بعد ثمانية أشهر على بدء العملية العسكرية الواسعة لاستعادتها، دخلت «قوات سورية الديموقراطية» مدينة الرقة، معقل «تنظيم داعش» وعاصمته المفترضة، معلنة بدء «المعركة الكبرى» لتحرير المدينة. وتزامن مع تحركاتها قيام القوات النظامية السورية بدخول الرقة أيضاً من ناحية محافظة حلب المجاورة، حيث انتزعت السيطرة على قريتين من «داعش». ويأتي تقدم «سورية الديموقراطية»، مدعومة بقوات «التحالف الدولي» بقيادة أميركا، وتقدم القوات النظامية وحلفائها مدعومة من روسيا، ليعكس بدء التنافس المحموم على «مساحات النفوذ» بين الأطراف المتنافسة على المدينة الاستراتيجية، ما يرشح لمواجهات واصطدامات محتملة بين أميركا وحلفائها من جهة، وروسيا وحلفائها من جهة أخرى، كما يمكن أن يؤخر هزيمة «داعش» وإخراجه من المدينة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بحدوث اشتباكات بين القوات النظامية وحلفائها وقوات النخبة في «حزب الله» اللبناني من جهة، و «داعش» من جهة أخرى، على محاور عند الحدود الإدارية الشرقية لمحافظة حلب مع الحدود الغربية للرقة، مترافقة مع قصف القوات النظامية بوتيرة متصاعدة مناطق سيطرة التنظيم ومواقعه. وعلم «المرصد» أن القوات النظامية مدعمة من «حزب الله» وبقيادة «مجموعات النمر»، تقدمت واستعادت السيطرة على 6 قرى، وتمكنت بذلك من التقدم ودخول أول قريتين داخل الحدود الإدارية للرقة، وهما خربة محسن وخربة السبع، على بعد نحو 80 كيلومتراً من مدينة الرقة وعلى بعد سبعة كيلومترات جنوب الطريق الرئيسي الذي يربط الرقة بحلب. وكانت القوات النظامية قالت في أيار (مايو) الماضي إن تحركات «سورية الديموقراطية» ضد «داعش» في الرقة «مشروعة»، موضحة أن أولوياتها هي استعادة دير الزور من التنظيم، إضافة إلى منطقة البادية على الحدود مع الأردن والعراق. ويعني دخول القوات النظامية على خط معركة الرقة منذ اليوم الأول، أن الحكومة السورية قررت إلقاء ثقلها وراء استعادة سيطرتها على المدينة. من ناحيتها، قالت مصادر متطابقة في المعارضة إن «قوات سورية الديموقراطية» دخلت مدينة الرقة من الجهة الشرقية في حي المشلب. كما تحدثت عن «حرب شوارع» دائرة حالياً في المدينة. وأفاد «المرصد السوري» بأن «سورية الديموقراطية» سيطرت على حاجز المشلب، المدخل الشرقي للمدينة، ثم على عدد من المباني في الحي بعد «قصف كثيف للتحالف الدولي» بقيادة واشنطن، موضحاً أن «قوات سورية الديموقراطية باتت الآن داخل مدينة الرقة». كما تحدث «المرصد» عن معارك عنيفة تدور في شمال المدينة وداخل حرم الفرقة 17، واشتباكات في غرب الرقة. وأفاد المتحدث باسم «قوات سورية الديموقراطية» طلال سلو في مؤتمر صحافي أمس: «نعلن اليوم بدء المعركة الكبرى لتحرير مدينة الرقة، العاصمة المزعومة للإرهاب والإرهابيين»، موضحاً أن المعركة بدأت منذ الإثنين من الجهات الشمالية والغربية والشرقية. واعتبر «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن أن معركة الرقة ستكون طويلة وصعبة، لكنه شدد على أن السيطرة على المدينة ستشكل «ضربة حاسمة» ل «داعش» وأيديولوجيته، مكرراً في الوقت ذاته أن السيطرة النهائية على المدينة ستستغرق وقتاً. وتمكنت «قوات سورية الديموقراطية» خلال الأسابيع الأخيرة وفي إطار حملة «غضب الفرات» من تطويق الرقة شمال سورية من الجهات الشمالية والغربية والشرقية. ولم يبق أمام «داعش» في الرقة الواقعة على الضفاف الشمالية لنهر الفرات، سوى الفرار جنوباً عبر زوارق. ومع تقدم «سورية الديموقراطية» إلى مدينة الرقة وتصاعد حدة المعارك، سجل وقوع ضحايا مدنيين جراء غارات التحالف الدولي. وأفاد «المرصد» بسقوط 21 مدنياً في قصف جوي للتحالف الدولي «خلال استعدادهم للفرار، عبر عبور نهر الفرات إلى ريف الرقة الجنوبي»، الذي لا يزال تحت سيطرة «داعش». وناشدت «سورية الديموقراطية» في بيان «أهالينا في مدينة الرقة الابتعاد من مراكز العدو ومحاور الاشتباكات»، ودعتهم إلى «مساندة قواتنا والتعاون معها لتنفيذ مهماتها على أكمل وجه». ودعت أيضاً «شبان وشابات الرقة» إلى الالتحاق بصفوفها «للمشاركة في تحرير مدينتهم». وقالت منظمة «لجنة الإنقاذ الدولية» للإغاثة الإنسانية إن المدنيين المحاصرين في الرقة يواجهون خطر القتل على أيدي قناصة «داعش» أو الألغام إذا حاولوا الفرار، كما قد يُستخدمون دروعاً بشرية إذا بقوا هناك. وحذرت المنظمة من أن «داعش» ينوي «استخدام 200 ألف شخص لا يزالون محاصرين في المدينة دروعاً بشرية». هجوم الرقة يبدأ بسيطرة «قوات سورية الديموقراطية» على الأحياء الشرقية للمدينة