بات التحالف القائم بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح مهدداً بالانهيار الذي قد يؤدي إلى مواجهات مسلحة مباشرة بين الجماعة والمسلحين التابعين ل «المؤتمر الشعبي العام» بزعامة صالح. وكان زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي من مخبإه في محافظة صعدة أعلن عن توجيهات أصدرها لما يسمى «اللجنة الثورية» بتطهير البلاد وتنظيفها (المحافظات والمناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون)، من كل من يختلف معهم أو يخالفهم الرأي والتوجه السياسي والمذهبي في كل مؤسسات الدولة ومرافقها، والذين وصفهم ب «الطابور الخامس». وتبدو الدعوات إلى تنظيف البلد، التي أطلقها الحوثي في خطابين خلال أقل من أسبوع، كأنها تهدف إلى استهداف أنصار صالح وإقصاء كوادر «المؤتمر الشعبي»، الذين لم تعد غالبيتهم تخفي الندم على دعم الحوثي في اقتحام صنعاء تحت شعارات زائفة، اتضح أنها كانت مجرد غطاء لسرقة موارد البلاد وتدمير مؤسسات الدولة والمنجزات التنموية. وغلبت على الخطابات الأخيرة لعبدالملك الحوثي النزعة المذهبية، والتحريض باستخدام العنف وترهيب المواطنين، واعتبار كل من يخالفهم الرأي أو المذهب، أو من يطالب بصرف راتبه، أو من يطالب الحوثي بتحمل مسؤوليته عما وصلت إليه البلاد، معادياً لهم. في هذا السياق، تتفق مصادر في أوساط حزب «المؤتمر» وأنصار صالح على أن الحوثي لا يزال يدير المناطق التي يسيطر عليها، بما فيها حكومة التحالف الانقلابية في صنعاء بواسطة «اللجان الثورية» التي يرأسها ابن عمه محمد علي الحوثي. وقالت هذه المصادر أن رئيس ما يسمى «حكومة الإنقاذ» ووزراءه يديرهم مشرفون حوثيون أنصاف متعلمين يتبعون «اللجنة الثورية». وأكدت مصادر في صنعاء أن الحوثيين انتهوا من إعداد قوائم بحوالى مئتي ألف شخص من موظفي قطاع التعليم والقضاء ومؤسسات الدولة والجيش والمؤسسات الأمنية والقطاع العام والمختلط، سيتم إقصاؤهم من وظائفهم في عملية التطهير المتوقعة قريباً. وتأتي هذه التطورات الداخلية بين الانقلابيين، في الوقت الذي يشتد الضغط العسكري عليهم من جانب قوات الجيش الوطني المسنود بطيران التحالف العربي، وتحقيق قوات الشرعية انتصارات مهمة في مختلف الجبهات، إذ باتت مدفعيتها قادرة على ضرب أهداف داخل صنعاء من جبهة نهم شرقاً، في حين تشدد قوات التحالف البحرية والجوية الخناق على الساحل الغربي، استعداداً للسيطرة على ميناء الحديدة الاستراتيجي على البحر الأحمر. ووصلت إلى قوات الجيش في جبهة نهم تعزيزات من العتاد الثقيل وعشرات منصات صواريخ «كاتيوشا» ومدافع ميدانية وسلاح مدفعي ودبابات، استعداداً لمعركة تحرير صنعاء. إلى ذلك، أكدت مصادر عسكرية في محافظة تعز أن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية قتلت حوالى ثلاثين من عناصر الميليشيات، خلال الساعات الماضية في مختلف الجبهات، وقالت إن الميليشيات الانقلابية استهدفت الأحياء السكنية في المدينة وضواحيها. وفرضت قوات الجيش سيطرتها على مواقع جديدة في منطقة ميدي بعد معارك عنيفة مع الميليشيات. وأكد مصدر عسكري سقوط قتلى وجرحى في صفوف الانقلابيين، إضافة إلى أسر قناصين اثنين من عناصر الميليشيات. وأشار المصدر إلى اعتراف الأسيرين بتلقيهما تدريبات على أيدي خبراء إيرانيين ولبنانيين في دورات مختلفة. وقال المصدر إن قوات الجيش فرضت حصاراً محكماً على ميدي، إضافة إلى استعادة أسلحة وذخائر كبيرة من تلك المواقع المحررة. من جهة أخرى، أكد الناطق باسم فريق تقييم الحوادث التابع للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن المستشار القانوني منصور المنصور، أن غالبية الأهداف التي اعترضت عليها المنظمات الدولية خلال الفترة الماضية، أظهرت نتائج التحقيق فيها أنها جاءت استناداً إلى القواعد المنصوص عليها في القانون الإنساني والأحكام العرفية. وأشار خلال مؤتمر صحافي عقد في الرياض أمس، إلى أن المهمات الجوية التي تنفذ تأتي بناء على معلومات استخبارية دقيقة، كما تستخدم أسلحة موجهة بالليزر، لضمان دقة أكبر في الإصابة من دون تحقيق أضرار جانبية. إلى ذلك، استنكرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) تقديم منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) تمويلاً لجماعة الحوثي لطباعة كتب ذات منحى طائفي. وأكدت المنظمة التي تتخذ العاصمة المغربية الرباط مقراً لها في بيان أمس، أن هذا العمل مخالف لموقف الأممالمتحدة التي تعترف بالحكومة الشرعية في اليمن. وأوضح البيان أن اليونيسيف موّلت المتمردين الحوثيين بألف طن من الورق لطباعة مناهج دراسية جديدة، مبينةً أن تلك المناهج طرأت عليها تعديلات تحمل التوجهات الطائفية للجماعة.