تثير الثقافة الشرقية والعربية في شكل خاص فضول الأوروبيين، ولا يختلف الألمان عن ذلك، فنرى المئات بل الآلاف منهم يشدون الرحال نحو الشرق للتعرف الى هذه الثقافة، سواء عبر رحلة قصيرة أو عبر الانتقال للعيش هناك سنوات أو حتى مدى الحياة. وللوصول إلى معلومات عن البلدان العربية، بدأت قبل أكثر من عقد تحركات إعلامية في محاولة لتحقيق التواصل بين البلدان العربية وألمانيا، عبر عدد من المواقع الإلكترونية التي تتناول الحوادث في المنطقة ومختلف العادات والتقاليد، بالإضافة إلى التحليلات الاجتماعية والسياسية. ومن أهم هذه المواقع «قنطرة» الألماني للحوار مع العالم الإسلامي الذي ينشر مقالات وتحليلات وأخباراً باللغات العربية والألمانية والإنكليزية، والذي قال عنه مديره لؤي: «أنشئ موقع قنطرة في العام 2003 بهدف دعم الحوار بين العالمين العربي والإسلامي والعالم الأوروبي، وهو فكرة ديبلوماسيين ألمان، لإيمانهم بأن الإعلام لم يكن في ذلك الوقت يغطي العالم الإسلامي بعمق. وهو ممول من وزارة الخارجية الألمانية». وأضاف: «جاءت الفكرة بعد حوادث 11 أيلول (سبتمبر)، حين ركز الإعلام العام والتجاري في أوروبا على كل السلبيات في العالمين العربي والإسلامي وتجاهل الإيجابيات. هذا الموقع يسعى إلى الابتعاد عن الفكر التصادمي، ينشر فيه كتّاب من العالم الإسلامي وكذلك من ألمانيا، فاق عددهم منذ تأسيس الموقع 500 كاتب. وتمت ترجمة آلاف المقالات إلى لغات مختلفة لتصل إلى عدد كبير من الناس حول العالم». ويواصل المدهون: «نحاول أن نطرح القضايا من أكثر من زاوية، من خلال التحليلات ونقل الصورة الأكثر عمقاً، بالإضافة إلى خلق أرضية لحوار بنّاء من دون أي نظرة فوقية. وهدفنا الوصول إلى كل من هو مهتم بالتواصل مع الآخر، سواء في أوروبا أو ألمانيا أو في العالم الإسلامي، وكذلك الشباب والباحثين». وعن محتوى الموقع قال: «نطرح القضايا والأفكار التي تخدم الحوار، وننقل المعلومات وندعمها بخلفيات عميقة. نعطي المجال لنشر أفكار جديدة، قد تكون تقدمية أو محافظة، ومن المهم لدينا النقد». وأكد المدهون أن الموقع ليس صحافة نخبوية، «فنحن نحرص على أن تكون المقالات مكتوبة بلغة مفهومة، من غير أن تستخف بذكاء القارئ. ونرفض المقالات التي تتضمن تحريضاً أو رفضاً للآخر». هل بالإمكان أن يصلح الصحافي ما يقوم به السياسيون؟ أجاب المدهون: «على الصحافي أن يفهم الواقع، ينقله، يفعل المشاركة فيه، فهو لا يستطيع أن يصلح ما أفسدته السياسة، لكنه يوجِد مساحات للتفاهم والحوار وتقريب وجهات النظر. يقدم موقع «قنطرة» مساهمة لتغيير الصورة النمطية، ولكننا لا نستطيع أن نقف في وجه الإعلام التقليدي الضخم الذي يؤثر في صنّاع القرار في ألمانيا». «الشرق» أسس ثلاثة طلبة ألمان يدرسون العلوم السياسية ويعيشون في الشرق الأوسط موقع «الشرق» عام 2005 كمنصة للأخبار والتحليلات وما لا يغطيه الإعلام الألماني من حوادث. «لاحظنا خلال وجودنا في البلدان العربية أن الإعلام الألماني يتناول المواضيع والحوادث التي نراها بأعيننا في لبنانوفلسطين وغيرهما من البلدان بطريقة فيها الكثير من الصورة النمطية، من هنا جاءت فكرة تأسيس الموقع»، كما قال كريستوف دنكل أكر، أحد مؤسسيه. وسرد أمثلة على ذلك: «عمدنا إلى تغطية الحرب في لبنان عام 2006، كذلك ما يحدث في غزة وتأثيره في حياة الناس هناك من نواح مختلفة. كذلك نترجم مصادر صحافية عبرية وفارسية وعربية وكردية إلى الألمانية ليتسنى للألمان التعرف إلى مختلف وجهات النظر». تمول الموقع جمعية، أتاحت له أن ينشر أكثر من 2500 مقال لأكثر من 200 كاتب من خلفيات ثقافية مختلفة وبلغات مختلفة تترجم كلها إلى الألمانية. ويرى كريستوف دنكل أكر أن الموقع ساهم في تغيير الصورة النمطية من خلال الكتابة والتعلم والسفر، لدى أشخاص هم لاعبون مهمون في محيطهم من طلبة وسياسيين وباحثين، «ونحن نستهدف عادة الأشخاص الذين تربطهم بهذه المنطقة صلة عبر الدراسة أو الصحافة أو العمل أو حتى الحياة الخاصة». وعن الانتقادات قال: «نتلقى بعض الانتقادات، ولكن عندما يعلم أصحابها أننا استقينا المعلومات من مصادرها. كما أن الكثير من الكتاب ومديري الموقع يعيشون في المنطقة. وأكثر هذه الانتقادات تأتي من فلسطين واسرائيل والأشخاص الذين يعيشون تحت حكم داعش».