في اتصال هاتفي لإحدى الصحف المحلية مع المدير العام لهيئات «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في منطقة مكةالمكرمة الدكتور أحمد قاسم الغامدي، حول عدم حضوره لاجتماع لمديري العموم لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمنعقد بالخبر في المنطقة الشرقية، قال إنهم لم يوجهوا الدعوة له، وهذه ليست بالمرة الأولى التي يحدث بها مثل هذا الأمر، والغريب أن محور اللقاء المنعقد في «الشرقية» لهيئة الأمر بالمعروف هو عن موضوع الأمن الفكري، الذي نشرت بعض الصحف بعضاً من الأوراق المقدمة فيه، التي تدعو إلى نبذ التشدد والغلو في المجتمع عن طريق وسائل متعددة، وهذا جهد تشكرون عليه، ولكن في اعتقادي أن إشاعة الفكر الحر والمتسامح هي مواضيع لا يمكن للهيئة أن تتعاطى معها، بل إن التشدد هو سمة لخطاب الهيئة وأعمالها دليل على ذلك، فكل يوم تثار قضايا في الإعلام ضد سلوك بعض أفراد الهيئة ضد أفراد المجتمع، وآخرها قضية طعن مواطن في «حائل» من أحد أفراد الهيئة، بحجة أن عيون زوجته لها مواصفات مثيرة، والغريب أن الهيئة اتفقت على مواصفات للإثارة الخاصة بالعيون النسائية، ولم تنشر تلك المواصفات في المجتمع عن طريق وسائل الإعلام المحلية حتى يتسنى لنا التقيد والانضباط بتلك الشروط، حتى لا نكون عرضة لضربات سكاكين رجال الهيئة الموقرين. عدم دعوة الدكتور أحمد الغامدي لهذا الملتقى يعطي دلالة على الأفق الضيق داخل الهيئة نفسها، فهي لا تقبل الاختلاف من أحد المسؤولين فيها بسبب آرائه الجريئة التي يعلنها بكل جرأة وصراحة حول قضايا متعددة يعيشها المجتمع في وقتنا الراهن، فرئيس الهيئة الشيخ عبدالعزيز الحمين يرفض التعليق على عدم دعوة الشيخ الغامدي، وهذا برأيي يدل على المأزق الذي تمر به هذه المؤسسة الدينية، فمحاربة التشدد والغلو، كما تعلنها الهيئة في مؤتمراتها المتعددة، التي أصبحت تمثل ظاهرة غريبة يعكسها موقفها من أحد المسؤولين فيها، لأنه اختلف مع الطرح الديني المتشدد السائد لدينا، فالشفافية والجرأة في المكاشفة تحتم دعوة الجميع أصحاب الرؤى المختلفة داخل هذه المؤسسة، أما الإقصاء فإنه يعزز الصورة السلبية عن هذا الجهاز الذي يعمل وبشكل جدي لتصحيحها في الداخل والخارج. في المقابل نجد الدكتور أحمد قاسم الغامدي، في انعقاد مؤتمر الهيئة نفسه في مدينة الخبر، يشارك وبفعالية وجرأة كالمعتاد في منتدى السيدة خديجة بنت خويلد، المنعقد في مدينة جدة، الذي قدم آراءً حول وضع المرأة وأحقيتها في العمل وعدم إقصائها بحجة الاختلاط الذي كان قد طرحها سابقاً الذي قال إنها قضية خلافية، وأيد جواز قيادة المرأة للسيارة، وكشف وجهها من دون تكلف أو زينة، وانتقد المعارضين لعمل المرأة بحجة إفسادها أخلاقياً، وقال إن مثل هذه الأطروحات هي أقرب إلى العادات والتقاليد منها إلى الإسلام.في منتدى السيدة خديجة بنت خويلد عمل وأطروحات جادة تقوم بها سيدات سعوديات لإخراج المرأة السعودية من قضايا عفا عليها الزمن ودفعها إلى المشاركة الفاعلة بالتنمية الوطنية، إضافة إلى مشاركة رسمية بعدد من الوزراء ما يدل على الاهتمام الرسمي بقضايا المرأة ومن هذا الاهتمام هو موافقة وزير الثقافة والإعلام على تنفيذ إحدى التوصيات بإنشاء قناة فضائية باسم السيدة خديجة بنت خويلد تكون متخصصة بقضايا المرأة في مجتمعنا، وهذه خطوة جريئة وفعالة، ولكن هذا لا يعني أن نهمش المرأة من حيث المشاركة والظهور والعمل في القنوات التلفزيونية المحلية الأخرى. في صور التقطت على هامش منتدى جدة للدكتور أحمد الغامدي، وهو يتحدث عن قضايا المرأة بين عدد من النساء المتخصصات في قضايا المرأة له يقدم صورة حضارية وإيجابية لما يجب أن يكون عليه رجل الدين، فالإسلام كرّم المرأة وأعطاها حقوقها في جميع أوجه الحياة، ومشاركة المرأة في التاريخ الإسلامي واضحة للعيان إلا أن بعض التيارات الدينية أقصت المرأة من المشهد الحياتي، كما حدث تحت حكم «طالبان» وفي بعض مجتمعاتنا، وما يقوم به الدكتور أحمد الغامدي في إرجاع الحقوق إلى أصحابها لهو موقف جريء سوف تحسبه له الأجيال في هذا المجتمع. [email protected]