أمير منطقة ⁧‫جازان‬⁩ يستقبل سها دغريري بمناسبة فوزها بجائزة جازان‬⁩ للتفوق والإبداع    ماكرون: فرنسا قد تعترف بدولة فلسطين في يونيو    كأس الطائرة تنتظر الضلع الرابع    مباحثات بين الجبير والسيناتور الإيطالية كراكسي    527 إنذارا لمحلات غذائية مخالفة بالقطيف    في نسخته الرابعة.. رالي جميل ينطلق إلى العالمية    أمير منطقة تبوك يستقبل المستشار للسلامة المرورية بالمنطقة    سطوة المترهلين في الإدارة    بأكثر من 36 ألف زائر.. إسدال الستار على معرض "في محبة خالد الفيصل"    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالله بن مساعد آل عبدالرحمن آل سعود    تألّق سعودي في صربيا.. ذهبية وبرونزيتان لأبطال التايكوندو    وزارة الخزانة الأميركية تفرض عقوبات جديدة على إيران    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تحتفي بولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025    الصين تعلن رفع الرسوم الجمركية على السلع الأميركية إلى 84%    89 % نمو تراخيص مرافق الضيافة السياحية في 2024    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    أمير المدينة يستقبل مدير الأحوال المدينة    وزارة التعليم تبدأ بالأحساء لعرض 48 تجربة متميزة في مدارس المملكة    "ڤايبز العُلا" يعلن بدء التسجيل في معسكر رواد العُلا للحِرفيين    مكافحة المخدرات تقبض على شخصين بمنطقة جازان لترويجهما (11.7) كلجم من مادة الحشيش المخدر    أمانة الشرقية تبدأ أعمال الصيانة لطريق الظهران – بقيق السبت المقبل    مهرجان كلنا الخفجي يستقطب أكثر من 52 ألف زائر خلال أيامه الاولى    وفد سعودي يستعرض تجربة المملكة في سلامة المنتجات مع المصنعين والمصدرين في سنغافورة    الذهب يرتفع 2% وسط تراجع الدولار ودخول رسوم جمركية أمريكية حيز التنفيذ    "الرياض آرت" يثري المشهد الفني ضمن أسبوع فنّ الرياض    غوتيريش يؤكد إعاقة إسرائيل وصول المساعدات إلى قطاع غزة    الفوتوغرافي السعودي محمد محتسب يُتوَّج بلقب ZEUS    في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه دورتموند.. وباريس يخشى مفاجآت أستون فيلا    في الجولة 28 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والعدالة في ضيافة الجندل    "الفطرية": ولادة خمس غزلان ريم في" الواحة العالمية"    أمير المدينة المنورة يستقبل قائد قوات أمن المنشآت بالمنطقة    وزير الدفاع ونظيره العراقي يبحثان تعزيز التعاون العسكري    هواتف بلا "واتساب" في مايو المقبل    «القمر الدموي».. خسوف كلي يُشاهد من معظم القارات    10 أيام على انتهاء مهلة تخفيض المخالفات المرورية    القاذفات الشبحية تدخل المعركة لتدمير المخابئ والكهوف.. التصعيد الأمريكي يعزز فرص «الشرعية» للتحرك ضد الحوثيين    السعودية بوصلة الاستقرار العالمي (2-3)    في إنجاز عالمي جديد يضاف لسجل تفوقها.. السعودية تتصدر مؤشر تمكين المرأة في مجال الذكاء الاصطناعي    الخُبر تحتل المركز 61 عالمياً.. أمير الشرقية: مؤشر المدن الذكية يُجسد الرؤية الطموحة للقيادة الرشيدة    "الموارد": "الفرع الافتراضي" خفض الزيارات الحضورية 93 %    المملكة تستعد لتدشين فعاليات أسبوع البيئة تحت شعار " بيئتنا كنز" 20 أبريل الجاري    في ذهاب نصف نهائي أبطال آسيا 2.. التعاون يهزم الشارقة الإماراتي ويضع قدماً في النهائي    صحيفة الرأي توقّع عقد شراكة مع نادي الثقافة والفنون    جازان تودّع شيخ قبيلة النجامية بحزن عميق    هدوء رونالدو وحماس بنزيما.. الهلال في مهب الريح    إنجاز طبي سعودي.. استئصال ورم في الجمجمة بالمنظار    تقلب المزاج.. الوراثة سبب والاتزان النفسي علاج    سلوكيات بريئة تشكك بالخيانة    مسبار يستقر في الفضاء بنجاح    NASA تعجز عن إرسال رحلة للمريخ    تمير من سدير يا جمهور الهلال!    باقي من الماضي والآثار تذكار    التصوير بالرنين المغناطيسي يضر الجسم    عودة الذئب الرهيب بعد 10000 عام    الشعور بالجوع يعيد تشكيل الخلايا المناعية    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    رئاسة الافتاء تصدر كتابا علمياً عن خطر جريمة الرشوة على الفرد ومقدرات الوطن    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في يوم الأرض - فلسطين
نشر في الحياة يوم 31 - 03 - 2017


لن أَدلَّ الكلامَ عليها.
لتأويل ما سرّبتْ من غموض تضاريسها
حُجُبُ الظنّ،
أَو لانتشال الكنايات من عقْمها،
وهي أوسعُ من كنْيةٍ لبلادٍ
وأبعدُ مما تقول الظنونْ
وهي مهدٌ عميق التجلي لربط المعاني بمجهولها،
حيث يُسْرى بأفئدة الخلقِ
نحو اختبار الحياة التي اختلَّ ميزانُها
بالقرابينِ أو بالزنازينِ
أو بقُلامة شمسٍ تُضاء بها عتمةُ القابعينَ
وراء حديد السجونْ
وهي الأرض موؤودةً
تتقمصُ في لحظة الكشفِ
ما تشتهي أن تكونْ
ولذا لا أقولُ اسمها كي أعرّفَ
ذاك المضيقَ الذي يصل النهرَ بالبحرِ،
بل كي أوائم نُقصانَها في التجسُّدِ
مع توقها المستقيم إلى الاكتمال،
وكيما يضمد أوصالَه بالحروقِ
من ائتمنوها على كنز أحلامهمْ،
ولتكتبَهُ باشتعال الحصى حلماتُ السواقي،
ومن فقدوا النطقَ بالحشرجاتِ،
وتكتبه الأمهاتُ بضوء العيونْ
ففلسطينُ، أبعدَ مما تشير الخرائطُ،
أبعدَ من وجهها في الأساطير،
مفتتحٌ للولوج إلى عالمٍ
لم تُمَسّ براءاتُهُ،
والتفاتةُ شعبٍ من اللاجئينَ
إلى قدْسهمْ ركَّعاً،
وهي جفْر الغياب الموارى وراء حقول الأسى،
ومكانٌ لتنمو الجبالُ الصغيرةُ
والعشبُ والناسُ
جنباً لجنبٍ،
وكيما نعودُ إليها إذا أزِفَ الوقتُ
كي نتَّقي بالدموع مصاغاتِ غصّاتها،
ولنطفو، ولو غَرَقاً، فوق ماء بحيراتها
ولنكلأ جرحى جبينَ التراب المهيضِ،
ونحرثهُ ميتينَ
ولو بالجفونْ
لن أدلَّ الكلامَ عليها إذن
كي أعدَّ لياء اسمها ما يُساندُهُ
من هُوىً،
أو أصيّر من غُنّة النون في آخر الاسمِ
طُعْماً لذئب الأنينْ
فهي عينُ قصيدتها المستعادةِ
من حسرة الشعراء القدامى،
ومن فطرةٍ غير مفطومةٍ عن روائحِ
سمَّاقها المشتهى،
وهي ما ليس ينفَدُ من أرجوان الغروبِ
الذي وشَّحتْه البيوتُ بقرميدها،
والنسيمُ الأليفُ الذي يتعهد ولهانَ
نومَ السنينْ
وهي عربدةُ الياسمين على شرفات الحنينْ
ولذا ليس ينقصُ هذي القصيدةَ
إلا اجتراحُ تباريحَ للرمزِ
أعلى من الامتثال إلى عصبٍ عاقرٍ
في غُثاء الخطابةِ،
أو شططٍ سافرٍ في كلام المديح،
فما من بلادٍ تحنُّ إلى سفْر تكوينها
في كتاب الوجود المقدسِ
إلا وتعني فلسطينْ
وما من حُشاشة قلبٍ
تبادَلها عاشقانِ على مذبح الوجدِ
إلا وتعني فلسطينْ
ما من حطامٍ لأندلسٍ تمَّ خسْرانها في الزمانِ
وظلّ بريقُ مناراتها يتوغلُ ظمآنَ
في لجج الدمِ إلا ويعني فلسطينْ
ففلسطين ليست فقط قبلةً
لانهماك الجمال بتأليف نصْبٍ لهُ
من رخام العناءْ
ولا حجَّةً لتبرُّج أُنشودةٍ
بزؤانِ الصراخ الملفَّق في واجهات الغناءْ
ولا هي في عمقها محض جغرافيا
من هواءٍ وطينٍ وماءْ
ولكنها توقُنا للعروج المصفّى
إلى سدْرة الروح في منتهاها الأشفّ،
ورغبتُنا في الإصاخةِ، حافينَ من كل صوتٍ،
إلى أنبل التمتمات التي رفعتْها الحناجرُ
فوق النعوشِ
لتبلغ أذن السماءْ
وهي ما يستعينُ به الوحيُ
كيما يُعيد النفوسَ إلى رشْدها
كلما نقص الحبُّ في الأرضِ
أو أُفرغتْ من بهاء مزاميرها
جُعَبُ الأنبياءْ
وهي لو لم تكن لتوجُّب تأثيثُها
من سراب التمني،
ومن حاجة الكائنات إلى آيةٍ للظهورِ
ومن حاجة الاعوجاجِ إلى الاستواءْ
لن أدلَّ الكلامَ عليها إذنْ
كي أعرّفني بالمرايا التي طالما اصطدْتُ
من سنديان انعكاساتها في مروج الخيالِ
بزوغاً لأوَّل عطرٍ شممتُ،
وأوّل أنثىً عشقتُ،
وأوَّل وادٍ تعهَّدني بالنواح،
وأوَّل جائحةٍ للخساراتِ
واكبَها بالزغاريد جنَّازُ
طفلٍ قتيلْ
وأنا من تهجَّى صغيراً
تفتُّح نيرانها البرعميّ،
ومن زوَّدَتْه رياحينُها بالطراوةِ
والخَفَر الصَّلْبِ،
واستودعتْه شجيراتُها الواقفاتُ على الأفقِ
سلسلةً من هضابٍ
وصفِّ نجومٍ طويلْ
وأنا من وُلدتُ
على بُعد خمس سواقٍ وعشرينَ مذبحةً
من ثراها العليلْ
وأنا من رعتْه أغاني النساءِ الطريَّةُ
حدَّ الدموع بأصوات من واصلوا
حفْرهم بالأظافرِ تحت الترابِ
لكي يبلغوها،
ومن سقطوا دون أسمالِ صلصالها المرِّ
جيلًا فجيلْ
وأنا من تحامتْ ذراها شتاءاتهِ
بالسيول،
فلا قطرةٌ من مياهٍ
جرتْ في عروق الجنوب النحيلةِ
إلا وقد رفدتْها بأشهى الغيوم اخضراراً
جبالُ الجليلْ
فهنا حيث يغدو الجنوبُ شمالاً
لما خزَّنَتْه فلسطينُ من عائدات الأغاني
ويغدو الشمالُ جنوباً
لمن أشعلوا النارَ فوق التلالِ
لكي يهتدي الشهداءُ بعنقائهمْ
وهي تخطو إلى الضوءِ
ناهضةً من رماد العصورْ
تتلاقى عظامُ الضحايا على طرفيّ الحدود،
وتسندُ ظهرَ القبورِ القبورْ
هنا ليس يُطلق نسرٌ جناحيهِ
فوق روابي كفرْ برْعمَ المستعارةِ
من حاجب الشمسِ
إلا ويترك له ظلًّا لهُ
في أخاديد سهل الخيام،
وما من قصيدةِ شعرٍ تعهد مطلَعَها
بحرُ حيفا بموج البداهةِ
إلا و أكْملها بحرُ صورْ
لن أدلَّ الكلامَ عليها إذن
غير أني سأرفو بإبرة آلامها
ما تناثرَ من لغتي
فوق رمل سواحلها المستباحْ
ربما لن يُقدَّر لي لثمُ تلك البيوتِ
المواراةُ جدرانُها خلف أسلاكِ
برقِ أريحا اليتيم،
ولن أستطيع ولو مرةً أن أشذّب رُمَّانها
من لُحاء اليباسِ،
وزيتونَها من سموم التخلّي،
وقد لا أُشاطر أقمارَها الانعقادَ
على جدولٍ من مياهٍ قُراحْ
ولكنني، يا تراباً وهبناه أنبل ابنائنا،
والتحفْنا بأثدائهِ رضّعاً،
وبأشواكهٍ صْبيَةً
وبأثلامهِ عُجَّزاً،
سوف أُضْفر صوتي بأعتى الرياحْ
لأسألكَ الآنَ:
كم من مسيحٍ علينا انتشالُ انتظاراتهِ
من سفوح القيامةِ؟،
كم من غروبٍ ذبيحٍ علينا اختراعُ احمرارٍ لحنّائهِ؟،
كم حدَاداً علينا تلقُّفه بالسواد؟،
وكم نجمةً تتحلّق من حولها سُرّةُ العالمينَ
توجّبَ أن تمّحي
كي يطلَّ الصباحْ؟
وهل ثَمّ من مطهرٍ للعبور إلى مهدكَ الأمّ
لم نمتحنْه بأكبادنا،
أو سراديبَ لم نغْشَ ظلْمتها بالأظافرِ،
أو ثلّةٍ من شقائقَ لم نلتفتْ نحوها
بالجراحْ؟
وكم من شموعٍ سنوقدُ،
كم من شهيدٍ سيسقطُ،
كم من ربيعٍ سيوأدُ حيًّا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.