أحبط الجيش المصري محاولة لسيطرة مسلحين من تنظيم «داعش» على منطقة البرث جنوب مدينة رفح، شمال سيناء، وصد هجوماً كبيراً لعشرات من مسلحي التنظيم ظهر من تفاصيله أنه خُطط له بعناية وكان يهدف إلى إخلاء المنطقة من التواجد العسكري واحتلالها ورفع علم التنظيم عليها. وأسفر الهجوم في حصيلة مبدئية أعلنها الجيش عن مقتل 40 مسلحاً من «داعش» تناثرت جثثهم في مناطق صحراوية، فيما نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر أمنية أن خسائر الجيش المصري كانت 23 قتيلاً وأكثر من 30 مصاباً سقطوا في الهجومين اللذين استهدفا نقاطاً عسكرية في سيناء أمس. واستخدم المهاجمون أكثر من سيارة مفخخة في الهجوم، الذي يعتبر الأكبر الذي يشنه مسلحو «داعش» في شمال سيناء منذ هجمات الشيخ زويد في تموز (يوليو) من العام 2015. وتعهدت السلطات المصرية ب «النيل من كل من نفذ وخطط وموّل وتستر وبرر» هذا الإرهاب. وقال المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد تامر رفاعي في بيان، إن «قوات إنفاذ القانون في شمال سيناء نجحت في إحباط هجوم إرهابي للعناصر التكفيرية على بعض نقاط التمركز جنوب رفح، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 تكفيرياً وتدمير ست عربات»، لافتاً إلى تعرض قوات إحدى النقاط لانفجار عربات مفخخة أدت إلى استشهاد وإصابة عدد من أبطال القوات المسلحة، وجارٍ تمشيط المنطقة ومطاردة العناصر الإرهابية. وأشار الجيش إلى مواصلة القوات عمليات تمشيط المناطق المتاخمة لمحيط الهجوم الإرهابي، الذي عاونت القوات الجوية في التصدي له. وقالت القوات المسلحة إنه عقب وقوع الهجوم الإرهابي وحدوث عملية لتبادل إطلاق النار، بدأت القوات على الفور عمليات التمشيط، بهدف القضاء على بقية العناصر الإرهابية التي فرت هاربة في مناطق الزراعات والدروب الصحراوية في المنطقة. وتحركت عناصر الدعم لمعاونة أعمال قتال القوات داخل نقاط الارتكاز الأمني بمشاركة عدد من الطائرات المقاتلة وتمكّنت من حصر وتدمير العناصر الإرهابية، التي ارتدت ملابس شبه عسكرية، وإصابتها إصابات مباشرة وتكبيدها خسائر فادحة. تشابه مع هجمات سابقة وتشابه الهجوم في آليات تنفيذه والقوة النيرانية التي استخدمها الإرهابيون وعدد المهاجمين وعتادهم مع هجوم الشيخ زويد في تموز (يوليو) من العام 2015، الذي قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إنه كان يهدف إلى إعلان «ولاية سيناء». وقال شهود عيان في شمال سيناء ل «الحياة» إن أهالي في رفح أبلغوهم بأن جثامين القتلى في صفوف الإرهابيين تناثرت في المناطق الصحراوية، نتيجةَ قصف المروحيات العسكرية تجمعات الإرهابيين الفارين في أعقاب الهجوم، الذي بدا أنه كان يهدف إلى إخلاء منطقة البرث من الوجود العسكري تمهيداً للاستيلاء عليها. وشنت سيارات عدة تُقل متطرفين مدججين بالسلاح أتت من جنوب رفح هجمات على نقاط عسكرية عدة في المنطقة، واستخدمت سيارات مفخخة في الهجوم على «معسكر الصاعقة» الأكثر تحصيناً وتسليحاً في المنطقة، واستشهد في الهجوم قائد المعسكر العقيد أحمد المنسي. وأفيد بأن قوات الدعم التي توجهت إلى النقاط الأمنية تحت الهجوم لدعمها واجهت تحدي العبوات الناسفة المزروعة في طريقها. ومنع تشبث ضباط الجيش المصري وجنوده بنقاطهم العسكرية مسلحي «داعش» من السيطرة عليها قبل أن تأتي قوات الدعم، وربما كان هدف المتطرفين الاستيلاء على مخازن أسلحة وذخيرة تلك النقاط. ومع وصول قوات الدعم من القوات البرية ودخول القوات الجوية ساحة المعركة تكبد الإرهابيون خسائر فادحة، وافترشت جثثهم ساحات المواجهة، فاضطر المتبقون إلى الفرار حتى من دون سحب قتلاهم. وأفيد بأن عدداً كبيرا من الإرهابيين قتلوا في مناطق بعيدة نسبياً من مواقع المواجهة بعد مطاردة القوات الجوية الفلول الفارة، وأن عبوات ناسفة كان المتطرفون زرعوها في طريق تحرك قوات الجيش انفجرت في سياراتهم جراء عشوائية الانسحاب من موقع الهجوم، ونشر الجيش مقاطع مصوّرة أظهرت عشرات الجثث من مسلحي «داعش» متناثرة في الصحراء بعد قصف جوي لسياراتهم أثناء فرارهم. وأتى الهجوم بعد فترة طويلة من الهدوء الميداني في شمال سيناء، وفي وقت بسط الجيش سيطرته على المناطق الجنوبية لمدينتي رفح والشيخ زويد التي ظلت ملاذاً آمناً للمتطرفين لفترة، كما أنه نُفذ فيما تنخرط قبائل في شمال سيناء في قتال مسلحي «داعش» بتنسيق مع الأجهزة الأمنية. وبدا أن «داعش» أراد إيصال رسالة بأنه لا يزال قادراً على شن هجمات كُبرى في شمال سيناء على رغم الطوق المُحكم الذي يفرضه الجيش والقبائل على مناطق طالما استخدمها التنظيم للانطلاق في شن هجماته. إدانات إقليمية ودولية وبعث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح برقية تعزية إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، في ضحايا الهجوم عبّر فيها عن خالص تعازيه وصادق مواساته، واستنكار دولة الكويت وإدانتها الشديدة هذه الأعمال الإجرامية الشنيعة التي استهدفت زعزعة الأمن والاستقرار في مصر. ودانت وزارة الخارجية في البحرين بشدة الهجوم الإرهابي معربة عن بالغ التعازي وصادق المواساة لشعب مصر وأهالي الضحايا وذويهم. وأكدت موقف المملكة الثابت والداعم مصر في حربها ضد الإرهاب والمتضامن تماماً معها في ما تتخذه من إجراءات لتعزيز الأمن وترسيخ الاستقرار. ودانت السفارة الأميركية في القاهرة الاعتداء، وقال حساب السفارة على موقع «تويتر»: «هجوم إرهابي شنيع آخر في مصر. تقف الولاياتالمتحدة مع مصر ضد الإرهاب». ودان مجلس الوزراء المصري الهجوم، مشيداً بشجاعة رجال القوات المسلحة في التصدي له، وقتل عدد كبير من العناصر التكفيرية الآثمة، وتدمير جانب من العربات التي كانت تقلهم. ونعى رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل ضحايا الهجوم من رجال القوات المسلحة، وثمّن التضحيات التي يبذلونها في سبيل الذود عن حدود الوطن وحماية أمن المواطنين. وأكد ضرورة تكاتف جهود دول العالم في مواجهة الإرهاب، بما يساهم في وضع حد للدول الداعمة له، ومحاصرة عناصره الإجرامية، وتجفيف منابع تمويله، وتقويض قدرته على تنفيذ مخططاته الخبيثة، التي ترفضها الشرائع السماوية وتتنافى مع كل القيم الإنسانية. كما دان المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد الهجوم. وقال: «مع كل قطرة دم ينزفها شهيد نزداد إصراراً على دحر الإرهاب. معركتنا ضد من استباحوا الدم الطاهر ستنال من كل من نفذ وخطط وموّل وتستر وبرر». ونعت دار الإفتاء «الشهداء»، وأشادت بيقظة القوات المسلحة في مواجهة التنظيمات الإرهابية، داعية إلى ضرورة تكثيف توجيه الضربات الاستباقية الناجحة ضد التنظيمات الإرهابية. إلى ذلك، اغتال مسلحون ضابطاً في الأمن الوطني في وزارة الداخلية في محافظة القليوبية المتاخمة للقاهرة. وقالت وزارة الداخلية في بيان: «تبلغ للخدمات الأمنية في مركز شرطة الخانكة في القليوبية قيام مجهولين يستقلون دراجة نارية بإطلاق أعيرة نارية تجاه الملازم أول إبراهيم عزازي من قوة قطاع الأمن الوطني أثناء خروجه من محل إقامته متوجها للمسجد لأداء صلاة الجمعة، ما أسفر عن استشهاده، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلى مكان الواقعة وجارٍ تكثيف الجهود للوقوف على ملابساتها». وقطاع الأمن الوطني هو الجهاز المعني بمحاربة الإرهاب والتطرف في وزارة الداخلية، وغالباً ضباطه لا يكشفون هوياتهم، ولا انتماءهم للجهاز، وذلك ضمن إجراءات تأمين أفراده، لحساسية نشاط عملهم.