وصلت الخلافات بين متمردي «الحركة الشعبية- الشمال» التي تقاتل الحكومة في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق مرحلة اللاعودة، إذ قرر كل من رئيس الحركة مالك عقار والأمين العام ياسر عرمان التنحي وتسليم الدفة إلى قيادة موقتة لحل الأزمة. واتهم عقار نائبه عبدالعزيز الحلو بالتخطيط للانقلاب عليه وتنصيب نفسه رئيساً، وحمّله مسؤولية الاقتتال بين تيارات الحركة في النيل الأزرق، حيث سقط ضحيتها المئات. وبعث عقار برسالة سرية إلى قيادات الحركة والجيش الشعبي والإدارات المدنية في المنطقتين واللجان المتخصصة ورؤساء المكاتب الخارجية، حصلت «الحياة» على نسخة منها. وجاء في الرسالة أن الحلو أرسل مجموعة إلى جبال النوبة الأسبوع الماضي، لعقد اجتماع لمجلس التحرير المعيَّن، لاتخاذ قرارات تشمل تعيين رئيس جديد للحركة وقيادة جديدة ومساعدين. وعُرض على الحلو تنحيه مع عرمان وتعيين قيادة موقتة تنظم المؤتمر العام للحركة الشعبية، على أن يتم تشكيل تلك القيادة وفق الأقدمية في المجلس القيادي الحالي، مع اشتراط عدم ترشح الثلاثة (عقار، عرمان والحلو) لأي موقع تنفيذي في أي مؤتمر قادم للحركة الشعبية. وذكر عقار أنه على رغم تقديم الحلو استقالته منذ آذار (مارس) الماضي، لكنه ظل يمارس عملاً متصلاً لإحداث انشقاق داخل الحركة ومقاتليها وتنصيب نفسه رئيساً للحركة الشعبية، ورفض كل الاجتماعات والوساطات الداخلية والخارجية وظل يلتقي بكادر الحركة الذي يعمل معه لإحداث انقلاب داخل أجهزة الحركة، وحاول بشدة استخدام التناقضات الإثنية والقبلية وظهرت نتائج ذلك في النيل الأزرق، مشيراً إلى أن نتيجة ذلك هي إضاعف الحركة الشعبية والانزلاق الى اقتتال داخلي. وحمل عقار الحلو مسؤولية اقتتال فرقاء الحركة الشعبية في النيل الأزرق. وقال إنه منذ تقديم الحلو استقالته حاول التعامل مع قبائل بعينها وعزل أخرى، وحاول تحريض مجموعة «الأودك» لتبني حق تقرير المصير والانضمام إلى جنوب السودان. وانتهت تحركات الحلو الى اقتتال داخلي في المنطقة. في سياق متصل، قدرت منظمات محلية تعمل في الحقل الإنساني بمناطق الحركة الشعبية في ولاية النيل الأزرق عدد ضحايا الاشتباكات التي وقعت بين فصائل الحركة خلال الفترة الماضية بأكثر من 500 بين قتيل وجريح. وأوردت إحصاءات أجرتها منظمات تعنى برعاية اللاجئين أن الأوضاع الإنسانية مرشحة لمزيد من التدهور عقب فرار إعداد كبيرة من مخيمات اللاجئين في النيل الأزرق التي شهدت الاشتباكات، إضافة إلى وجود معلومات عن استعدادات فصائل قبلية متنافسة لاستئناف القتال. من جهة أخرى، اقترح الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة خفضاً كبيراً لقوتهما المشتركة في إقليم دارفور حيث تنتشر منذ 10 أعوام وتكلّف بليون دولار سنوياً. وأوصى تقرير أممي - أفريقي مشترك رُفع الى مجلس الأمن بخفض عديد القوة بنسبة 44 في المئة وعديد الشرطة بنسبة 30 في المئة. وسيبحث المجلس هذه المسألة الأسبوع المقبل. وسيتيح هذا الخفض لقوة تضم حالياً 17 الف عنصر وتُعتبر من الأكبر والأكثر كلفة، توفير عبء على موازنة الأممالمتحدة لعمليات حفظ السلام، بموازاة رغبة الولاياتالمتحدة في تقليص مساهمتها. وسيصبح عديد العسكريين 8735 جندياً وعناصر الشرطة 2360، وسيتم ذلك على مرحلتين تستغرق كل منهما 6 أشهر، بينما يشير التقرير إلى تحسن الوضع الأمني في اقليم دارفور. إلى ذلك، أعلن الرئيس المشترك لطاولة الحوار الوطني في دولة جنوب السودان، أنجيلو بيدا، أنه لن يسمح لنائب الرئيس السابق وزعيم التمرد رياك مشار بالمشاركة في مبادرة الحوار، إلا في حالة تنديده بالتمرد. وطلب من الرئيس سلفاكير ميارديت السماح لمشار بالعودة الى جوبا. وأضاف: «نحن لا نقول إن مشار لا ينبغي أن يشارك في الحوار، وليس هذا موقفنا، ولا نحدد مَن يشارك ومن لا يشارك في العملية، مهمتنا تسهيل الحوار فقط من خلال ضمان مشاركة أصحاب المصلحة بطريقة أكثر شمولية وشفافية». في شأن آخر، كشف تقرير صادر عن الاتحاد الأفريقي أن حركة متمردي «جيش الرب» الأوغندية ما زالت تعمل في 3 دول أفريقية، منها جنوب السودان. وأعرب عن مخاوفه من إمكان تجدد نشاطها. وذكر تقرير قدمه رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد، أن «جيش الرب للمقاومة يملك وجوداً نشطاً في جمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديموقراطية وأجزاء من جنوب السودان حيث يواصل شن الغارات وعمليات النهب والتعذيب وخطف المدنيين واحتجازهم، فضلاً عن نهب العاج من حديقة غارامبا الوطنية في جمهورية الكونغو والمعادن حتى يحافظ على وجوده ووجود جوزيف كوني».