تجدّد التوتر بين أنقرةوبرلين أمس، بعد رفض ألمانيا طلباً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعقد لقاء جماهيري مع أتراك مقيمين على أراضيها، وألمان من أصل تركي، وذلك على هامش مشاركته في قمة الدول العشرين الشهر المقبل. وقال وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل إنه أبلغ نظيره التركي مولود جاويش أوغلو قبل أسابيع أن بلاده «تعتقد بأن ذلك ليس فكرة جيدة»، مستدركاً أن أنقرة طلبت إذناً رسمياً الأربعاء للسماح لأردوغان بإلقاء خطاب أمام أتراك مقيمين في ألمانيا. وأضاف: «نقول لتركيا إننا مقتنعون بأن هذا الظهور في ألمانيا ليس ممكناً. السيد أردوغان ضيف مهم في مجموعة العشرين، وسنستقبله بكل ترتيبات التشريف. لكننا نعتقد بأن أي شيء يتجاوز ذلك، ليس مناسباً في هذه المرحلة، نظراً الى حالة الصراع القائمة مع تركيا، وأنه لن يتناسب مع المشهد السياسي في هذا الوقت». وأشار الى أن ألمانيا لا تريد استيراد مشكلات دولة أخرى، لافتاً الى أن الشرطة ستركّز جهودها على قمة العشرين. اما رئيس الحزب الديموقراطي الاشتراكي الألماني مارتن شولتز، وهو رئيس سابق للبرلمان الأوروبي، فشبّه أردوغان ب «حاكم مستبد»، قائلاً: «بعضهم في مجموعة العشرين يتصرّف مثل حكام مستبدين: الرئيس التركي أردوغان والرئيس الروسي (فلاديمير) بوتين وكذلك الرئيس الأميركي (دونالد) ترامب». وأضاف أن «زعيماً يضع تحت قدميه كل معايير الاتحاد الأوروبي، لا يمكن السماح له بمخاطبة حشود في بلادنا. لا يمكن السماح لأردوغان الذي يحبس صحافيين ومعارضين في بلده، بأن يخاطب الجمهور على أرضنا». ورأى أن على أوروبا أن تكون أكثر قوة في مواجهة ضعف الديموقراطية في مناطق أخرى. وأسِف الناطق باسم الخارجية التركية حسين مفتي أوغلو لتصريحات «ساسة ألمان»، عزاها إلى «حسابات سياسة داخلية»، واعتبر أنها «تحمل ازدواجية معايير»، مؤكداً أنها مرفوضة. وندد بتصريحات شولتز، قائلاً: «منهج الشخص الذي كان رئيساً للبرلمان الأوروبي يُبرز مجدداً الوجه الحقيقي للعقلية التي نواجهها وازدواجية معاييرها». وكانت الصحافة التركية تناولت على مدى الأسبوع الماضي مساعي أنقرة لاستئجار قاعة ضخمة يلتقي فيها أردوغان أتراكاً في مدينة هامبورغ الألمانية التي ستستضيف قمة العشرين، في 7 و8 تموز (يوليو) المقبل. وذكرت الصحف أن أكثر من فندق وقاعة رفضوا استقبال أردوغان، بحجج مختلفة، قبل أن يحسم الرفض الرسمي من الخارجية الألمانية الجدل في هذا الصدد. كما تحدث الإعلام التركي عن مصاعب تواجه فريق أردوغان، في التحضير للمشاركة في القمة، بعد إبلاغ السلطات الألمانية أنقرة رفضها استقبال أي حارس شخصي للرئيس من الذين أصدرت الولاياتالمتحدة مذكرات لتوقيفهم هذا الشهر، بتهمة الاعتداء على أميركيين أمام السفارة التركية في واشنطن، خلال زيارة أردوغان العاصمة الأميركية الشهر الماضي. ويسود توتر وفتور العلاقات التركية – الألمانية، تفاقم خلال تصعيد أنقرة لهجتها ضد الحكومات الأوروبية، أثناء حملة الاستفتاء على النظام الرئاسي في تركيا، خلال نيسان (أبريل) الماضي. وزادت الأمور تعقيداً بعد إعلان جهاز الاستخبارات الألمانية أن أنقرة تستخدم أئمّة اتراكاً في ألمانيا للتجسس على الاتراك في أراضيها. واضطُرت أنقرة لسحب عدد منهم، لكن وسائل إعلام ألمانية نقلت الأسبوع الماضي عن مصادر أمنية ألمانية إن عملاء للاستخبارات التركية يتجسّسون أيضاً على نواب في البرلمان الألماني. في المقابل، تتهم أنقرةبرلين بالتحوّل نقطة تجمّع لجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، اذ تضمّ أضخم عدد من اللاجئين السياسيين من جماعته، والذين فرّوا من تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز الماضي. وترفض ألمانيا تسليم هؤلاء، معتبرة أن لا ضمان بأن يواجهوا محاكمة عادلة في تركيا.