تباينت الآراء في تونس خلال الأسبوع المنصرم حول قرار الرئيس الباجي قايد السبسي المتمثل في تعليق القانون الخاص بمقاضاة مستهلكي «القنب الهندي» أو ما يطلق عليه «الزطلة» في انتظار صدور قانون جديد. وجاء هذا القرار على خلفية مطالبة منظمات حقوقية بتخفيف العقوبات على مستهلكي هذا المخدر من التلاميذ والطلبة أو استبدالها بعقوبات مدنية أو مالية. ووعد الرئيس التونسي خلال خطاب متلفز بث الأسبوع المنصرم بدعوة مجلس الأمن القومي إلى عدم تتبع مستهلكي مخدر القنب الهندي، خصوصاً أن غالبيتهم من الشباب الذين تؤثر فترة السجن في مسار حياتهم الدراسية والاجتماعية. وحول مدى قانونية هذا القرار، أوضح السياسي محمود البارودي ل «الحياة» أن «رئيس الجمهورية غير قادر على تغيير القانون بقرارات فردية ولكنه يستطيع أن يطلب من الجهات الأمنية تعطيل بعض الإجراءات المتعلقة بهذا القانون كعدم إجبار المستهلكين على إجراء التحليل الطبي نظراً لأن هذا التحليل اختياري في الأساس وعدم الموافقة على القيام به يجنب المستهلك التبعات القانونية». وقد أثار هذا القرار العديد من ردود الفعل بين أطراف عبرت عن تقبلها هذه الخطوة التي طال انتظارها وأخرى رأت فيها تشجيعاً للشباب على الانحراف والاستهتار بصحتهم العقلية والجسدية. وفي حديث ل «الحياة» أكدت الناشطة الحقوقية الشابة مريم تليجاني أن هذا القرار من شأنه أن ينقذ شباباً من أخطار السجن وعواقب البقاء فيه لفترات طويلة نسبياً. وتوضح مريم: «لطالما طالب المجتمع المدني التونسي بإلغاء عقوبة السجن بالنسبة لمستهلكي مخدر الزطلة. فإضافة إلى أن هذه المادة المصنفة ضمن المخدرات ذات التأثير الخفيف، فإن سجن مستهلكيها لمدة سنة كاملة يعتبر أمراً خطيراً أيضاً نظراً لأنه يعرض شباناً دفعتهم المغامرة إلى السجن لمدة سنة برفقة مجرمين ومنحرفين خطيرين، الأمر الذي يمكن أن يكون منعطفاً خطيراً في حياة تلاميذ وطلبة أبرياء.» «الحياة» التقت أيضاً الشاب أيمن وهو من مستهلكي هذا المخدر والذي تحدث عن ارتياحه الشديد لهذا القرار الرئاسي. وقال أيمن: «استهلك مخدر الزطلة منذ ما يقارب السنة ولا أجد حرجاً في الإعلان عن ذلك، فأنا أفضل تدخين القنب على تدخين السجائر العادية نظراً لما يمنحه لي من نشوة وهدوء بعد يوم من الكد والعمل وما يصاحبه من ضغط نفسي». وأضاف: «لطالما مثّل قانون الزطلة تهديداً لي ومصدراً للخوف من السجن، لهذا فإن إلغاءه أو تغييره سيكون أمراً إيجابياً بالنسبة لي وربما سيكون محفزاً لي للإقلاع عن استهلاك هذه المادة، فالتوعية بأخطار المخدرات ومعاملة الشبان كمواطنين صالحين وعدم الزج هم في السجن بين القتلة والمنحرفين خطوة إيجابية من شأنها أن تحدث مصالحة بين الشاب التونسي والدولة التي لطالما اعتبرها سجناً كبيراً بسبب الأوضاع الهشة التي يعانيها.» من جهة أخرى، اعترضت فئة كبيرة من التونسيين على هذا القرار. ورأى الأستاذ الجامعي طاهر الرقيق في هذا القرار «استهتاراً بصحة الشباب التونسيين وتشجيعاً لهم على استهلاك مواد خطرة ومضرّة»، مؤكدا أن «تجنب السجن لا يكون بإلغاء العقوبة بل بعدم اقتناء هذه المادة واستهلاكها داعياً إلى تشديد العقوبة على المستهلكين الذين اختاروا بملء إرادتهم تناول هذا المخدر رغم علمهم بالعقوبة التي تنتظرهم.» ورأى ناشطون سياسيون بأحزاب معارضة للحزب الحاكم في هذا القرار تلاعباً «سياسياً» بعقول الشباب الذي ينقصه الوعي والنضج وبقلوب العائلات التي سجن أحد أفرادها بسبب استهلاكه هذا المخدر، من أجل غايات حزبية وانتخابية بحتة.