاريخية على أطراف المدينة الكبرى، ويجد فيها الزائر لمحة من المدينة القديمة التي اندثرت في ما سواها، فيما بقيت في أحياء لها مثل «الطريف» و«سمحان» محافظة على ألقها وصورة نمطها. وقدمت الدرعية تجربة ثرية في ساحة «البجيري» الذي ضم ميداناً واسعاً وعدداً من البحيرات الموزعة على جنبات الساحة الرئيسة، وأسفل وادي حنيفة، وعدداً متجاوراً من المحال التجارية ذات الشكل الأنيق الممزوج بين الهندسة المعمارية العصرية والنماذج التراثية القديمة المعروفة في منطقة الدرعية. وتضم تلك المحال نشاطات منوعة بين الترفية والتسوق، وستكون عبارة عن مقاهٍ وجلسات شعبية، مطاعم وجبات سريعة، أكشاك مأكولات خفيفة ومشروبات، دكاكين لبيع القطع التراثية والأثرية والهدايا وألعاب الأطفال، إلى جانب ذلك، تعتبر الساحة أيضاً ميداناً للعروض الفولكلورية والفعاليات الموسمي. وسيستقطع مشروع البوابة جزءاً من محافظة الدرعية التي تبلغ مساحتها نحو 2020 كيلومتراً مربعاً، ويقطنها نحو 73 ألف نسمة، وتبلغُ نِسبة السعوديين من إجمالي عددِ السكان في الدرعية نحو 65 في المئة. وتتبع الدرعية إدارياً لمنطقة الرياض، وهي المحافظة الأولى في المملكة، يحدها من الشمال محافظة حريملاء، ومن الجنوب محافظة ضرما، ومدينة الرياض، ومن الشرق مدينة الرياض، ومن الغرب حريملاء ومحافظة ضرما. وتمثل الدرعية رمزاً وطنياًَ بارزاً في تاريخ المملكة العربية السعودية، إذ ارتبط ذكرها بالدولة السعودية الأولى وكانت عاصمة لها، وشكلت منعطفاً تاريخياً في الجزيرة العربية، بعد أن ناصر محمد بن سعود دعوة التجديد الديني التي نادى بها محمد بن عبدالوهاب عام 1744، فأصبحت الدرعية قاعدة الدولة ومقر الحكم والعلم، واستمرت كذلك إلى أن اختار تركي بن عبدالله الرياض مقراً جديداً للحكم وذلك عام 1824. واستمرت الدرعية المدينة الأشهر في جزيرة العرب خلال القرنين ال12 وال13 الهجريين (ال17 وال18 الميلاديين)، وظلت مشهورة حتى سنة 2010، عندما أعلنت منظمة الأممالمتحدة للعلوم والتربية والثقافة أن حي الطريف في مدينة الدرعية موقع تراث عالمي. وبايع أهل الدرعية الملك عبدالعزيز بن سعود في ال14 من كانون الثاني (يناير) 1902، وشارك منهم ستة رجال من أصل 60 في دخول مدينة الرياض مع الملك عبدالعزيز، وتأسست إمارة الدرعية في عهد الملك عبدالعزيز، ثم تحولت إلى محافظة بعد صدور نظام المناطق عام 1412ه، وأضيف إليها مركز العيينة والجبيلة، والعمارية، وسلطانة، وسدوس، وحزوى، وبوضة.