أكد رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، اهتمام الدولة بالمحافظة على كنوزها الأثرية، وأن أي عبث بالآثار يمثل جريمة كبرى يحاسب عليها القانون، مشددا في الوقت ذاته، على أن خط الدفاع الأول لحماية تلك الآثار هو المواطن نفسه، وذلك عبر تزكية روح المواطنة والتوعية بخطورة سرقة الآثار والاتجار بها. وقال رئيس الهيئة في كلمته التي ألقاها أول من أمس (الإثنين) في ورشة عمل «مكافحة جرائم الممتلكات الثقافية والاتجار بالآثار» التي نظمتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، بالتعاون مع سفارة الولاياتالمتحدة الأميركية بالرياض، بمشاركة ممثلين من وزارة الداخلية ومصلحة الجمارك والبريد السعودي في المتحف الوطني بالرياض «موضوع العبث بالآثار، أمر بالغ الأهمية يتعلق بأحد أهم ممتلكات الوطن وأكثرها قيمة، ونحن نتعاون لخدمة المصلحة الوطنية العليا في وطن يختزن الكثير من الكنوز الثقافية والحضارية والتاريخية، خصوصا أن المملكة تقع في منطقة تقاطعت عليها الحضارات، ونعمل جميعا بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية والمواطنين لإيقاف التعديات وعمليات بيع وشراء الآثار بشكل غير شرعي»، لافتا سموه إلى أن استعادة الآثار هي أحد المحاور الرئيسة في ملتقى الآثار الوطنية الذي تتشرف الهيئة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- له خلال شهر ذي الحجة القادم، بإذن الله. وعي المواطن أضاف الأمير سلطان بن سلمان «نعمل على تحول شامل في مكافحة الاتجار بالآثار بالشراكة مع الجهات المعنية في المملكة وفي مقدمتها وزارة الداخلية وإمارات المناطق ووزارة الخارجية والجمارك، والولاياتالمتحدة من أوائل الدول التي بدأت المملكة التعاون معها في مكافحة الاتجار بالآثار، كما ترتبط باتفاقيات دولية وثنائية مع عدد من دول الجوار ودول العالم والمنظمات الدولية المعنية بالمحافظة على الآثار والتراث الإنساني». وأشاد بالحملة التي نظمتها الهيئة قبل سنوات بالتعاون مع شركة أرامكو السعودية والسفارة الأميركية بالمملكة التي نتج عنها إعادة آلاف القطع طواعية من عدد كبير من المقيمين في الولاياتالمتحدة، مجددا الدعوة لمن يحتفظ بقطع أثرية خرجت من المملكة بالمبادرة بإعادتها. وأشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى أن هيئة السياحة والتراث الوطني في المملكة لم يسبق لها أن أدارت أي موضوع بنظرة منغلقة أو بما يخدم مصالح المؤسسة منفردة، ولكنها تخدم الوطن من خلال العمل على حماية تراثه الوطني، لافتا إلى أن المملكة تمر بمرحلة مهمة في تعزيز الوعي بالتراث وحمايته، وخادم الحرمين الشريفين يرعى مشروعا رائدا يحوي تحت مظلته كافة المشاريع المتعلقة بالتراث وهو برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، الذي أقرته الدولة وتم تمويله بناء على متابعة مقامه الكريم. وأشار إلى أن الهيئة قطعت شوطا كبيرا في تشكيل وعى المواطن بأهمية وقيمة التراث كجزء من تاريخ بلاده، موضحا أن الهيئة عملت على تكثيف الجهود التوعوية بأهمية استعادة الآثار والتي أسهمت في استعادة أكثر من 48 ألف قطعة أثرية من داخل وخارج المملكة. وأكد أن الآثار تواجه مخاطر السرقة والاتجار غير المشروع في المنطقة بصورة كبيرة، بسبب الأحداث السياسية والحروب التي تشهدها والتي أثرت على مكونات التراث الثقافي في عدد من الدول العربية.
جسر مهم لربط المملكة بالعالم أشاد القائم بأعمال السفارة الأميركية بالرياض كريستوفر هينزل، بمشاركة عدد من الجهات الحكومية في هذه الورشة، وهذا دليل على حرص حكومة المملكة على حماية التراث والمحافظة على الآثار ومواقع التراث في المملكة، والتعاون مع دول العالم لحماية التراث الإنساني، كما أن الحضور من مسؤولي الهيئة ومنسوبيها ومنسوبي الجهات الحكومية الأخرى يحسب للهيئة التي تدير هذا الموضوع وغيره باحترافية عالية. وقال «ما تقوم به الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني حاليا هو جزء من تطور المملكة في ظل التحولات الكبرى التي تجري فيها، كما أن عملها لإبراز تراث المملكة العربية السعودية جسر مهم لربطها بالعالم، ونحن في الولاياتالمتحدة نعول على جهود الهيئة وأنشطتها التراثية والسياحية لتقوية العلاقات الثنائية بين البلدين وترسيخها». وأضاف أن الولاياتالمتحدة تدعم توجهات المملكة في حماية تراثها الوطني وتاريخها الحضاري، وأن الأجهزة الأمنية الأميركية ووزارة العدل بالولاياتالمتحدة يدعمان بحث السعودية عن القطع الأثرية المفقودة أو تلك التي خرجت بطرق غير مشروعة. وسلطت ورشة العمل التي تعقد في المتحف الوطني خلال الفترة من 20 - 24 جمادى الآخرة الجاري بمشاركة خبراء متخصصين في مكافحة جرائم الممتلكات الثقافية والاتجار بالآثار، الضوء على عمليات الاتجار بالممتلكات الثقافية من منظور دولي، وعرض تجربة المنظمات الدولية ذات الخبرة في مكافحة الاتجار بالآثار، إلى جانب استفادة المتخصصين السعوديين من الجوانب القانونية والإجراءات الدولية التي ستناقشها الورشة.