استقبل ناشطون حقوقيون وشبان تونسيون خبر استجابة وزارة العدل التونسية لمطلب غالبيتهم بتنقيح قانون استهلاك مخدر القنب الهندي بكثير من الارتياح. وكانت شريحة هامة من التونسيين قد نادت منذ أكثر من سنة بضرورة تنقيح هذا القانون الذي رأوا فيه تهديداً لمستقبل عدد كبير من الشبان التونسيين ومنهم تلاميذ وطلاب نظراً لقساوة أحكامه التي تعتبر هذه الفئة المتضرر الرئيسي منها. وكان وزير العدل التونسي محمد صالح بن عيسى قد صرّح مؤخراً خلال ندوة صحافية بأنه تمت مراجعة القانون عدد 52 المتعلق باستهلاك القنب الهندي «الزطلة» وسيتم تقديمه لمجلس النواب للمصادقة عليه. وأكّد وزير العدل أنه سيتم التراجع، وفق التنقيح الجديد، عن الحكم بالسجن لمدة سنة مع غرامة مالية بألف دينار بالنسبة لمستهلك الزطلة لأول مرة، وقال أنه سيتم منح القاضي الحرية في إصدار العقاب المناسب بالنسبة إلى المستهلك المبتدئ، لكن لن يتم التسامح مع المروجين والمستهلكين لمرة ثانية وأكثر. وجاء تنقيح القانون المتعلق باستهلاك «الزطلة» على خلفية حراك اجتماعي واسع شارك فيه مدونون شبان وممثلو المجتمع المدني وسياسيون وأطباء ومحامون وفنانون أيضاً. وقد أطلقت هذه الأطراف مجتمعة حملة «السجين 52» التي قدموا من خلالها رسالة إلى الحكومة السابقة تضمنت طلباً لتسريع تغيير هذا القانون بالنسبة للمستهلكين وتعويض عقوبة السجن بإجراءات إصلاحية وعلاجية. واعتبروا أن نتائج هذا القانون كارثية بالنظر إلى إحصاءات قدمتها جمعية «فورزا تونس» أكدت أن مراكز التوقيف في تونس تتضمن ما لا يقل عن 8 آلاف موقوف في قضايا تتعلق بالمخدرات استهلاكاً وترويجاً. كما بينت الدراسة ذاتها أن دراسة 8 آلآف شاب تونسي دخلوا السجن بسبب استهلاك مخدر «الزطلة» من بينهم 30 في المئة من الإناث، وتمثل نسبة العودة إلى السجن بسبب استهلاك هذه المادة 54 في المئة. الناشطة الحقوقية والصحافية هندة الشناوي تحدثت ل «الحياة «عن أهمية هذا التنقيح الذي انتظره الحقوقيون في تونس طويلاً. الشناوي قالت إنّ من مساوئ القانون الخاص مساهمته في تسليط عقوبات بالسجن ضد مراهقين فيزيد من انحرافهم عن مسارهم وفقدانهم لمستقبلهم الدراسي والجامعي، إضافة إلى اختلاطهم داخل السجن بالمجرمين والمنحرفين ما يؤثر سلباً على تكوينهم النفسي. وأضافت الشناوي أن التنقيح يقتضي منح القضاء الحرية في منح المستهلك العفو وفق عدد من المعطيات كالسن والحالة الاجتماعية وهذا الأمر سيجنب عدداً كبيراً من الشبان فقدانهم لمسار حياتهم الطبيعي ويمنحهم الفرصة للخضوع لنظام إصلاحي على يد أخصائيين اجتماعيين ونفسيين. وأكدت رئيسة لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب بشرى بالحاج حميدة، أن المصادقة على تنقيح القانون 52 تتطلب مواصلة المجتمع المدني مساندته لهذا التنقيح وأن تكون المطالب واضحة ومحددة مما يسهل مهمة نواب الشعب في الاستجابة لها. وأكدت نائب الشعب أن تنقيح القانون يجب أن يأخذ أثراً رجعياً من خلال إصدار عفو على كل المستهلكين الذين حكموا في قضايا استهلاك هذا الصنف من المخدرات.