لفت الفنان الشاب محمد فهيم الأنظار، عبر تجسيده دور المفكر الإخواني سيد قطب ضمن حوادث الجزء الثاني من مسلسل «الجماعة 2» من تأليف وحيد حامد وإخراج شريف البنداري، حيث تقمص فهيم تلك الشخصية في شكل بارع حاز إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء. وأظهر الدور موهبة حقيقية يمتلكها فنان ينتظره مستقبل مبشر في عالم التمثيل. بدأ فهيم حياته الفنية في سن مبكرة أثناء دراسته في جامعة القاهرة التي توج فيها على مدار ثلاث سنوات متتالية بجائزة أحسن ممثل، وتخرج فيها لينطلق إلى العالم الرحب للفن. وعلى رغم أدواره الصغيرة، إلا أن موهبته كانت واضحة عبر أعمال عدة. «الحياة» التقت فهيم الذي تحدث عن مسيرته الفنية ودوره الأخير في مسلسل «الجماعة»، قائلاً: «قدمت أعمالاً كثيرة بين السينما والتلفزيون منها دور إسماعيل ياسين في مسلسل «الشحرورة «، بينما حظي دوري في «الكبير قوي» بإعجاب الجمهور وعلق في أذهانه، وشاركت أيضاً في «البلطجي» مع آسر ياسين، و «بنات سوبر مان» الذي عرض خلال العام الماضي». وأضاف: «اشتركت في ورش مسرحية لإعداد الممثل في مسارح الدولة وقصور الثقافة، وأخرى في مركز الإبداع الفني حيث قدمنا «قهوة سادة» التي حازت نجاحاً، كما مثلت مسرحية «فرجيل» و «أنا هاملت»». عُرف عن فهيم أداؤه الاستكشات لكبار نجوم الكوميديا بينهم إسماعيل ياسين وشكوكو، وسئل حول كيفية اختياره لتجسيد شخصية تاريخية معروفة وسجالية كسيد قطب، على رغم غلبة الطابع الكوميدي على أدواره، فأجاب: «لست ممثلاً كوميدياً فقط، تدربت على أداء كافة الأدوار، إضافة إلى إجادتي الرقص والغناء والتمثيل، وعوضت هذا الشق عبر أعمالي المسرحية. أدوار البطولة والتراجيديا ليست غريبة عني بل قدمتها على خشبة المسرح، وحصلت على جائزة دولية عن أدائي شخصية هاملت التي تعد من أصعب أعمال شكسبير، إذ نافست في تلك المسابقة 45 دولة أجنبية فيما كانت لجنة التحكيم من الأجانب والأوروبيين، لكنّ الجمهور قد لا يعلم هذا الأمر لكون المسرح لا يمتلك القاعدة الجماهيرية المتوافرة للأعمال السينمائية والتلفزيونية». وكشف فهيم عن كواليس ترشيحه ل «الجماعة» قائلاً: «رشحني الكاتب الكبير وحيد حامد لتجسيد سيد قطب وهو أحد الأدوار المهمة والرئيسة، وأبديت موافقتي ومن ثم بدأنا التحضيرات، ولا أعلم أسباب اختياري، ولكن علمتُ من أحدهم أن وحيد حامد اقتنع بي في الأدوار الجادة بعدما رأى أحد مشاهدي في مسلسل «أفراح القبة» حين دخلت صالة الملهى الليلي باكياً وأنعي لهم خبر وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. أما المخرج شريف البنداري فهو من متابعي المسرح وشاهدني سابقاً عبر عروض مسرحية عدة، لذا فإنه يعلم إمكاناتي ولديه يقين من قدرتي على أداء هذا الدور». وعبّر الفنان الشاب عن سعادته لنجاحه في تجسيد قطب قائلاً: «لمست رد الفعل الإيجابي للجمهور قبل عرض المسلسل، عند عرض الإعلان الترويجي للمسلسل الذي ظهرت من خلاله عبر 20 ثانية فقط». وحول كيفية استحضاره التفاصيل الشكلية والشخصية لقطب، قال: «وصلت الى معرفة تفاصيل شخصية سيد قطب من خلال قراءة أهم مؤلفاته منها «معالم في الطريق» و «التصوير الفني في القرآن»، ورواية «أشواك» وديوان شعر سيد قطب، كما تصفحت جزءاً من كتابه «في ظلال القرآن». تعرّفت أولاً الى طريقة تفكيره، وتعبيراته عن الأشياء لاسيما أن أعماله التي قرأتها تحمل اتجاهات عدة ومختلفة منها الديني والشعري والرومنطيقي. صرتُ أدرك الطريقة التي يعبر بها والمفردات التي يستخدمها، ما ساعدني في أن أتوصل إلى انطباعاته عن الأشياء وأن استخدم المفردات اللغوية الملائمة، لاسيما أنه كان أديباً وامتلك لغة عربية قوية. قرأت عن بعض الأشخاص الذين تأثر بهم فكرياً منهم ابن تيمية، وعباس العقاد الذي كان قطب أحد تلاميذه في الأدب». وأضاف: «لقد طالعت عبر اليوتيوب دروساً وخطباً لأخيه محمد قطب لكونه الأقرب اليه والأكثر تأثراً بفكره، وتشبعاً بخطاباته وكتاباته، ثم اطلعت على أفكار المؤيدين لأفكاره وآخرين معارضين له إضافة إلى قراءتي كتباً في علم النفس حول الشخصية. وفي النهاية، قرأت سيناريو العمل لأنني أردت أداء الشخصية في شكل حيادي، من دون أن أكون سطحياً أردد ما كتبه المؤلف فقط، بل ابتغيت معايشة الشخصية قبل أدائها. لكونها تاريخية وليست من وحي الخيال ما يحتم الاستعداد لها». وأكد فهيم أنه لم يخش أن يواجه حملة هجوم من أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين»، لتجسيده شخصية أثيرة بالنسبة اليهم وأحد رموزهم، ولم يتردد لحظة في قبول العمل. واعتبر محمد فهيم أن دور سيد قطب بمثابة فرصة كبيرة لتقديم نفسه الى الجمهور في شكل جديد مختلف عن الشكل الكوميدي المعتاد، موضحاً أن الدور مستفز تمثيلياً لأي فنان. وأمل بأن يشكل قفزة في مشواره الفني بل يراه اختصر عليه كثيراً من الخطوات وجاء في الوقت المناسب. وربما يكون بداية للتنوع والاختلاف في الأدوار التي سيجسدها مستقبلاً. مؤكداً قبوله لكل الأدوار سواء كوميدية أو جادة، لكن المهم أن يكون العمل ذا فكرة وسيناريو راقٍ وجيد. وتابع فهيم بالقول: «تلقيت عروضاً عدة خلال الفترة الماضية اعتذرت عنها جميعاً لانشغالي بتصوير سيد قطب الذي لم أستطع التفكير في شيء آخر سواه لاسيما أن هذا الدور أرهقني شخصياً، وأعتقد أن تخلصي من حالة تقمصه سيكون صعباً وقد يستغرق وقتاً».