أكدت موسكو، أمس، استعدادها للتعاون مع واشنطن في الملف السوري، مبدية انفتاحها على العمل مع التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة، في موقف مرن لافت جاء بعد فتور في العلاقات على خلفية الهجوم الكيماوي في إدلب والرد الأميركي عليه بقصف قاعدة الشعيرات السورية. وظهرت أمس ملامح عملية عسكرية تركية ضد الأكراد في شمال سورية، في ظل تقارير عن حشود للجيش التركي على الحدود. وكرر الرئيس رجب طيب أردوغان تحذير إدارة الرئيس دونالد ترامب من الرهان على «الإرهابيين» الأكراد، قائلاً: «قلنا إن مدينة منبج هي هدفنا المقبل (في سورية) ونؤكّد أننا على استعداد لتنفيذ عملية الرقة بالتعاون مع التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة ... لكن نقول للأصدقاء الأميركيين: لا تشركوا معكم في العمليات منظمات إرهابية (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب)». وأكد استعداد بلاده لضرب «الإرهابيين» خارج الأراضي التركية، قائلاً: «قد نأتي بغتة في ليلة ما». ولليوم الثاني استمر الاقتتال بين فصائل المعارضة في غوطة دمشقالشرقية، وسط تقارير عن سقوط عشرات القتلى في صفوف المتقاتلين، وإطلاق رصاص على متظاهرين يطالبون بوقف المواجهات بين «جيش الإسلام» و «هيئة تحرير الشام» و «فيلق الرحمن». سياسياً، برزت مرونة غير مسبوقة في لهجة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وهو يتحدث عن آفاق التعاون مع الأميركيين في الملف السوري. وقال خلال لقائه نظيره الأردني أيمن الصفدي إن روسيا مستعدة للتعاون مع الأميركيين في سورية، معتبراً أن «لا بد من توحيد الجهود بين روسيا والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في سورية». وقال لافروف في مستهل اللقاء إن الطرفين يركزان اهتمامهما على موضوع مكافحة تنظيمي «داعش» و «القاعدة» في مناطق جنوب سورية المتاخمة للأردن، بالإضافة إلى تحضير جولة مفاوضات آستانة. وخاطب الوزير الأردني مؤكداً أن روسيا «استمعت إلى كلام جلالة الملك عبدالله الثاني بأن المفتاح الأساسي لجهد دولي فعّال في سورية هو التعاون بين روسياوالولاياتالمتحدة، وأستطيع أن أؤكد لكم أننا على استعداد تام لذلك، ونتوقع موقفاً مماثلاً من واشنطن». وتعد إشارة لافروف الى الاستعداد للتعاون مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، تحوّلاً واضحاً في موقف موسكو التي كانت انتقدت قبل أسابيع دعوات تحضها على الانضمام الى نشاط مشترك لتعزيز مواجهة «داعش» وفتح مجالات للتسوية في سورية. وقال بيان روسي في حينها إن «على التحالف الدولي أن ينضم الى الموقف الروسي وليس العكس». وقالت أوساط ديبلوماسية روسية إن زيارة الوزير الأردني هدفت الى استطلاع مجالات لتقريب وجهات النظر بين موسكووواشنطن. واعتبر ديبلوماسيون أن حديث لافروف عن استعداد موسكو للتعاون مع واشنطن، يمكن أن يمهد لاتصالات جديدة بين الطرفين، خصوصاً أنها جاءت بعد مرور يوم واحد على إعلان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون استعداده لعقد جولة محادثات جديدة مع الجانب الروسي. كما انها تأتي بالتزامن مع بروز معطيات عن اتصالات لتحديد موعد لأول لقاء بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب يمكن أن يُعقد خلال أيار (مايو). الى ذلك، أكدت رئيسة مجلس الفيديرالية (الشيوخ) الروسي، فالينتينا ماتفيينكو، أن موسكو كانت تتوقع منذ البداية أن تتعرض الهدنة في سورية لخروقات كبرى، مضيفة أن روسيا ستواصل العمل مع الضامنين الإيراني والتركي للمحافظة على وقف النار. وتطرقت إلى وضع الرئيس بشار الأسد، الذي أصبح مستقبله مطروحاً بقوة مع موسكو خلال الفترة الأخيرة، وجددت تأكيد موقف الكرملين أن روسيا «لا تدافع عن الأسد كشخص، بل يكمن موقفها في رفض التدخل في شؤون دول ذات سيادة». وتساءلت: «ماذا سيحدث اذا رحل الأسد؟ ... فوضى وحرب أهلية طويلة».