توجه الناخبون الكوريون الجنوبيون إلى مراكز الاقتراع اليوم (الثلثاء) لانتخاب رئيس جديد، فيما يشير احتمال أن تصل نسبة المشاركة في التصويت إلى مستويات قياسية لحرص الناخبين على تجاوز فضيحة فساد أسقطت الرئيسة السابقة وهزت النخبة السياسية والاقتصادية. ومن المتوقع فوز الليبرالي مون جاي-إن رئيساً ما لم تحدث مفاجأة كبيرة، ويدعو مون إلى نهج معتدل تجاه كوريا الشمالية ويريد إصلاح الشركات العملاقة التي تديرها العائلات وزيادة الإنفاق المالي لتوفير الوظائف. وسينهي التصويت أشهر من فراغ القيادة بعد الإطاحة بالرئيسة السابقة باك جون هاي بسبب اتهامات بالرشا وإساءة استغلال السلطة في آذار (مارس) الماضي، لتصبح الرئيسة الأولى المنتخبة ديموقراطياً التي تعزل من منصبها في كوريا الجنوبية. وهي في السجن الآن انتظاراً للمحاكمة. وتنفي باك ارتكاب أي أخطاء، وأفادت وسائل إعلام كورية جنوبية أنها قررت عدم الإدلاء بصوتها. وقالت لجنة الانتخابات الوطنية إن نسبة الإقبال على التصويت بلغت 67.1 في المئة بحلول الساعة الرابعة عصراً بالتوقيت المحلي (07:00 بتوقيت غرينيتش) متجاوزةً نسبة الإقبال على الانتخابات السابقة في العام 2012 في مثل هذا الوقت، إذ بلغت 65.2 في المئة. وتتوقع اللجنة أن تتجاوز نسبة المشاركة في التصويت في المجمل 80 في المئة، والتي ستكون الأعلى منذ انتخاب الرئيس كيم داي جونغ في العام 1997 عندما أدلى 80.7 في المئة من الناخبين بأصواتهم. وقال مون جاي-إن اليوم إن على سيول أن تلعب دوراً أكثر فاعلية في العلاقات الديبلوماسية لتحد من خطر كوريا الشمالية النووي، وألا تقف ساكنة فيما تجري الولاياتالمتحدةوالصين محادثات. وقال في بث مباشر عبر موقع «يوتيوب»: «أعتقد أن ما تريده الولاياتالمتحدة هو ضغط قوي على كوريا الشمالية بتعاون من الصين لدفعها إلى طاولة المفاوضات وحملها على التخلي عن برنامجها النووي». وأضاف: «المهم في هذه العملية هو أن تقود كوريا الجنوبية تطور الأحداث. ينبغي ألا نلعب دور المتفرج الذي يراقب المحادثات بين الولاياتالمتحدةوالصين». وانتقد مون، الذي خسر بهامش ضئيل أمام باك في الانتخابات الرئاسية الماضية، الحكومتين المحافظتين السابقتين لفشلهما في منع كوريا الشمالية من تطوير أسلحة. ويدعو إلى سياسة تقوم على مساري الحوار ومواصلة الضغط والعقوبات للحض على التغيير. وأظهر استطلاع لمؤسسة «غالوب كوريا» الأربعاء الماضي، أن مون حصل على نسبة 38 في المئة بين 13 مرشحاً، وأن الوسطي آهن تشيول سو هو أقرب منافسيه بحصوله على 20 في المئة. وأبلغ مون الصحافيين بعد إدلائه بصوته أنه «أعطى الحملة كل ما لديه» وحض المواطنين على التصويت. وعبر الناطق باسم مون، باك كوانغ أون، عن أمله في أن تتجاوز نسبة الإقبال على التصويت 80 في المئة. وقال: «إن لهذه الانتخابات دلالة تاريخية مختلفة مقارنة بانتخابات سابقة لأن سببها المسائلة الأولى لرئيس في البلاد». وقال آهن، الذي صوت في وقت سابق في مركز اقتراع مختلف، إنه ينتظر «القرار الحكيم» للشعب. وشوهد مرشحون رئاسيون آخرون يصوتون في وقت سابق اليوم. وأدلى ربع الناخبين بأصواتهم في اقتراع مبكر الأسبوع الماضي وهو رقم زاد بفضل مشاركة الشباب. وستغلق مراكز الاقتراع أبوابها الساعة الثامنة مساءً بالتوقيت المحلي أي بعد ساعتين من موعد إغلاقها في العام 2012. ومن المتوقع أن يحسن فوز مون معنويات السوق في وقت دعمت فيه الصادرات القوية مرحلة من الانتعاش في رابع أكبر اقتصاد في آسيا. ومن المنتظر أن يؤدي الفائز اليمين الدستورية غداً بعد إعلان لجنة الانتخابات النتائج الرسمية. وتشير التوقعات إلى أن الرئيس الجديد سيعين رئيساً للوزراء، وهو ما سيحتاج إلى موافقة برلمانية، وكذلك المناصب الرئيسة في الحكومة ومنها وزيرا الأمن القومي والمال، وهي مناصب لا تحتاج إلى مصادقة البرلمان. وتحظى الانتخابات بمتابعة دقيقة من جانب الحلفاء والجيران في وقت يشتد فيه التوتر في شأن تطوير كوريا الشمالية لأسلحة نووية على نحو متسارع. وتتطلع كوريا الشمالية إلى فوز مون، وذكرت صحيفتها الرسمية «رودونغ سينمون» في تعليق اليوم أن الوقت حان لتنحية المواجهة جانباً بإنهاء حكم المحافظين في الجنوب. وقالت الصحيفة: «سحق مجموعة دمى المحافظين التي ارتكبت جرائم لا تحتمل يعد أقصر الطرق إلى سياسة جديدة وحياة جديدة وعالم جديد». وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تتطلع إلى مواصلة «التعاون الوثيق والبناء والعميق» مع الرئيس الجديد لكوريا الجنوبية. وقالت الناطقة باسم الوزارة كاتينا آدمز لوكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء أمس: «سنواصل الوفاء بجميع الالتزامات تجاه تحالفنا، خصوصاً فيما يتعلق بالدفاع ضد التهديد من كوريا الشمالية». وسيواجه الرئيس الجديد أيضاً تحدي نزع فتيل التوتر مع الصين الغاضبة في شأن قرار كوريا الجنوبية نشر منظومة دفاع صاروخية أميركية تعتبرها بكين تهديداً.