بلغت نسبة إدمان المخدرات لدى الشباب في تونس 56 في المئة وفق ما أورده «مشروع مخاطر إدمان الشباب على المخدرات»، خلال ندوة تم تنظيمها أخيراً للتنبيه الى الأخطار الاجتماعية التي يواجهها الشباب التونسي في ظل الأزمة الأمنية التي تمر بها البلاد. وقد وصفت منسقة المشروع بسمة البوزيدي هذه النسبة ب «المرعبة» واعتبرتها آفة تهدد مستقبل الأجيال القادمة. وكان وزير العدل غازي الجريبي قد أكد أخيراً أن هناك «قرابة 7 آلاف سجين متهمين بجرائم تتعلق بترويج واستهلاك المخدرات». كما أن هناك 1173» شخصاً من بينهم 75 تلميذاً وطالباً و7 موظفين حكوميين من بين المحكومين في جرائم استهلاك المخدرات سنة 2016». وجاء تصريح الوزير على خلفية مطالبة المجتمع المدني بتنقيح القانون 52 الخاص بمخدر القنب الهندي من أجل تخفيف العقوبات على مستهلكي هذه المادة من التلاميذ والطلبة. «استهلاك المخدرات ليس جريمة وهو شأن شخصي»، «الحشيش يساعدنا على تحمل ضغوط الامتحانات». بهذه العبارات تحاجج مجموعة من تلامذة البكالوريا التقت بهم «الحياة» أمام أحد المعاهد الخاصة في العاصمة تونس. التلميذ وجدي ن. لا يرى أي حرج في الحديث عن تجربته مع استهلاك مخدر «القنب الهندي» حتى أنه أصر على أن يذكر اسمه كاملاً حيث يقول: «استهلك مخدر القنب الهندي منذ أكثر من سنتين ولم يسبب لي الأمر أية مشاكل صحية، فأنا أدخن هذه المادة فقط خلال المناسبات الخاصة أو أثناء الامتحانات ولم أتحول إلى مدمن». ويضيف: «كذلك فإن معظم أصدقائي من الجنسين يتعاطون هذا المخدر الذي يسهل الحصول عليه نظراً لتوافره وانخفاض أسعاره». هالة أيضاً تلميذة في الباكالوريا لم تبد أي انزعاج من القول أنها «تستهلك المخدرات أحياناً وتحديداً خلال الحفلات الخاصة التي ينظمها أصدقاؤها بالصف نفسه للشعور بالنشوة ولنسيان الهموم والمشاكل العائلية وضغوطات الدراسة» وفق تعبيرها. «الحياة» كان لها لقاء مع المختص في طب السموم الدكتور ياسين قريعة الذي أكد أن «هناك تطوراً في علاقة الشاب التونسي باستهلاك المخدرات؛ فبالإضافة إلى تضاعف عدد المستهلكين والمدمنين في السنوات الماضية فإن معظم المدمنين يضاعفون شيئاً فشيئاً كمية الجرعات ويبحثون عن أنواع أكثر خطورة كالكوكايين والهيروين وأقراص السوبيتاكس وغيرها مما يعجل تطور حالة المستخدم ليبلغ مرحلة الإدمان وربما مرحلة متقدمة تجعل من الصعب بعدها العودة إلى الحياة الطبيعية، خصوصاً أن وزارة الصحة التونسية لا توفر مراكز للعلاج المجاني من هذه المشكلة». المختصة في علم نفس الطفل والمراهق هالة عوادني أكدت أن «الإهمال الأسري يعتبر من أهم أسباب انسياق الشباب والمراهقين وراء استهلاك المخدرات. فانشغال الوالدين العاملين بتوفير متطلبات الأسرة المادية وتركيز المدرسين على الدور التعليمي وإهمالهم الدور التربوي داخل المؤسسات التعليمية عوامل وضعت المراهقين وجهاً لوجه أمام مغريات كثيرة ومن بينها استهلاك المخدرات والكحول والسجائر وممارسة الجنس غير الآمن». وحول الحلول المطروحة للحد من هذه الظاهرة، أكدت المختصة أن المراقبة اليومية واللصيقة للطفل والمراهق من طرف الوالدين تعتبر ضرورية شرط أن تتخذ طابع الصداقة والمرافقة وأن لا يصحبها استعمال للعنف أو الترهيب. وأوضحت أن «وسائل الإعلام التونسية مطالبة بالقيام بدورها عبر تكثيف البرامج المعرفية من أجل توعية جميع الفئات بخطورة الوضع وضرورة الحد من ارتفاع هذه النسب المفزعة».