اتجهت موسكووأنقرة إلى تطويق خلافات متصاعدة بينهما في شأن الملف السوري، إذ أعلن الكرملين عن زيارة لم تكن مقررة مسبقاً، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى روسيا في 3 و4 أيار (مايو) المقبل. تزامن ذلك مع كشف أنقرة اتفاقاً وشيكاً لتزويدها أنظمة صاروخية روسية متطوّرة من طراز «أس-400». وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيجري محادثات مع أردوغان، تركّز على الوضع في سورية، خلال لقائهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود. والزيارة لم تكن مُدرجة مسبقاً على جدول أعمال بوتين، ما دفع معلّقين إلى ترجيح أن يكون ترتيبها هدف إلى تقليص تباينات ظهرت أخيراً بين الجانبين، خصوصاً بعد ترحيب تركيا بالضربات الصاروخية الأميركية على قاعدة «الشعيرات» السورية. وكان بوتين وأردوغان أجريا محادثات شاملة في موسكو الشهر الماضي، أثمرت اتفاقاً على إطلاق «تطبيع كامل» بين البلدين اللذين يسعيان إلى «شراكة حقيقية»، كما قال الرئيس الروسي. لكن خلافات برزت سريعاً، بعد تمركز قوات روسية في بلدة عفرين السورية، فيما استدعت أنقرة القائم بالأعمال الروسي، احتجاجاً على مقتل جندي تركي على الحدود مع سورية، في خطوة أزعجت موسكو واعتبرتها «استعراضية». واتهمت أوساط روسية أنقرة بتعمّد إفشال جولة المفاوضات الأخيرة في آستانة، عبر تجاهل نداءات للتأثير في فصائل المعارضة السورية التي قاطعت الجولة. وطاولت الخلافات الملف التجاري، إذ ردّت أنقرة على مماطلة موسكو في رفع قيود مفروضة على استيراد أغذية تركية، بحظر استيراد القمح الروسي، ووقف خدمة نقل العبّارات إلى شبه جزيرة القرم، وبفرض حظر على السفن الآتية من مدن الإقليم إلى الموانئ التركية. في غضون ذلك، أعلن وزير الدفاع التركي فكري إيشيق، أن موسكووأنقرة بلغتا «المرحلة النهائية» من مفاوضات في شأن تزويد الجيش التركي منظومات «أس-400». وأضاف: «بات الطرفان قريبَين من اتفاق نهائي، لكن ذلك لا يعني أن العقد سيُبرم غداً. تركيا في حاجة ماسة إلى نظام دفاعٍ جوّي متطور، ولم يقدّم الحلف الأطلسي بديلاً فاعلاً ومناسباً من الناحية المالية، كما أن دوله لا تريد أن تشاطرنا التقنيات الصاروخية». وكان سيرغي تشيميزوف، رئيس شركة «روستيخ» الروسية المسؤولة عن الصناعات العسكرية، أعلن الشهر الماضي أن أنقرة أبدت رغبة في نيل قرض روسي لتمويل الصفقة. ولم تستبعد أوساط قريبة من وزارة المال الروسية، الاتفاق قريباً على حجم القرض. لكن الإعلان الشهر الماضي عن احتمال تزويد أنقرة منظومة «أس - 400» الدفاعية المتطورة، أثار جدلاً لدى عسكريين روس، إذ أفادت وكالة «نوفوستي» الرسمية ب «انقسام في الرأي بين مؤيّدين لتشجيع تركيا على الاقتراب أكثر من روسيا، ومعارضين اعتبروا أن بيع النظام (الصاروخي) الأكثر تطوراً لبلد عضو في حلف معادٍ، خطوة غير محسوبة العواقب». وأشار معلّقون عسكريون إلى أن «القرار النهائي سياسي، وهو عند بوتين»، علماً أن أنقرة كانت أعلنت أنها لن تدمج النظام الدفاعي الروسي مع المنظومة الأطلسية التي تستخدمها. وكانت تركيا ألغت عام 2015 مناقصة قيمتها 3.4 بليون دولار على نظام دفاع صاروخي بعيد المدى، مُنِحت موقتاً للصين، وأعلنت آنذاك أنها ستدرس تطوير نظام صاروخي محلياً، لكنها غيّرت موقفها لاحقاً.