واصل زعماء أحزاب المعارضة في إسرائيل وأساتذة بارزون في القانون حملتهم ضد مشروع «قانون القومية» الذي أقرته اللجنة الوزارية للتشريع الأحد الماضي وبنده الرئيسي القاضي بأن «حق تقرير المصير في إسرائيل هو لليهود فقط»، محذرين من أبعاده على الصعيدين الداخلي «تمزيق المجتمع» والخارجي «مفاقمة عزلة إسرائيل الدولية». ونشر «المعهد الإسرائيلي للديموقراطية» الرأي القانوني العام الذي أعده مديره الأستاذ الجامعي في القانون البروفيسور مردخاي كريمنتسر الذي حذر أعضاء اللجنة الوزارية من التصديق على الصيغة الحالية للقانون التي «يضيّق على الطابع الديموقراطي للدولة ويزج به إلى هامش الهامش لمصلحة الطابع اليهودي، الأمر الذي «يغير جذرياً النظام الدستوري الذي كان معمولاً به منذ إقامة الدولة». وأشار كريمنتسر إلى أن «وثيقة الاستقلال» أكدت الطابعين اليهودي والديموقراطي للدولة، وأن زعماء «الحركة الصهيونية» سعوا إلى أن تضمن الدولة «المساواة التامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع مواطنيها بغض النظر عن العرق والدين والجنس»، ثم جاءت قوانين الأساس مطلع تسعينات القرن الماضي لتؤكد الطابعين اليهودي والديموقراطي ولتسير بموجبهما المحاكم رافضة الضغوط لتفضيل يهودية الدولة على ديموقراطيتها. ولفت الى أن «مشروع القانون الجديد يفتقر إلى التوازن المطلوب بين الطابعيْن، الى درجة تغيير جذري للنظام الدستوري المتبع في إسرائيل منذ إقامتها»، مشيراً أيضاً إلى أنه «يبث الإقصاء والاغتراب تجاه مواطني إسرائيل العرب الذين لا يذكرهم مشروع القانون، ما ينذر بأضرار لا رجعة منها للعلاقات بين اليهود والعرب. وأضاف أن مشروع القانون لا يتضمن في شكل واضح حماية لحقوق الإنسان الأساسية مثل المساواة وحرية التعبير وحرية العبادة والحقوق الاجتماعية والقانونية. ورأى كريمنتسر أن مشروع القانون الجديد، الذي لن يكون سهلاً تعديله في حال إقراره بصيغته الحالية، يشكل خطراً على «قانون أساس كرامة الإنسان وحريته» وهو القانون الأساس الأهم الذي يشكل بوصلة للمحكمة العليا في الدفاع عن حقوق المواطن والإنسان. وحذر من أن تفريغ قانون الأساس هذا بداعي أن القانون الجديد يتغلب عليه «يبطل عملياً ما كان قائماً حتى اليوم بأن المحكمة العليا هي حامية حقوق الإنسان. وفي معرض تفسيره لبنود مشروع القانون نوّه كيرمنتسر إلى نقاط إشكالية أخرى منها: - المس بمكانة اللغة العربية مع إلغاء كونها لغة رسمية في إسرائيل «ولن يقتصر المس باللغة أيضاً إنما من شأن مشروع القانون أن يدفع المواطنين العرب إلى عدم المشاركة في سيرورات ديموقراطية، ما يعني نهاية الديموقراطية الإسرائيلية». - مشروع القانون يتجاهل عملياً الجمهور العربي في إسرائيل وما ورد في «وثيقة الاستقلال» حول دعوة المواطنين العرب الى المشاركة في بناء الدولة على أساس مواطنة متساوية وتمثيل مناسب في مؤسسات الدولة»، إذ يؤكد أن «إسرائيل هي البيت القومي للشعب اليهودي»، ما يعني أنها ليست بيت المواطنين العرب. - تعزيز القانون العبري (التوراتي) على حساب القانون الإسرائيلي، أي أنه يحدد قدرات المحاكم على إيجاد حلول لقضايا مختلفة ودفعها إلى البحث عنها في «مبادئ الحرية والعدالة والاستقامة والسلام في تراث إسرائيل»، وفق البند 13. - المس بمكانة إسرائيل في الساحة الدولية، إذ إن العالم يدرك أن تفضيل يهودية الدولة على ديموقراطيتها يعني التمييز ضد من هو ليس يهودياً، «وعلى الحكومة أخذ هذا الاعتبار في حساباتها إذا كانت راغبة في منع تشويه صورتها وزيادة عزلتها في العالم». وختم البروفيسور مطالعته بتأكيد أن «ديموقراطية إسرائيل هي ذخر تتباهى به أمام العالم كما تتباهى بالمساواة بين مواطنيها اليهود والعرب، لكن هذا الذخر ليس مفهوماً ضمناً، ولتحذَر الحكومة من احتمال أن تطالب الأقلية العربية التي يستثنيها مشروع القانون من الوجود بحقها في تقرير المصير أسوة بأقليات كثيرة في العالم بحجة واقعية بأن القانون الجديد لا يمنحها هذا الحق». من جهة أخرى، دافع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو عن مشروع القانون، وقال في جلسة صاخبة للكنيست مساء أمس، إن مشروع القانون «سيعزز من ناحية دستورية مكانة إسرائيل دولةً يهودية، وهذا ردنا على كل من سيحاول نفي الصهيونية وذلك من خلال تقوية دولة اليهود واعتزازنا بتراثنا، إلى جانب تأمين المساواة في الحقوق لجميع المواطنين». وأعلن أنه سيتم إقرار القانون خلال 60 يوماً «لأن هذا القانون يؤكد أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي في وطنه التاريخي ويؤكد أن القدس هي عاصمتنا الأبدية». واتهم زعيم المعارضة البرلمانية اسحاق هرتسوغ نتانياهو بالسعي لتحقيق مكسب انتخابي ضيق «من خلال سن سلسلة قوانين تتعارض وروح وثيقة الاستقلال». وقال زعيم «يش عتيد» يائير لبيد إنه يؤيد تشريع قانون القومية لكن ليس بهذه الصيغة إنما أن تكون معدلة وتضمن الطابعين اليهودي والديموقراطي. واعتبرت زعيمة «ميرتس» اليسارية زهافه غالؤون مشروع القانون «إعلان حرب على المواطنين العرب».