نظمت المعارضة تظاهرات جديدة ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص وتوقيف مئات، خلال أضخم احتجاجات مناهضة للحكومة منذ سنوات. ونزل مئات الآلاف من المعارضين إلى شوارع كراكاس ومدن أخرى، في احتجاجات أطلقوا عليها «أم المسيرات». وأغلق المتظاهرون جزءاً من الطريق الرئيس في العاصمة، رافعين العلم الفنزويلي ومرددين «لا ديكتاتورية بعد اليوم» و «ارحل يا مادورو». وأغلقت قوات من الشرطة والجيش مداخل العاصمة، وأطلقت على متظاهرين غازاً مسيلاً للدموع ورصاصاً مطاطياً. وردّ هؤلاء برشق قوات الأمن بحجارة وزجاجات حارقة، فيما شهدت أحياء في كراكاس ومدن أخرى عمليات نهب لمخابز ومتاجر. وقال أليكسيس مندوزا، وهو موظف إداري، خلال مسيرة في كراكاس: «لا بد لنا من وقفة، لأن البلد يموت جوعاً. تضمّ المعارضة كثيرين لا تعوزهم الشجاعة». وقالت المتظاهرة إنغريد تشاكون، وتعمل سكرتيرة: «يجب الخروج من الديكتاتورية. نريد انتخابات وأن يرحل مادورو من السلطة، لأنه دمّر البلاد». وقال المتظاهر جان توفار: «ليس لدينا طعام في البراد. لدي طفل عمره سنتان، وأنا عاطل من العمل، كل ذلك بسبب مادورو». وأُغلقت المحال التجارية ومحطات المترو في كراكاس، فيما أعلنت شبكتا «إيل تييمب```و» الكولومبية و «تودو نوتيسياس» الأرجنتينية قطع بثّهما في فنزويلا أثناء التظاهرات. وعلى بعد أمتار من مناهضين لحكومة، نظم مؤيّدون لمادورو تظاهرة مضادة في كراكاس، استجابة لطلب من الرئيس، وأحرق بعضهم علماً أميركياً. وأفادت معلومات بحدوث اشتباكات في البلاد. وكان لافتاً أن فقراء كانوا مؤيّدين لمادورو شاركوا في التظاهرات المناهضة له، إذ إن 7 من كل 10 فنزويليين باتوا يرغبون في رحيل الرئيس، بسبب أزمة اقتصادية ومعيشية طاحنة، وندرة السلع الأساسية. ففي حيّ بيتاري الشعبي شرق كراكاس، وهو معقل سابق لأنصار الرئيس الراحل هوغو تشافيز الذي خلفه مادورو، شاركت باولا نافاس في التظاهرات ضد الرئيس، بعد وفاة ابنتها أنهيلي في مستشفى الأسبوع الماضي، بسبب عدم توافر أدوية. وقالت: «يجب أن تتغير فنزويلا، هذه ليست حياة. هؤلاء الناس (في الحكومة) يجب أن يرحلوا. الأحياء (الشعبية) في صدد الانضمام إلى المعارضة، ونزعة تشافيز في صدد الزوال. سأبقى هنا حتى النهاية، سواء استُخدم غاز مسيل للدموع أم لا. سأتظاهر من أجل بناتي ومن أجل ابنتي أنهيلي». وأدت التظاهرات إلى مقتل طالب عمره 17 سنة، وطالبة عمرها 23 سنة، أُصيبا برصاصة في رأسهما. واتهمت المعارضة مجموعات مؤيّدة للحكومة بقتل الطالبين، علماً أنها تُطلق على نفسها «اللجان الشعبية» وتُعتبر أجنحة مسلحة تابعة للحزب الاشتراكي الحاكم. في المقابل، أعلن القيادي في الحزب الحاكم ديوسدادو كابيّو مقتل عنصر من «الحرس الوطني»، متهماً المعارضة ب «اغتياله». وبذلك يكون 8 أشخاص قُتلوا خلال احتجاجات في فنزويلا هذا الشهر. وأعلنت جماعة مدافعة عن حقوق الإنسان أن الشرطة أوقفت أكثر من 400 شخص خلال الاحتجاجات. لكن زعيم المعارضة إنريكه كابريلس دعا «الشعب الفنزويلي بأكمله إلى تعبئة» وتنظيم احتجاجات أخرى. واتهم ممثل فنزويلا في «منظمة الدول الأميركية» (مقرها واشنطن) الولاياتالمتحدة ب «قيادة انقلاب» في بلده، بعدما اعتبر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن السلطات الفنزويلية «تنتهك الدستور»، مبدياً «قلقه» إزاء الوضع في البلاد. وتفاقم التوتر فجأة الثلثاء، مع إعلان مادورو تفعيل «خطة زامورا» من أجل «دحر الانقلاب وتصاعد العنف»، علماً أن التظاهرات الأخيرة بدأت مطلع الشهر، بعد قرار أصدرته المحكمة العليا بتولي صلاحيات البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، ما أثار احتجاجات، فتراجعت عن قرارها. لكن مادورو أعلن أنه يأمل بتنظيم انتخابات «قريبا»ً، ل «يكسب المعركة» نهائياً مع المعارضة. إلى ذلك، أعلنت «جنرال موتورز» الأميركية وقف الإنتاج في فنزويلا، متهمة السلطات بمصادرة مصنعها، وتعهدت اتخاذ «كل الإجراءات القانونية» لحماية حقوقها.