لا يزال «الفانوس» منافساً قوياً باعتباره مصدراً للإضاءة في شهر رمضان، بل يحتل الصدارة خلال ال30 يوماً، ليختفي بعدها بقية السنة، فهو الحاضر الغائب وجزء لا يتجزأ من طقوس رمضان، إذ يحرص المسلمون في مختلف الدول العربية منها والإسلامية على استخدام الفانوس في ديكورات منزلهم، كما يوضع على سفرة إفطارهم ويزين صالات الاستقبال في الفنادق، إضافة إلى تعليقه عند مداخل البيوت، والتي يحرص سكانها على إبعاث النور منه طوال ليالي رمضان. هذا الرمز الرمضاني ارتبط بشهر الصوم منذ عهد الدولة الفاطمية، إذ استخدم وسيلة لإضاءة الشوارع خلال هذا الشهر تحديداً، على رغم عدم معرفة المخترع الأصلي ل«الفانوس»، إلا أن المصادر التاريخية تشير إلى أن الحضارة السومرية هي أول من استخدم الفانوس لإضاءة المنازل ليلاً، في حين أن أصل كلمة «فانوس» يعود إلى اللغة الإغريقية، التي تعني إحدى وسائل الإضاءة، كما يطلق على الفانوس في بعض اللغات اسم «فيناس»، ويذكر مؤلف كتاب «القاموس المحيط» الفيروز أبادي أن أصل معنى كلمة فانوس هو «النمام»، لأنه يظهر صاحبه وسط الظلام. واستخدم الفانوس في صدر الإسلام وسيلة لإنارة المصلين دربهم أثناء ذهابهم إلى المسجد لصلاة العشاء، إلا أنه رويت قصص عن استخدام الفاطميين الفانوس في شهر رمضان، منها أن الخليفة الفاطمي المعتز بالله عاد من إحدى رحلاته للغرب في الخامس من رمضان، واستقبله سكان عاصمته وهم يحملون الفوانيس، وفي رواية أخرى كان الخليفة الفاطمي يتفقد أحوال رعيته في ليالي رمضان ويتجول ومعه الأطفال الذين يحملون الفوانيس لإضاءة دربه، وتذكر رواية ثالثة أنه لم يكن يسمح للنساء بالخروج سوى في شهر رمضان، فكن يخرجن ويتقدم كل امرأة غلام يحمل فانوساً لينبه الرجال بوجود سيدة في الطريق حتى يبتعدوا، ما يتيح للمرأة الراحة في الخروج ولا يراها الرجال في الوقت نفسه، أما الرواية الأخيرة فيقال إن الخليفة الفاطمي أمر أئمة المساجد بإضاءة الطرقات المؤدية إلى مساجدهم بواسطة الفوانيس، ليؤدي المصلون صلاة العشاء والتراويح. وبعدها، أصبح تعليق الفوانيس في ليالي رمضان عادة رمضانية عند المسلمين. وتتزين المحال التجارية والترفيهية بالفوانيس الرمضانية التي تضيء الشوارع عادة في شهر رمضان، كما أن الأهالي في المناطق العربية بأكملها يلجأون إلى الفوانيس وتركيبها في الطرقات والأزقة طيلة الشهر المبارك. وتطورت صناعة الفانوس عبر الأزمان حتى ظهر الفانوس الكهربائى الذي يعتمد في إضائته على البطارية بدلا من الشمعة، ولم يقف التطور عند هذا الحد بل أخذ التطور مراحل متقدمه حتى بلغ الأمر صناعة الفانوس الصينى الذي يضيء ويتكلم ويتحرك بل تحول الأمر إلى ظهور أشكال أخرى غير الفانوس ولكن لا تباع إلا في رمضان تحت اسم "الفانوس"، وإنما تضيء بأشكالها وألوانها، كما أنها تجد رواجاً كبيراً، وذلك بحكم أسعارها التي تعد في متناول الجميع.