ناقشت ورشة عمل عمليات مكافحة جرائم الملكية الثقافية والاتجار بالآثار بجوانبها المختلفة، وجهود الإسهام في تعزيز التوعية بخطر الجريمة الثقافية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. وتطرقت الورشة التي نظمتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع سفارة الولاياتالمتحدة الأميركية في الرياض واختتمت أعمالها أمس، إلى عدد من المواضيع المختصة بهذا المجال، من أبرزها فهم الطلب في سوق الآثار والفنون، وسرقة القطع الأثرية والمتاحف، فيما قدمت عدداً من النماذج، مثل متحف إيزابيلا ستيوارت غردنر، إلى جانب عرض سلسلة من التحقيقات في جرائم نهب متنوعة تمت في بلدان مختلفة مثل الولاياتالمتحدة وغيرها. واستعرضت الورشة درس حال منظمة اليونيسكو ودورها في مكافحة انتهاكات الملكية الثقافية والتعدي على الآثار بنهبها وتزويرها، وناقشت إنجازات وتجارب مكتب التحقيقات الفيديرالي في عدد من مدن الولاياتالمتحدة. كما قدمت نماذج للحالات التي تعامل معها المكتب وسجل فيها نجاحات كبيرة انتهت بالقبض على الجناة واسترداد الحقوق المنتهكة وإعادتها إلى ذويها، مبينة أن ذلك يتم عبر بحث دقيق وسلسلة من التحقيقات التي يشترك فيها كثير من الأطراف الرسمية وغير الرسمية. وتناول نائب رئيس الهيئة المشرف العام على برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري الدكتور على الغبان، خلال الورشة، واقع الآثار والتراث الثقافي ومهدداته على مستوى الشرق الأوسط والعالم، لافتاً إلى أن الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط حالياً أدت إلى مزيد من التعدي على حقوق الملكية والآثار نتيجة إفرازات النزاعات والصراعات التي تشهدها كثير من دول المنطقة حالياً. وأشار إلى أن الاتجار بالقطع الأثرية يجب أن يكون مسموحاً به وفق قانون وضوابط تسهم بتداول القطع الأثرية، مشيراً إلى أن هناك أشخاصاً يملكون قطعاً أثرية خاصة بهم ومن حقهم الاتجار بها وفق تلك الضوابط. وقال: «نحن في السعودية كسرنا القاعدة وأجزنا الاتجار بالآثار شريطة الالتزام بالأنظمة والقوانين المنظمة لتلك التجارة»، مشيراً إلى مبادرات المملكة في مكافحة جرائم التعدي على الآثار على المستويات كافة. وأكد أن جرم انتهاك حقوق الملكية الثقافية وسرقة الآثار لا يقل فداحة عن جرائم المخدرات التي تشكل هاجسا دولياً يعيشه العالم حالياً. في حين ناقشت الورقة التي قدمها مستشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للتراث الدكتور سعد بن عبدالعزيز الراشد، أهمية المحافظة على التراث الثقافي في المملكة. فيما تناولت ورقة أخرى قدمها المستشار في قطاع الآثار في الهيئة الدكتور حسين أبوالحسن، قانون حماية الممتلكات الثقافية وحماية التراث في المملكة، متناولاً جملة من الأنظمة والتشريعات الصادرة لحماية التراث الثقافي المادي، بما في ذلك، نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الصادر ولوائحه التنفيذية. وعلى الصعيد ذاته، قدم المحقق بوزارة الأمن القومي بلوس انجليس رازمك مادويان ورقة عمل عن اللوحات الفنية المزيفة، واستعرض مجموعة من النماذج والصور لهذه اللوحات، موضحاً أن مهمتهم كمحققين تكمن في رصد المعلومات الدقيقة والحقيقية عن اللوحة أو القطعة الفنية المزيفة من خلال التحريات والبحث الدقيق عن معلومات اللوحة الأصلية من حيث التاريخ والمادة الأصلية ومنشأ القطعة، ومسرح الجريمة الذي ارتكبت فيه الحالة. وبين أنه وبمثل ما يتحايل المزورون ويبتكرون طرق فنية عدة للتمويه فإننا نلجأ أيضاً إلى طرق مختلفة تمكننا من كشف تحريفاتهم وتتبع خطوات التمويه وسير خط الجناة ومتابعتهم بطرق رسمية وغير رسمية. وأضاف: «سجلنا نجاحات كثيرة في عمليات التحقيق عن القطع المسروقة والمزيفة، وتمكنا من محاصرة الجناة ومحاكماتهم ورد اللوحات إلى أصحابها». لافتاً إلى ضرورة تكاتف الجهود وتعاون جهات كثيرة لمكافحة هذه الجرائم، منها الشرطة ووزارات العدل والداخلية والجمارك وشركات التأمين وإفراد المجتمع المدني. وقال: «يجب أن تشارك الدول في الشرطة الدولية (أنتربول) لمتابعة وملاحقة الجناة على المستوى الدولي». كما تطرق إلى أهمية تفاصيل الصور واللوحات المزورة بالرجوع إلى عدد من المصادر والخبراء والمتخصصين، مقدماً عدداً من النماذج التي تم كشفها وضبط المجرمين ومحاصرتهم بالأدلة التي قادت إلى إدانتهم ومحاكمتهم بالسجن والغرامات المالية، وتحدث عن ضرورة التعاون الدولي في محاصرة جرائم مكافحة انتهاكات الملكية الثقافية وجرائم نهب وسرقة الآثار، التي عدها جريمة تتعلق بطمس هوية وحضارة الشعوب والإنسانية بصفة عامة. فيما استعرض المحقق الخاص ومشرف برنامج السرقات الفنية ومدير مكتب التحقيقات الفيديرالي بواشنطن تيموثي كاربنتر ورقة خاصة عن طرق الاحتيال وتزييف اللوحات الفنية وآليات مكافحة جريمة انتهاك حقوق الملكية الثقافية، وسرقة الآثار التي تمت في عدد من الدول، لافتاً إلى أهمية المعاهدات الدولية في مكافحة هذه الظاهرة التي لا تقل خطورتها عن الجرائم عابرة الحدود مثل المخدرات وغيرها. وشارك في أعمال الورشة التي افتتحها رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، الأحد الماضي، عدد من الاختصاصيين في مكافحة الاتجار بالآثار الذين استعرضوا خبراتهم وأبحاثهم في مكافحة انتهاك حقوق الملكية الثقافية وجرائم نهب الآثار وأخذها من مواقعها بالطرق غير النظامية.