شيخ مشهور يُصرّح بخلافاته مع زميله على رؤوس الأشهاد، ويحاول أن يُحصي أخطاءه، ويبين قلة فقهه بالدين، ثم بعد أيام يخرج الآخر ليرد له الصاع صاعين على مرأى ومسمع من الجميع، وقد تكررت هذه المواقف خلال السنتين الماضيتين بشكل لافت، وتناقلتها معظم المنابر الإعلامية بسرور بالغ. بالنسبة للمثقفين وأصحاب الرأي، فالأمر عادي جداً، فهم يعرفون حق المعرفة أن الشيخ زيد وزميله عبيد بشر مثلنا، يأكلون ويشربون، ويعتريهم النقص الذي لا يسلم منه مخلوق، ويعلمون كذلك أن آراء هؤلاء المشايخ – مهما خلعنا عليهم من الألقاب - قابلة للأخذ والعطاء والمراجعة والتعديل، خصوصاً في ما هو موضع اجتهاد، ولذلك فلا يغير ظهورهم في وسائل الإعلام بهذا الشكل من صورتهم شيئاً كثيراً. المشكلة التي نرجو من المشايخ المشهورين الانتباه لها والعناية بها، هي أن العوام ويفترضون بأنهم لا يخطئون ولا يجري بينهم ما يجري بين الناس العاديين من الحسد والتباغض والغيبة، والبحث عن المثالب، لذلك صُدِم هؤلاء البسطاء بواقع المشايخ الذين كانوا يعدونهم مُثُلاً عُليا في الأخلاق والمعاملات والعبادات، فرأوهم على حقيقتهم، يتنافسون على الظهور الإعلامي، وينتصرون لأنفسهم، ويشطحون بالفتاوى والآراء، ليقولوا لأضواء الإعلام «هيه... نحن هنا». أثر هذا الواقع على العامة لا يخفى على أي متابع للشأن الاجتماعي، فبسبب هذه التصرفات بدأ الناس يشككون في كل شيء، فهناك محرمات كثيرة نقلها هؤلاء المشايخ إلى خانة الحلال بشكل مفاجئ، ومن دون أي مقدمات، فلم يعد رجل الشارع قادراً على الثقة في كثير من الفتاوى بسبب التباس ما حُرِم سابقاً درءاً للمفاسد بما هو حرام أساساً في شرع الله، فالعامي الذي تربى على أن الغناء حرام ثم يفاجأ بمن يحلله أصبح يشك في بقية قائمة المحرمات، بل إن بعض الخبثاء يكرر بعد سماعه لأي فتوى تحريم بقوله: «لا تخاف، بعد شهر تصير حلالاً». نافل العتيبي - الرياض nafl88hotmail.com