وسط أجواء من الحفاوة احتضنت الرياض أمس أعمال القمة السعودية - الأميركية (العزم يجمعنا) بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الأميركي دونالد ترامب. ووقع الزعيمان إعلان الرؤية الاستراتيجية المشتركة للبلدين، كما شهدا توقيع أكثر من 30 اتفاقاً ومذكرة تفاهم في المجالات العسكرية والاقتصادية في اختتام القمة، أعقبتها جلسة محادثات رسمية مع الرئيس ترامب في قصر اليمامة، جرى خلالها استعراض العلاقات التاريخية بين البلدين والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، إضافة إلى البحث في مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والعالم، والجهود المبذولة لاستقرار المنطقة وأمنها. وبلغت القيمة الإجمالية للاتفاقات والفرص الاستثمارية بين المملكة وأميركا نحو 350 بليون دولار كما قال وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون ، من شأنها أن تعزز نقل المعرفة وتوطين التقنية وبناء استثمارات وصناعات واعدة، ستوفر مئات الآلاف من فرص العمل في البلدين. وفي السياق نفسه، تبادل ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وتيلرسون مذكرتين بين حكومة السعودية ونظيرتها الأميركية ممثلة في وزارة الدفاع، لتحديث وتطوير القوات المسلحة السعودية بالقدرات الدفاعية. كما تم خلال المراسم تبادل اتفاق شراكة لتصنيع طائرات «بلاك هوك» العمودية في المملكة، كما جرى تبادل أربع اتفاقات في مجال الصناعات العسكرية. وتضمنت المراسم إبرام مذكرة تفاهم في المجال التقني، واتفاقاً في مجال توليد الطاقة، واتفاقين في مجال تصنيع المنتجات عالية القيمة، واتفاقين في مجال الاستثمار في التقنية والبنية التحتية. وفي مجال الاستثمارات البتروكيماوية، أبرم اتفاق لتأسيس مصنع للإيثيلين في أميركا، كما تم تبادل عدد من الاتفاقات مع شركة أرامكو السعودية في مجال خدمات النفط والغاز، وفي مجال التعدين وتطوير القدرات البشرية، وتمت مبادلة ثلاث اتفاقات. وجرى خلال المراسم تبادل اتفاق في مجال الاستثمارات الصحية لبناء وتشغيل مستشفيات في المملكة، واتفاق لشراء طائرات، وآخر في مجال الرقمنة، واتفاق لبناء مركز خزن معلومات، وآخر في مجال الاستثمارات العقارية. وقلد الملك سلمان قبيل انعقاد جلسة المحادثات الرئيس ترامب وسام الملك عبدالعزيز آل سعود، تكريماً له، وهو أرفع وسام في السعودية. ولم تقتصر مراسم الترحيب السعودية على الإجراءات المتعبة، إذ رحب الملك سلمان بن عبدالعزيز بضيفه، عبر تغريده من حسابه الرسمي في «تويتر»، قال فيها: «نرحب بفخامة الرئيس الأميركي في المملكة، ستعزّز زيارتكم تعاوننا الإستراتيجي، وستحقّق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم». وكان الرئيس الأميركي كتب عبر حسابه في «تويتر» أمس: «عظيم أن أكون في الرياض، وأتطلع لقضاء وقت ممتع في ما تبقى من اليوم»، ثم أعقبها بأخرى قال فيها: «أشكر السعودية شعباً وحكومة على اليوم الرائع، ونشكر السعودية على الاستثمارات الضخمة والاتفاقات الحيوية». وكان خادم الحرمين الشريفين استقبل ترامب في مطار الملك خالد الدولي، في مستهل زيارة وصفت بالتاريخية، الى لسعودية. وحطت طائرة الرئاسة الأميركية في مطار الملك خالد، وتوقفت أمام سجادة حمراء فرشت لاستقبال ترمب وزوجته ميلانيا. وبعد تبادل السلام توجه الملك سلمان مع الرئيس الأميركي إلى قاعة المطار، ثم توقفا بضع دقائق في صالة كبار الشخصيات، حيث جلس الملك مع الرئيس الأميركي، بعدها غادر أعضاء الوفدين إلى قصر اليمامة في الرياض، حيث أجريت مراسم استقبال رسمية وعقدت جلسة محادثات إضافة إلى توقيع اتفاقات بين الجانبين. والتقى الرئيس الأميركي ليل أمس ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وتستضيف الرياض اليوم (الأحد) قمتين «خليجية - أميركية» وأخرى «عربية - إسلامية - أميركية». والقمتان برؤية واحدة، هي: «سوياً نحقق النجاح» لتأكيد الالتزام المشترك نحو الأمن العالمي والشراكات الاقتصادية العميقة والتعاون السياسي والثقافي البنّاء. وستناقش القمتان ملفات مهمة أهمها مكافحة الإرهاب والتصدي له وسبل تعزيز العلاقات الدولية. وبعد توقيع الاتفاقات الكبيرة، أكد تيلرسون أن الصفقات الدفاعية الأميركية ستمكن السعودية من التصدي للتدخلات الإيرانية والإرهاب، مشيراً إلى أن أميركا تعتزم تكثيف جهودها لردع إيران في سورية واليمن. وأوضح تيلرسون، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير عقد في المركز الإعلامي للقمة، أن بلاده ستركز على البحث عن تسوية سلمية في اليمن، والضغط على الأطراف كافة للعودة إلى طاولة المفاوضات، مبينا ان الانقلابيون لا يمكن أن يستمروا ولن ينتصروا عسكرياً. وقال إن الشراكة بين السعودية وأميركا ترتكز على الثقة والسعي لأهداف مشتركة، لافتاً إلى ضرورة العمل على تنفيذ الاتفاق الاستراتيجي بين الدولتين، بما يوجه رسالة قوية للأعداء. وأوضح أن تعزيز العلاقة يعتمد على المصالح الأمنية المشتركة، وضرورة العمل على تجفيف منابع الإرهاب، وتعزيز التعاون في المجالات الدفاعية. من جانبه، أكد الجبير أن توقيع الاتفاقات الاستراتيجية بين السعودية وأميركا ستتصدى للإرهاب في المنطقة، واصفاً إياها بالاتفاقات التاريخية وغير المسبوقة. وأوضح أن المحادثات بين العاهل السعودي والرئيس الأميركي تطرقت الى العمل على إلزام إيران بوقف دعمها للإرهاب، «كما تطرقت المحادثات الثنائية في القمة السعودية - الأميركية للوضع في سورية، ومفاوضات السلام بين دولة فلسطين وإسرائيل». واعتبر الجبير فوز الرئيس حسن روحاني بولاية ثانية مسألة داخلية، وأن السعودية تهتم بالأفعال وليس الأقوال، متهماً النظام الإيراني برعاية الإرهاب، وأنها أسست أكبر منظمة إرهابية، هي «حزب الله» اللبناني.