أكدت القوات العراقية أن «خطوات قليلة» تفصل عن الجامع الذي أعلن منه زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي «دولة الخلافة» بعد حصولها على موطئ قدم في الموصل القديمة، فيما أكد قادة ميدانيون قتل قائدين بارزين من التنظيم. وتواجه الشرطة الاتحادية صعوبة في السيطرة على هذا الجانب من الجهة الجنوبية، وفيه المنارة التاريخية، بينما تخوض قوات جهاز مكافحة الإرهاب معارك ضارية من الجهة الغربية، وتحاول التوغل في عمق أحياء الثورة والآبار والمطاحن وصولاً إلى حيي اليرموك والتنك. وقال قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ستيفن تاونسند عن المعركة، إنها «أصعب وأعنف قتال في أحياء متقاربة أراه خلال خدمتي على مدار 34 سنة». ودافع بقوة عن النهج الذي تتبعه قواته ورفض اتهامات بأن الولاياتالمتحدة خففت الإجراءات الاحترازية التي تهدف إلى حماية المدنيين مع اشتداد المعركة. وأوضح أن ارتفاع أعداد الضحايا «متوقع مع دخول الحرب على المتشددين أعنف مراحلها في شوارع ضيقة في المدينة القديمة. فهذا أصعب وأعنف قتال في أحياء متقاربة أراه خلال خدمتي على مدار 34 سنة». وتابع يقول: «ما لم يتغير هو اهتمامنا وحرصنا... لم يتغير شيء من هذا». وقالت منظمة العفو الدولية إن العدد المرتفع للضحايا المدنيين في الموصل يشير إلى أن قوات التحالف تقاعست عن اتخاذ الإجراءات الاحترازية الملائمة للحيلولة دون سقوط قتلى مدنيين. وعاين محققون الركام الناجم عن انفجار في 17 آذار (مارس) في حي الموصل الجديدة لمعرفة هل وضع «داعش» المتفجرات التي أحدثت الانفجار الذي دمر عدداً من الأبنية. وأشاروا إلى أن أحد التقديرات يفيد بقتل أكثر من 200 شخص. وقال تاونسند: «تقييمي الأولي هو أنه ربما كان لنا دور في هذه الخسائر البشرية... الآن هذا ما لا أعلمه. ما لا أعلمه هو هل جمعهم العدو هناك؟ لا نزال نحتاج إلى إجراء بعض التقييمات». وألقت قيادة الجيش العراقي اللوم على الإرهابيين في تلغيم مبنى، ما تسبب في سقوط ضحايا من المدنيين لكن بعض الشهود قالوا إنه انهار نتيجة غارة جوية ودفن تحته الكثير من الأسر. وزاد تاونسند: «انطباعي الأولي هو أن العدو له يد في ذلك. وأيضاً هناك احتمال أن يكون للضربة التي وجهناها دور». وأضاف: «أعتقد أنه سيكون هناك نوع من التداخل على الأرجح ولكن... لا أستطيع حقاً أن أقطع بذلك وعلينا الانتظار إلى حين انتهاء التحقيق». وأكد أن نوع الذخيرة التي استخدمها التحالف لا تؤدي إلى انهيار مبنى. وقال الجنرال مارك ميلي، رئيس أركان الجيش الأميركي، عقب اجتماعه برئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير الدفاع الاثنين، إن «ضربات جوية نفذت في المنطقة في ذلك اليوم وفي أيام سابقة»، مضيفاً أنه «لم يتضح أنها سببت سقوط ضحايا». إلى ذلك، أكد ضابط في الشرطة ل «الحياة» أن «المسافة التي تفصلنا عن المنارة الحدباء لا تتجاوز 300 متر، وتمكنا من تطهير منطقة قضيب البان والملعب وبات إرهابيو داعش محاصرين في محيط جامع النوري، ويتركز اعتمادنا على وحدات من القناصة لتقليل الخسائر بين المدنيين، وهذا قد يحتاج إلى بعض الوقت لحسم المعركة في المدينة القديمة». ونقلت وكالة «رويترز» عن العميد الركن كريم اللامي قوله: «حصلنا على موطئ قدم مهم سيدفعنا إلى الأمام نحو المسجد، وتمركزت قطعاتنا في أماكن كانت بالأمس تحت سيطرة العدو الذي ترك عناصره أسلحتهم وملابسهم الأفغانية، وعثرنا على بقايا شعر ذقونهم المحلوقة في بعض البيوت». وأضاف أن «أمير ديوان جند داعش قتل في ضربة جوية». ونفى مكتب الإعلام التابع لقوات الرد السريع أمس تعرض المنارة لتفجير من التنظيم. وقال: «بالإمكان رؤيتها بوضوح». وأفاد قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد جودت أن «وزير الصحة الإرهابي سعد الله أبو شعيب قتل مع مرافقيه إثر استهداف عربة قرب المستشفى الجمهوري في الموصل القديمة»، وأشار إلى «تحرير نحو 300 كيلومتر مربع في الجانب الأيمن منذ انطلاق العمليات في 19 شباط (فبراير) الماضي، وتمت السيطرة على 62 هدفاً من الأحياء والمؤسسات، وإجلاء 25 ألف مدني، وقتل المئات من الإرهابيين، فضلاً عن تدمير أكثر من 280 آلية ودراجة مفخخة». في الجهة الغربية، قال مصدر عسكري إن «قوات جهاز مكافحة الإرهاب تتبادل عمليات القنص مع عناصر داعش وسط حي اليرموك قرب جامع النعيمي، وتتقدم من جهة حيي التنك والمطاحن اللذين سيكونان تحت السيطرة قريباً». وأطلق سكان محاصرون في مناطق الاشتباك مناشدات لإنقاذهم، وأعربوا عن خشيتهم من الفرار خارج مناطق الاشتباك لاحتمال تعرضهم للانتقام من قناصة «داعش» الذي يتخذهم دروعاً بشرية، إلى جانب الأخطار التي يواجهونها من عمليات القصف المتبادلة. وأعلن الناطق باسم العمليات المشتركة اللواء يحيى رسول أن «التحقيق في مجزرة منطقة الموصل الجديدة التي وقعت في 17 الشهر الجاري خلص إلى أن الإرهابيين أجبروا نحو 130 مواطناً على الدخول في منزل ونشروا فوق سطحه قناصة ووضعوا سيارة مفخخة بجانبه، وقد انفجرت لدى استهدافها من قواتنا ما أدى إلى انهيار المنزل». ولم يستبعد الجيش الأميركي هذه الفرضية، على رغم أنه أكد تورطه «في سقوط هذه الخسائر البشرية»، مضيفاً أن «نفوذ التنظيم في الساحل الأيمن لا يتعدى 7 في المئة ونؤكد التزامنا الحفاظ على أرواح المدنيين». وأعلنت «وزارة الدفاع» العراقية في بيان أمس، أن «الفرقة المدرعة التاسعة لم يتبق لها إلا القليل لإكمال تحرير المحور الشمالي الغربي في منطقة بادوش بعد تأمين السد ومعمل الإسمنت والقرى المحيطة، ونجاحها في قطع إمداد العدو». وفي المحور الغربي، أكدت «خلية الإعلام الحربي» أمس «قتل 43 عنصراً من داعش بينهم قيادي وتدمير أوكارهم بضربات جوية عراقية في قضاء تلعفر، إضافة إلى تدمير معمل لتفخيخ العجلات وقتل 15 إرهابياً، غالبيتهم أجانب». وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال استقبال أقامه لمجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين إنه «تلقى اتصالاً مطولاً من وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس، والنتائج في العراق جيدة جداً، من دون أن يتطرق إلى التقارير عن سقوط ضحايا مدنيين.