وسط تضييق «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة بطيران التحالف الدولي خناقها حول تنظيم «داعش» في الرقة، بدأ التنظيم تحركات على الأرض تشمل نقل أصوله وعناصره وأسلحته إلى منطقة وادي نهر الفرات وأنشأ «خلية صفوة» من عناصره الخبيرة في الأسلحة الكيماوية استباقاً لمعركة طرده من مدينة الرقة، عاصمته في سورية. يأتي ذلك فيما شنت تركيا هجوماً حاداً على المنسق الأميركي للتحالف الدولي ضد «داعش» في العراق وسورية بريت ماكغورك واتهمته بدعم المقاتلين الأكراد في سورية وانفصاليي «حزب العمال الكردستاني» على الأراضي التركية، وطالبت بمغادرته منصبه. وقال مسؤول أميركي إن أجهزة الاستخبارات الأميركية لديها معلومات أن «داعش» يجمع عناصره ذات الخبرة في الأسلحة الكيماوية للتمركز في المنطقة الحدودية بين سورية والعراق من أجل تشكيل «خلية صفوة» لخبرائه الكيماويين. ومع تشديد الخناق حوله، قام «داعش» أيضاً بنقل أصوله وعناصره وخبرائه من الرقة إلى منطقة وادي نهر الفرات، وباتت الاستخبارات الأميركية تميل إلى اعتبار الرقة «عاصمة سابقة» للتنظيم، فيما تتحول المنطقة الصحراوية بين مدينة الميادين السورية ومدينة القائم الحدودية العراقية، إلى عاصمة ل «داعش» بفعل الأمر الواقع، وذلك بعدما انتقل إليها آلاف من عناصر التنظيم في الأسابيع الأخيرة. وقال مسؤول أميركي لمحطة «سي أن أن» الإخبارية الأميركية إن المسؤولين العراقيين والأميركيين يعتقدون أن عناصر «داعش» البارزة المطلوبة دولياً مختبئة في تلك المنطقة الحدودية، وبينهم زعيم التنظيم «أبو بكر البغدادي»، الذي يُعتقد أنه فر من الموصل في شمال العراق مع بدء الهجوم البري الواسع النطاق لتحرير المدينة. ومع تقدم «قوات سورية الديموقراطية» نحو الرقة يعمل التنظيم على تعزيز دفاعاته عبر القناصة، والعربات المفخخة، والألغام، والعبوات الناسفة، والمفجرين الانتحاريين، لكن تطوير قدرات أسلحة كيماوية هو أكبر ما يقلق «قوات سورية الديموقراطية» وهي تحالف كردي- عربي يتقدم حالياً على الأرض بدعم من طيران التحالف. إلى ذلك، قال ناطق باسم التحالف ضد «داعش»، إن «قوات سورية الديموقراطية» انتزعت السيطرة على 350 كيلومتراً مربعاً في الأسبوع الماضي «لتضيق الخناق» على التنظيم في حملة تهدف لعزل قاعدة عملياته في الرقة. وقال الكولونيل ريان ديلون الناطق باسم التحالف لوكالة «رويترز» في مقابلة عبر الهاتف من بغداد، إن من المعتقد أن ما يتراوح بين 3000 و4000 من عناصر التنظيم متحصنون في مدينة الرقة حيث يواصلون تعزيز الدفاعات للتصدي للهجوم المتوقع مما يدفع التحالف لشن ضربات جوية لمنعهم من ذلك. وتعمل «قوات سورية الديموقراطية» منذ تشرين الثاني (نوفمبر) على تطويق الرقة في هجوم متعدد المراحل. وأنجزت هذه القوات في الأسبوع الماضي هدفاً رئيسياً بالسيطرة على مدينة الطبقة التي تبعد نحو 50 كيلومتراً غرب الرقة. وقال ديلون: «في الأسبوع الماضي ضيقت قوات سورية الديمقراطية الخناق حول تنظيم داعش في شمال وشرق وغرب الرقة». واقتربت «قوات سورية الديموقراطية» لمسافة أربعة كيلومترات من الرقة في أقرب نقطة لها من المدينة. وأضاف: «أخذوا حوالى 350 كيلومتراً مربعاً من الأراضي من داعش، ومن ثم يواصلون التقدم... ويحكمون حلقة العزل تلك أكثر فأكثر فأكثر، وبصراحة شديدة من دون مقاومة إلى حد بعيد». ورداً على سؤال حول النطاق الزمني قال ديلون: «لا نحاول الالتزام بجدول زمني. يوجد مبدأ في الحرب يسمى المفاجأة ونحن نريد أن نحقق هذا، ونريد للقوات المشاركة لنا تحقيق ذلك حينما تقرر أن الوقت والمكان أو الأماكن مناسبة... لبدء هجومها». وفي حين أن التحالف سلح بالفعل المقاتلين العرب ضمن «قوات سورية الديموقراطية» فقد سمح البيت الأبيض في الأسبوع الماضي بتزويد «وحدات حماية الشعب» الكردية، وهي جزء من «قوات سورية الديموقراطية»، بالسلاح للمساعدة في هجوم الرقة. وقال ديلون إنه لم يتم تسليم أي عتاد ولا توجد تفاصيل في شأن أنواع الأسلحة والمعدات التي سوف تتسلمهما «سورية الديموقراطية». يأتي ذلك فيما دعا وزير الخارجية التركي إلى رحيل المنسق الأميركي للتحالف الدولي ضد داعش في العراق وسورية بريت ماكغورك، واتهمه بدعم المقاتلين الأكراد في سورية والانفصاليين الأكراد في تركيا. وصرح مولود جاويش أوغلو في مقابلة مع شبكة «أن تي في» الخاصة: «سيكون من الجيد لو تم استبداله»، مضيفاً أن ماكغورك «يدعم بوضوح» مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية في سورية وانفصاليي حزب العمال الكردستاني في تركيا، وهما مجموعتان تعتبرهما أنقرة «إرهابيتين». وتأتي تصريحات الوزير التركي بعد محادثات في واشنطن بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان تعهدا خلاله تعزيز «الشراكة الاستراتيجية» و «العلاقات الاستثنائية» بينهما. إلا أن اللقاء تم في أجواء من التوتر بعد أن أعلنت واشنطن الأسبوع الماضي تسليم أسلحة إلى وحدات حماية الشعب الكردية لتسريع هزيمة داعش في سورية اعتباراً من الأسبوع المقبل. وصرح أردوغان على متن طائرة تعيده من واشنطن أمام صحافيين، أنه وفي حال شنت «وحدات حماية الشعب» الكردية هجوماً ضد تركيا فستتحرك أنقرة «من دون استشارة أحد»، بحسب ما نقلت صحيفة «حرييت» التركية.