أطلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمس عميدة الأسيرات الفلسطينيات لينا الجربوني بعد انتهاء مدة محكوميتها كاملة البالغة 15 عاماً، وذلك عشية شروع 1500 من رفاقها الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي في معركة «الأمعاء الخاوية» ببدء إضراب مفتوح عن الطعام اعتباراً من صباح اليوم. ويأتي الإضراب عن الطعام بقيادة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» مروان البرغوثي، بالتزامن مع يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف 17 نيسان (أبريل) من كل عام، واحتجاجاً على ممارسات الاحتلال وانتهاكاته ضدهم. وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في فلسطين عيسى قراقع، إن «أكثر من 1500 أسير فلسطيني سيخوضون إضراباً جماعياً ابتداءً من الإثنين»، متوقعاً «ازدياد العدد في الأيام اللاحقة». وأضاف في بيان أن «الأسرى يحتاجون إلى دعم محلي وإقليمي لتحقيق سلسلة من المطالب الإنسانية، وأن جهوداً تبذل ومطالبات بعدم تكرار عمليات اقتحام غرفهم، ورفع العقوبات التي أقرت»، معرباً عن أمله أن «تلتزم إسرائيل الاتفاقات هذه المرة». ودعا قراقع جماهير الشعب الفلسطيني والمؤسسات الوطنية الرسمية والشعبية للمشاركة في فعاليات ومساندة الأسرى الفلسطينيين. كما دعا مؤسسات حقوق الإنسان إلى «إلزام دولة الاحتلال احترام القانون الدولي، وكشف مخالفاتها للقانون في معتقلاتها». وأشار إلى «الأهمية الاستثنائية» لهذا الإضراب ورمزيته الوطنية والعالمية، الذي يقوده البرغوثي. واعتبر أن «انتصار الحركة الأسيرة بتحقيق مطالبها يعني استعادة هيبتها وقوتها في مواجهة التحديات والممارسات التعسفية الإسرائيلية المتصاعدة في السنوات الأخيرة، ويقرّب الأسرى من حقوقهم الأساسية ومطالبهم، ومنع الاحتلال من المس بكرامتهم». والى جانب أسرى «فتح»، يخوض الإضراب أسرى «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين»، وأسرى حزب «الشعب». وكان الأسرى الفلسطينيون خاضوا أول إضراب مفتوح عن الطعام في السجون الإسرائيلية في سجن نابلس أوائل عام 1968 لمدة ثلاثة أيام احتجاجاً على سياسة الضرب والإذلال التي كانوا يتعرضون لها على يد الجنود الإسرائيليين، والمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والإنسانية، قبل أن تتوالى الإضرابات عن الطعام. ويلجأ الأسرى عادة إلى الإضراب عندما ترفض سلطات الاحتلال الاستجابة لمطالبهم التي تفاوض عليها لجنة تضم ممثلين عن كل الفصائل تسمى «اللجنة النضالية العليا». من جهتها، دعت «منظمة فرع الجبهة الشعبية» في سجون الاحتلال المؤسسات الحقوقية والإنسانية والإعلامية إلى مساندة الأسرى بوضع برنامج وطني موحد على كل الصعد، وميداني ليعطي نتائج أكثر فاعلية. وطالبت قيادات الشعب الفلسطيني «ببذل جهود متواصلة لترجمة المسؤولية عن الأسرى (الذين يأتون في مرتبة ما بعد الشهداء) وعمل كل المستطاع من أجل أن تكون دافعاً لهم لمواصلة صمودهم والانتصار في معاركهم المتواصلة ضد مصلحة السجون، وصولاً لابتداع أساليب وأشكال مختلفة لتحريرهم». رسالة مارسيل خليفة في هذه الأثناء، وجه الفنان العربي اللبناني مارسيل خليفة رسالة متلفزة للأسرى الفلسطينيين لرفع معنوياتهم في الإضراب، وتؤكد وقوف الأحرار إلى جانبهم. كما وجه خليفة، الذي يتمتع بشعبية كبيرة في صفوف الفلسطينيين، رسالة مكتوبة إلى الشعب الفلسطيني. وقال في رسالته: «عندما خرج الفلسطينيون إلى المنافي القريبة والبعيدة، لم أكن بعد ولدت، وفي العاشرة من عمري شاهدت فيلماً تسجيلياً لأناس يقفزون من حلم أرضهم ليرسوا على أشواك السياج البعيد، أحببت فلسطين أكثر ممّا كنت أعرف، وفي شفافية تجرح ذلك الصبيّ إلى حد العتمة التي حلّت بالفلسطينيين». وأضاف: «من يومها واصلت السير الشاق إلى أرض فلسطين... أشهرت الأمل في وجه الألم، كتبت وغنيت وناضلت وخضت مع كثيرين معركة الدفاع عن الهوية والتاريخ لحماية ذاكرتنا وحقّنا في أرضنا وانتمائنا الإنساني لهذه الأرض». وزاد: «ها نحن يحدق بنا الخطر من دون أن نملك دفاعاً غير هذه الكلمات والإيمان الأعظم بأن الشعب الفلسطيني ذاهب إلى مستقبله الذي يريده ويحلم به، على رغم كل محاولات تعطيل خطواته وتعويق ذهابه الفاتن». وتابع: «نضع فلسطين تحيّة كل صباح وأيقونة للحب، ونرفع صوتنا معلنين أن للشعب الفلسطيني إخوة لا يحصون. وما على الطغاة إلاّ أن يبعثوا بعسسهم وجيشهم وصليل سلاسلهم لملاحقة إخوة لا يحصون. لن أقول لكم مرّة أخرى كم أحب فلسطين، لكن أقول إني استعضت بفلسطين عن العالم. فلسطين امنحيني وهج عينيك ليكون وطني الوحيد ضد أوطان البشر». اطلاق عميدة الاسيرات إلى ذلك، أطلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي صباح أمس الأسيرة لينا الجربوني (40 عاما) التي تعتبر عميدة الأسيرات الفلسطينيات، وصاحبة أطول فترة قضتها أسيرة فلسطينية في شكل متواصل في تاريخ السجون الإسرائيلية. ولدى وصولها إلى بلدتها عرابة البطوف في فلسطين ال48 حيث استقبلت بحفاوة وسعادة، دعت الجربوني إلى «الوقوف الى جانب قضية الأسرى»، مؤكدة أن ‘الأسرى يطالبون بإنهاء الانقسام، وإعادة الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني، ومطلبهم الأساس الحرية». وقالت الجربوني لموقع «عرب 48»: ‘أشكر أبناء شعبي وأهلي على هذا الاستقبال. لا يمكنني التعبير عن الشعور بالحرية بعدد من الكلمات، سعادتي منقوصة كوني أترك آلاف الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، فالأسرى لهم مطلب واحد وهو وحدة الشعب الفلسطيني ووقوفه خلف قضية الأسرى خصوصاً، ووحدة الشعب الفلسطيني عموماً». وعن حال الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية، قالت الجربوني: «تركت 56 أسيرة فلسطينية داخل السجون، وأتمنى على الشعب الفلسطيني وقيادته جميعاً العمل على تحرير كل الأسرى وليس الأسيرات فقط». ولم تتمكن الجربوني من التعرف إلى بيتها، وسألت: «لمن هذا البيت؟»، كما سألت عن قريبات لها وصديقاتها. وكانت سلطات الاحتلال اعتقلت الجربوني عام 2002 بتهمة مشاركتها في خلية تابعة لحركة «الجهاد الإسلامي» نفذت عمليات عسكرية داخل فلسطين التاريخية. يذكر ان الجربوني كانت مدرجة ضمن قوائم الأسرى المفرج عنهم في صفقة «وفاء الأحرار» المعروفة إسرائيلياً باسم «صفقة شاليت» عام 2011، إلا أن سلطات الاحتلال رفضت إطلاقها.