ترجم أصحاب الشاحنات والجرافات احتجاجهم أمس، على قرار وزارة الداخلية وقف العمل في الكسارات والمرامل في لبنان لمدة شهر، بقطع الطرق الدولية التي تربط المناطق اللبنانية بعضها ببعض وبالعاصمة، مضيقين الخناق على الناس العابرين منذ الصباح الباكر إلى أعمالهم ومدارسهم ومشافيهم. فعلت الأصوات الغاضبة على تحويل الناس رهائن من كل من أراد مطلباً من الدولة. وبلغ الغضب ذروته حين حصل اشتباك بالأيدي على طريق المطار على خلفية إقفال الطريق من الشاحنات شُهرت خلاله أسلحة فردية وتم إطلاق النار وتحطيم سيارات على مرأى من عناصر قوى الأمن الذين بدوا من دون حيلة، وسط صراخ نسوة وأطفال محتجزين داخل سياراتهم. ووصف بعض الناس ما تعرض له بأنه «عمل عصابات». وبعد الظهر، ألقت شعبة المعلومات القبض على س. ف. وهو المفتعل الأساس للإشكال الذي وقع. وأثار المشهد الذي تناقلته وسائل الإعلام المرئية ووسائل التواصل الاجتماعي بسرعة البرق، واتصالات ناس عالقين في الشارع بمحطات التلفزة عبروا خلالها عن قرفهم من كل السياسيين والأحزاب، ردود فعل سياسية حاولت امتصاص نقمة الشارع لمصلحة الناس وليس أصحاب الشاحنات، فأكد هؤلاء تصميمهم على التصعيد اليوم لكن من دون اقفال الطرق. واستدعى الأمر انعقاد مجلس الأمن المركزي، وسبقه وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى التصريح بأنه «لا يعتقد أن هناك جهات سياسية تقف وراء ما حصل، فكل الجهات السياسية مشاركة في المرامل والكسارات وكل الجهات كانت تراجع وتضغط لفتح هذه الكسارة أو تلك»، في وقت خرج نواب من مقر رئيس المجلس النيابي نبيه بري لينقلوا عنه استياءه «من قطع الطرق» واعتباره «الأمر عملاً مستنكراً وضد الناس» وقوله إن «ما حدث اليوم كارثة وموقفنا معروف من موضوع المرامل والكسارات التي شوهت الطبيعة». وكان أصحاب الشاحنات والجرافات قطعوا بشاحناتهم منذ الصباح الأولى، الطرق الرئيسة. ورفعوا قلاباتها ما فرض أجواء تشبه التهديد. وتمنى الوزير المشنوق من خلال تصريحات إعلامية أدلى بها في ذروة ما يحصل، على رئيس الجمهورية ميشال عون دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد للبحث في ملف المرامل والكسارات وكل القضايا التي تهم الناس، «بعيداً من النزاع السياسي حول قانون الانتخاب». وأعلن عن «إعطاء المحتجين مهلة نصف ساعة لفتح الطرق لأنه ممنوع على أي مجموعة أن تقوم بتعطيل حياة الناس ولن نخضع للابتزاز في أي ظرف من الظروف». ولفت إلى أن «الخراب الذي حصل نتيجة أعمال المرامل والكسارات فتح الباب أمام تخريب له أول وليس له آخر». وتراجع إقفال الطرق بعد تصريح المشنوق واتصالات أجراها مع الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري اللذين أيدا كل الخطوات التي قامت بها قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني لتسهيل تنقلات المواطنين وسلامتهم. وعقد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن الداخلي المركزي في وزارة الداخلية «وتقرّر الطلب إلى القوى العسكرية والأمنية المباشرة من صباح غد باتخاذ كل التدابير والإجراءات اللازمة لمنع إقفال الطرق الدولية». وأوصى ب «ضرورة اتخاذ القوى العسكرية والأمنية الإجراءات القانونية بشكل سليم وحازم لمنع أي تحركات مماثلة قد تحصل في المستقبل حفاظاً على ممتلكات الناس والسلم الأهلي»، مع تأكيده «ضرورة الحفاظ على الحريات العامة وحقّ التعبير». إلا أن رئيس نقابة مالكي الشاحنات شفيق القسيس، أصر خلال مؤتمر صحافي عقده بعد فتح الطرق، على معاودة النزول إلى الشارع ابتداء من السابعة صباح غد»، سائلاً: «لماذا أوقفوا أعمالنا؟ هل انتقاماً منا؟ أو لغايات شخصية؟»، مؤكداً «أننا لسنا مكسر عصا».