واصلت قوات الشرطة الاتحادية تقدمها نحو منارة الحدباء الأثرية في الشطر الغربي للموصل، وسط أنباء عن سقوط قتلى مدنيين جراء عمليات القصف، فيما أعلن الجيش الأميركي أن خسائر القوات العراقية تقدر بنحو 4 آلاف بين قتيل وجريح، منذ انطلاق معركة استعادة الجانب الأيمن في شباط (فبراير) الماضي. وأفاد قائد «الشرطة الاتحادية» الفريق رائد شاكر جودت في بيان أمس، بأن قواته «استكملت تقدمها باتجاه منارة الحدباء، وسط المدينة القديمة، بعد سيطرتها على منطقة قضيب البان من المحور الغربي»، وأشار إلى أن «قطعات المحور الشرقي تواصل الإغارة المباغتة بإسناد قناصتها في الحافات الأمامية، وطيرانها المسير على محيط جامع النوري الكبير وتمكنت من فتح ممرات آمنة لإجلاء المدنيين». وأضاف أن «طائراتنا كشفت واحدة من أساليب داعش الخبيثة في استخدام المدنيين دروعاً بشرية وترصد أحد الإرهابيين يستخدم طفلاً بالقوة كي يهرب من نيران قناصتنا في المدينة القديمة، وأصدرنا أمراً بعدم إطلاق النار خشية إصابة الطفل». وأكد مصدر أمني أن «قوات الرد السريع تبعد عشرات الأمتار عن ملعب الإدارة المحلية في منطقة باب سنجار، فيما يحاول جهاز مكافحة الإرهاب الوصول إلى جامع النعيمي في حي اليرموك، لكنه اضطر إلى التراجع من المجمع التجاري على وقع هجمات عنيفة من التنظيم بواسطة العربات المفخخة». وتابع أن «وحدات الجهاز وصلت إلى مشارف طريق السحاجي الاستراتيجي بعد حصولها على موطئ قدم في حي اليرموك». وأوضح أن «عمليات قصف مكثفة يقوم بها عناصر داعش منذ يومين في عدة مناطق، وتركزت في منطقة الشفاء، وقتل عدد من المدنيين بينهم نساء وأطفال وأصيب آخرون بانفجار عبوة ناسفة كان زرعها المسلحون أثناء فرارهم قرب الجسر الخامس من جهة الضفة الغربية للنهر، وقتل مدنيان بقذيفة قرب منطقة جامع النوري الكبير، فيما قتل وأصيب أكثر من 12 مدنياً في قصف جوي طاول منازل في حي المشاهدة». وأعلن معاون قائد العمليات الخاصة الأولى في جهاز مكافحة الإرهاب العميد الركن حيدر العبيدي أن «قواتنا ما زالت تتقدم وتمكن الرتل الغربي من تحقيق التماس مع قطعات الفرقة التاسعة بالقرب من حي رجم الحديد ووادي العين الجنوبي». وقال قائد العمليات الثانية في الجهاز اللواء الركن معن السعدي إن «قواتنا تحقق مزيداً من التقدم، وداعش بات في أيامه الأخيرة، وفرضنا سيطرتنا أخيراً على مناطق ونقاط إستراتيجية جديدة في المحورين الغربي والجنوبي من ضمنها معامل السايلو، ودائرة الرقابة الصحية». وبثت «وكالة أعماق» التابعة للتنظيم شريطاً مصوراً ادعت فيه «قتل العديد من عناصر الجيش في هجمات انتحارية بعربات مفخخة في حي اليرموك، وخلال مواجهات في منطقتي المطاحن والصناعة القديمة». إلى ذلك، أعلنت خلية الإعلام الحربي في بيان أن «طيران التحالف الدولي قصف موقعاً للعدو في حي الإصلاح الزراعي أسفر عن قتل عدد من قادته وهم، أبو جمال البلجيكي المسؤول العسكري لقاطع الإصلاح الزراعي، وأحمد صهيب التكريتي الملقب بأبي هاني مسؤول الاقتصادية في التنظيم، ومحمد علي علوان التكريتي مسؤول معسكراته في الجانب الأيمن». ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن القائد في العمليات المشتركة العميد محمد الجبوري أمس قوله، إن «أوامر صدرت إلى القوات بعدم استخدام الأسلحة الثقيلة كالصواريخ والمدافع الذكية للحد من الخسائر بين المدنيين، الذين يستغلهم داعش كدروع بشرية»، لافتاً إلى أن «أعداداً كبيرة من عناصر التنظيم تفر من جبهات القتال إلى خارج الموصل في ظل التقدم الكبير الذي تحققه الأجهزة الأمنية». وذكر نائب قائد «الشرطة الاتحادية» اللواء جعفر البطاط أن «داعش زرع الطريق المؤدي إلى المدينة القديمة بالعبوات الناسفة ما أعاق تقدم قطعاتنا العسكرية، وقد استشهد عدد من المدنيين الفارين من بطشه»، وأفاد شهود بأن «داعش بدأ تهجير سكان بعض الأحياء وآخرها منطقة رأس الجادة وسط الموصل وإجبارهم على ترك منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرته». ونقلت وسائل إعلام محلية عن شهود قولهم إن «التنظيم أعدم 23 مدنياً هم سكان منطقة رأس الجادة والملعب في منطقة الزنجيلي إثر رفضهم الانسحاب مع عناصره». وكشف قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي الجنرال جوزيف فوتيل، في كلمة خلال جلسة خاصة في الكونغرس عن سير العمليات ضد تنظيم داعش في سورية والعراق، أن «القوات العراقية خسرت خلال 37 يوماً من انطلاق معارك استعادة الجانب الغربي من الموصل، 284 قتيلاً ونحو 1600 جريح»، مشيراً إلى أن «عملية السيطرة على الجانب الشرقي أودت بحياة 490 مقاتلاً عراقياً، فيما أصيب نحو 3000 آخرين». واعتبر «معركة الجانب الأيمن صعبة للغاية خصوصاً في المدينة القديمة، والظروف هناك تصب في مصلحة مسلحي داعش وليس القوة المهاجمة». وكانت تطورات معركة الموصل محور محادثات هاتفية جرت بين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقال العبادي إن «هزيمة داعش أصبحت قريبة جداً»، ودعا إلى «استمرار الدعم الدولي للعراق»، فيما أكد الأخير «إعجابه بشجاعة العراقيين في مواجهة التحديات»، على ما أفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء. وفي التطورات على الجانب الأيسر الخاضع لسيطرة القوات العراقية، أكدت مصادر محلية «قتل وإصابة مدنيين بينهم نساء وأطفال بصواريخ أطلقها داعش على منازل في حي الجزائر وسوق في حي الزهور»، وتناولت التقارير تفشي ظاهرة الاغتيالات والعثور على جثث مجهولة، وتسجيل حالات قتل أشخاص بالرصاص، وعثر على جثة شاب مصاب بطلقة في الرأس في حي الانتصار. وأعلن الناطق باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن «القبض على 11 متهماً في الجانب الأيسر اعترفوا بانتمائهم إلى عصابات داعش الإرهابي، خلال حملة تفتيش وتحر تجرى في بعض الأحياء، خصوصاً في حيي الرفاق والمثنى». وزير الداخلية يعد بالتحقيق في المجزرة بغداد – «الحياة» - مع إعلان التحالف بدء التحقيق في سقوط مئات الضحايا من المدنيين في الموصل، أكد وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي أن «الانتصار على تنظيم داعش له ثمن لن يقلل من أهمية نجاح القوات الأمنية». ووصل الأعرجي إلى موقع المجزرة في الجانب الأيمن، حيث تعرض لقصف عنيف أسفر عن قتل وإصابة المئات. وأفاد مصدر أمني الحياة» بأن «لجنة تحقيق رافقته في زيارته ومن المؤمل أن تجري تحقيقات أولية في الخسائر وطبيعة المقذوفات التي استخدمت خلال الهجوم». وقال الأعرجي من موقع الحادث: «لكل نجاح وانتصار ثمن ولا نبالي كثيراً بالذين يحاولون التقليل من أهمية نجاح قواتنا». وأضاف: «نحمل رسالة من مجلس الوزراء مفادها أننا داعمون للقوات الأمنية ومؤكدون حماية المدنيين». واعتبر «أبناء القوات الأمنية جزءاً من الشعب وهم إخواننا وأعزاؤنا والمحافظة عليهم من واجباتنا». وأعلن التحالف الدولي البدء في تحقيق في الأنباء التي حملته في وقوع عشرات القتلى بالضربات الجوية. واعترف الجنرال ستيفن تاونسيند، قائد القوات الأميركية في العراق، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي بأن «الولاياتالمتحدة نفذت غارات في هذا الجزء في اليوم المذكور. ويوجد احتمال أن نكون مسؤولين عن حادث حرب غير مقصود، وقد يكون داعش فخخ المبنى الذي قُتل فيه مدنيون تحت أنقاضه بالمتفجرات». ولفت الى أنه «سيكون من الصعب تطبيق هذه المعايير في الشوارع الضيقة المزدحمة في المدينة القديمة، وسيكون هناك نهجٌ للبحث في ما يمكن القيام به ثم تطبيقه على أرض الواقع». وأكد عضو مجلس محافظة نينوى فارس السنجاري ل «الحياة»، أن «طبيعة الهدم الذي تعرضت له المنازل تشير إلى أن القصف كان للتحالف الدولي». وذكر سكان من داخل الموصل، في اتصال مع «الحياة» أنهم «يعتقدون أن القصف كان يلاحق شاحنة تابعة لداعش محملة بمتفجرات داخل الأحياء القديمة».