كنت قد قطَّعت غابات الحصار، وما انتهى حلمي القديم، ولا صاحت عيناي إلاّ كي تضم الغيم، تفرشه على شرفاتها، وتروح تمطره على جدب النيام. “يا جارة الوادي طربت” وعادني في الليل سيلٌ من حمام متظاهرًا بالصمت عاد، فهل أطارحه الكلام؟ يا جارة الأحلام تمطر في يدي لغةٌ من الأغلال، والمطر استباح غلالتي، والريح، كل الريح تنفث وقتها في معصمٍ خاوٍ على كف يعفِّره الجليد. وأنا التي.. لم أدرِ ما حتى تحاشد بين غيم العين فيض من نشيد وأنا التي لم أدر ما سر انطفاء البرق في زمن يريد. يا لون هذا الغيم كم بالباب من نور يضيء فلا يضيء؟ وإلى مشارف ثوبك الليلي كم من ياسمينات تفيء؟ جد صُبَّ واهطل موسمًا، قصصًا، أساطير تناقلها عصافير المسافات البعيدة، يمتطيها هودج الأظعان، يتلوها الرواة على مضاجع نارهم. كيما يصير البن أحلى ويصير وجه القفر أحلى وتصير حبات الرمال فراشةً، غَزْلاً من الألوان يهمي فوق قافلة المجيء.