أطلقت موسكووأنقرة مرحلة جديدة في تطوير العلاقات الثنائية وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها «عودة إلى الشراكة الحقيقية»، فيما أكد نظيره التركي رجب طيب أردوغان أن البلدين «أنجزا عملية تطبيع العلاقات». واتفق الجانبان بعد جولة محادثات مطولة حضرها وزراء الدفاع والخارجية على تعزيز التنسيق الأمني والعسكري في سورية . وانعقدت القمة الروسية- التركية قبل أيام من جولة مفاوضات إضافية في آستانة تستهدف تثبيت وقف النار في سورية ومناقشة «خرائط» انتشار الجماعات الإرهابية، إذ قال سيرغي رودسكوي قائد إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة الروسية إن جولة آستانة يومي 14 و15 «ستشهد رسم الخريطة النهائية لمواقع تنظيمي داعش والنصرة في سورية». كما تزامنت القمة مع استمرار التصعيد الكردي- التركي في سورية، ففيما أعلن الجيش التركي أنه قتل 71 عنصراً من «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية خلال الأيام السبعة الماضية، قالت «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة من الأميركيين والتي يشكّل الأكراد عمادها، إن لديها «القوة الكافية» لتتمكن وحدها، بمساعدة التحالف، من طرد «داعش» من معقله في الرقة، في تأكيد جديد لرفض الأكراد مشاركة تركيا في عملية الرقة. وعقد الرئيسان بوتين وأردوغان جلسة محادثات ثنائية خلف أبواب مغلقة، تلت الجلسة الموسعة التي جرت بحضور وفدي البلدين، وطرحت خلالها كل ملفات العلاقات الروسية- التركية. وكان لافتاً أن المحادثات استغرقت وقتاً أطول بساعات عدة من الفترة المحددة. وفي مؤتمر صحافي مشترك أعقب المحادثات، أعلن بوتين أن روسياوتركيا «عادتا إلى الشراكة الحقيقية». وشدد على أن روسيا «تعتبر تركيا شريكاً بالغ الأهمية»، مؤكداً اتفاق الجانبين على مواصلة الحوارات المكثفة على أعلى المستويات. وأوضح الرئيس الروسي أنه بحث مع أردوغان في القضايا الإقليمية وعلى رأسها الوضع في سورية، مشدداً على الأهمية التي توليها روسيا ل «توحيد جهود موسكووأنقرة في مكافحة الإرهاب»، مذكّراً بأنه «بفضل تعاون روسياوتركيا، تم التوصل إلى نظام وقف النار وإطلاق مفاوضات آستانة». وكشف بوتين اتفاقاً لتعزيز «التعاون الاستخباراتي والعسكري بين البلدين». مشيراً إلى توجه روسياوتركيا ل «نشاط مشترك بهدف ملاحقة المطلوبين في البلدين». كما شدد على إدانة موسكو «أي أعمال إرهابية تستهدف تركيا مهما كانت محركاتها ودوافعها». وزاد أن «موقف روسيا المبدئي حول هذا الموضوع لن يشهد أي تغيير». وأشار إلى «صعوبات تعاني منها المنطقة وليس فقط سورية، وهي تثير قلقنا وتدفعنا إلى مزيد من العمل المشترك». في الملفات الثنائية، أعلن بوتين أن بلاده رفعت حظراً جزئياً على استيراد المواد الغذائية من تركيا، وتعهد ب «رفع قريب للقيود المفروضة على قطاع الأعمال التركي في روسيا». ولفت أردوغان بدوره إلى الأهمية التي توليها أنقرة لتعزيز التعاون الأمني- العسكري مع روسيا في سورية، وأشار إلى اتفاق على آلية لتنسيق دوري منظم بين المؤسسات الأمنية والعسكرية في البلدين. وأشاد بتسريع وتائر التعاون الروسي- التركي بشأن أهم المشاريع، مثل خط أنابيب «السيل التركي» ومحطة «أكويو» الكهرو- ذرية. وأكد أن العناصر الأساسية للتعاون الروسي- التركي تشمل قطاعي الإنتاج الحربي والطاقة. وأفادت مصادر عسكرية بأن ملف التعاون العسكري كان حاضراً بقوة من خلال طلب تركيا تزويدها أنظمة الدفاع الجوي «أس 400». وفي حال تم توقيع هذه الصفقة ستكون الأضخم لتركيا والأولى من نوعها لبلد عضو في حلف شمال الأطلسي. وكان لافتاً أن الرئيسين تجنبا الخوض في ملفات شائكة حول سورية، على رغم إشارة أردوغان العابرة إلى الوضع حول منبج. وفيما ركز بوتين على ملف «مكافحة الإرهاب، وخصوصاً داعش والنصرة»، تعمّد أردوغان أن يوجّه إشارات مباشرة إلى أن «تركياوروسيا متفقتان على أنه لا تمكن مواجهة الإرهاب باستخدام الإرهاب»، وأشار إلى حزب الاتحاد الديموقراطي الكردستاني أكثر من مرة خلال المؤتمر الصحافي المشترك. وأكدت مصادر أن ملف الداعية عبدالله غولن كان حاضراً عبر طلب مباشر من أردوغان بالمساعدة في ملاحقة نشاطه، ولفتت إلى أن بوتين أبدى مرونة في هذا الملف من خلال الإشارة إلى «تعاون على ملاحقة المطلوبين من الجانبين».