لا تزال المواجهات التي تلت الهجوم الذي نفذته قوات موالية لحكومة الوفاق الليبية في طرابلس على قاعدة «براك الشاطئ» التابعة للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، تتوالى فصولاً، إذ أعلن أمس، آمر غرفة عمليات سلاح الجو التابع للجيش في المنطقة الوسطى المقدم طيار شريف العوامي عن «استهداف تجمعات التنظيمات الإرهابية التي تسيطر على قاعدة الجفرة الجوية»، بينما تعرضت منطقة سيدي يونس القريبة من مناطق «الصابري» و «سوق الحوت» آخر معاقل المتشددين في بنغازي إلى سقوط قذيفة هاون عشوائية سببت أضراراً مادية. وقال العوامي في تصريح نشر عبر الصفحة الرسمية لرئاسة الأركان الجوية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» إن «المقاتلات الحربية التابعة لسلاح الجو الليبي استهدفت تجمعات التنظيمات الإرهابية والمتحالفين معها داخل قاعدة الجفرة، بعد تورطهم في الهجوم الغادر على قاعدة براك الشاطئ الجوية جنوب غربي ليبيا»، الذي قد يؤدي أيضاً إلى تصعيد كبير في الصراع القائم بين الفصائل المتمركزة في شرق ليبيا وفصائل منافسة لها متحالفة مع الحكومة التي يرأسها فائز السراج وحكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل في العاصمة طرابلس. وأكد العوامي أن «المقاتلات الحربية استهدفت مجموعة تابعة لتنظيم القاعدة بقيادة حمد عبدالجليل الحسناوي في منطقة الدبوات في مدينة «براك الشاطئ» والذين ثبت تورطهم أيضاً في المشاركة في هذا الهجوم الإرهابي». وأشار آمر غرفة عمليات سلاح الجو المنطقة الوسطى أن الضربات الجوية كانت دقيقة وكبدت التنظيمات الإرهابية خسائر في الأرواح والعتاد»، مضيفًا: «طائرتنا عادت إلى قواعدها سالمة». وكان ناطق باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري أعلن أول من أمس، أن 141 شخصاً قُتلوا الخميس الماضي في الهجوم على قاعدة براك الشاطئ، بينما أوقفت الحكومة المدعومة من الأممالمتحدة وزير دفاعها المهدي البرغثي إلى حين التحقيق في الواقعة. وشنت الهجوم كتيبة من مدينة مصراتة (غرب) تُعرف باسم «القوة الثالثة» وكانت تسيطر على تلك القاعدة في السابق وتتحالف اسمياً مع «حكومة الوفاق الوطني» المدعومة من الأممالمتحدة في طرابلس. وقال مسؤولون محليون ومسؤولون من الجيش الوطني إن بعض القتلى من المدنيين وأُعدِموا من دون محاكمات على ما يبدو، بينما صرح الناطق باسم القوة الثالثة محمد قليوان لمحطة تلفزيون محلية إن قوات الجيش الوطني التي قُتلت داخل القاعدة كانت مسلحة. وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» نقلاً عن مسؤول طبي وشاهد إن القوات المهاجِمة قتلت «عشرات من مقاتلي الجيش الوطني الليبي، بعضهم بالرصاص في الرأس في عمليات إعدام من دون محاكمة في ما يبدو». وأدان السراج التصعيد العسكري في براك الشاطئ «بأشد العبارات» ودعا إلى وقف فوري للنار ونفى إصدار أي تعليمات لوزارة الدفاع لشن الهجوم». وكان البرغثي قيادي في الجيش الوطني وتحوّل إلى خصم لحفتر. وتشير تقارير إلى أنه لعب دوراً في تخطيط عمليات عسكرية سابقة ضد الجيش، على رغم أن وزارة الدفاع نفت إصدار أوامر لشن هجوم على براك الشاطئ. وأكد الجيش أن متشددين وميليشيات سرايا الدفاع عن بنغازي المتشددة، شاركوا أيضاً في الهجوم. وقال المسماري إن الجيش الوطني نفذ ضربات جوية في منطقتي سبها والجفرة رداً على الهجوم. في المقابل، حمّل مجلس مصراتة البلدي مسؤولية التصعيد في منطقة الجنوب «لمَن خرق الاتفاق ولمن قاموا بهذا العمل ولقيادات عملية الكرامة الذين أرادوا تصديرها إلى جنوب البلاد». وأدان مجلس مصراتة في بيان التصعيد العسكري في الجنوب الليبي وما نتج عنه من فقدان للأرواح ، مؤكداً أن «هذه الأعمال تؤدي إلى مزيد من الاحتقان وزعزعة الأمن والإستقرار وزرع للفتنة بين أبناء الوطن». وطالب المجلس في بيانه بضرورة احترام المواثيق والاتفاقيات الموقعة بخاصة الاتفاق الموقع بين أعيان قبيلة المقارحة و «القوة الثالثة» في نيسان (أبريل) 2015. ودعا المجلس إلى «رأب الصدع ولم الشمل وحقن الدماء وإلى تحقيق مصالحة وطنية شاملة، ودعم وتفعيل الجهات المنية في منطقة الجنوب لتأمينه وحماية أبنائه». كما نفى آمر «القوة الثالثة» جمال التريكي، ارتكاب عناصره عمليات تصفية أو تنكيل أثناء هجومهم على قاعدة براك الشاطئ الجوية، مبدياً استعداده للخضوع لتحقيق سواء داخلي أو خارجي في هذا الاتهام. وأكد التريكي في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس، في قاعدة تمنهنت الجوية شمال مدينة سبها، أنهم جمعوا معلومات وأجروا استطلاعاً حول قاعدة براك الجوية، ورصدوا خطةً للهجوم على سبها وقاعدة تمنهنت، ووجود تجهيزات عسكرية داخل القاعدة من أفراد وآليات وذخائر وأسلحة، الأمر الذي دفعهم إلى شنّ الهجوم المفاجئ على «براك الشاطئ». وأوضح التريكي، أن جنوده دمروا عدداً من الآليات والأسلحة وعطلوا القاعدة عن العمل، وأن الأخبار المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي حول عمليات تصفية وتنكيل بالجثث ليس من عمل أفراد «القوة الثالثة» التي لم تجنح إلى هذا الأسلوب من قبل.