خسر «داعش» الكثير الأراضي التي سيطر عليها في الأنبار ونينوى، لكنه ما زال يتحكم بمعظم الحدود العراقية- السورية التي ألغاها عام 2014، وستكون استعادة هذه المناطق الشاسعة ميدان معارك قاسية ومعقدة بسبب تعدد القوى التي تسعى إلى السيطرة عليها (للمزيد). وأكد قائد «الحشد الشعبي» هادي العامري السيطرة على قرية تارو، شمال غربي ناحية القحطانية في محاذاة جبل سنجار القريب من الحدود السورية. وقال إن «قواتنا تتمركز الآن في قرية أم جريص، واقتربت من قرية أم الذيبان عند أقصى غرب القحطانية التي تبعد عن الحدود نحو 14 كيلومتراً». وأضاف: «سنبدأ غداً (اليوم) عملية تطهير الحدود باتجاه قضاء القائم، غرب محافظة الأنبار (300 كيلومتر جنوباً)». وتتلاقى خريطة تحرك «الحشد» مع تحركات من الجانب السوري، حيث كانت قوات نظامية حاولت في 18 الجاري السيطرة على معبر التنف الذي يتحكم به «الجيش السوري الحر» وفصائل أخرى، وهو قريب من المثلث الحدودي العراقي- السوري- الأردني، ويقابله من الجانب العراقي معبر الوليد الذي مازال «داعش» يسيطر عليه. وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، معلومات عن غارات أميركية على القوات السورية وإلقاء منشورات تحذرها من التقدم في اتجاه منطقة «التنف» وفيه معسكر للمستشارين الأميركيين الذين يشرفون على تدريب مجموعات مناهضة للنظام. وتعمل القوات الأميركية لتنفيذ عقد أبرمته الحكومة العراقية مع شركات أمنية لتأمين الطريق البري الذي يربط بغداد بالحدود الأردنية- السورية ويتفرع على الجانبين في منطقة الرطبة القريبة من المثلث الحدودي، وتسعى إلى أن تكون الحدود في هذه المنطقة تحت سيطرة جماعات محلية موالية لها. وتدرب عراقيين في 3 معسكرات رئيسية في الأنبار هي، عين الأسد والحبانية والرطبة، كي تسد الطريق على «الحشد الشعبي»، الذي تدربه إيران وتمنحه أسلحة، وتمنعه من الوصول إلى هذه المنطقة. وتبعد القرى التي وصلت اليها قوات «الحشد» أمس قرابة 250 كيلومتراً شمال مدينة القائم التي يسيطر عليها من الجانب السوري «داعش». وأعلن العامري أن قواته تسعى إلى الزحف جنوباً للقاء القوات السورية في منطقة القائم التي باتت هدفاً استراتيجياً لقوى مختلفة. وليس بعيداً من هذه الخريطة تسعى قوات كردية، مدعومة أميركياً للسيطرة على الثلث الأخير من الحدود العراقية– السورية، حيث معبر ربيعة- اليعربية على رغم الخلافات بين واشنطن وأنقرة. وتنتشر في هذا الموقع الإستراتيجي قبيلة شمر العربية المعروفة التي أعلن عدد من زعمائها أخيراً رفضهم بقاء الأكراد في مناطقهم، فيما تربط شيوخ علاقات وثيقة مع إقليم كردستان إلى درجة المطالبة بضم «ربيعة» إلى الإقليم. وكان الشيخ فواز الجربا، أحد شيوخ عشيرة شمر(مقرب من الحشد الشعبي)، قال في تصريحات نقلتها وكالة «أن آر تي» الجمعة، إن دور قوات «البيشمركة» في ناحية «ربيعة» انتهى، ودعاها إلى الخروج من هذه المناطق، مشيراً إلى أن أهلها المنخرطين في «الحشد» مستعدون لمسك الملف الأمني، ورد عليه الناطق باسم عشائر نينوى الشيخ مزاحم الحويت قائلاً إن «العشائر العربية في نينوى ترفض خروج القوات الكردية من الأراضي التي حررتها وقدمت فيها بحاراً من الدماء»، محذراً من أن «من يحاول الاقتراب من البيشمركة والإساءة إليها سيعامل معاملة الدواعش». ويبدو من هذا السجال أن فصائل «الحشد الشعبي» المدعوم إيرانياً تضع أهدافاً استراتيجية للتقدم في اتجاه معبر «ربيعة» الذي يعد خارج خريطة إقليم كردستان وخارج المناطق المتنازع عليها، وتستعين لذلك بقوات «حزب العمال الكردستاني» التي تتخذ مواقع في سنجار والمناطق السورية المحاذية، وتتعرض بدورها لقصف جوي كردي تكرر مرتين حتى الآن، ويتلاقى مع الهدف الأميركي القاضي بمنع «الحشد» من السيطرة على هذا الجزء من الحدود العراقية- السورية.