كرّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نعْتَه أوروبا ب «الفاشية»، مشيراً إلى أن بلاده قد تراجع علاقاتها معها بعد استفتاء تنظّمه في 26 نيسان (أبريل) المقبل لتحويل النظام رئاسياً. في المقابل، اعتبر مسؤولان ألمانيان بارزان أن أردوغان لم يعد موضع ترحيب في بلادهما. وكان أردوغان اتهم ألمانياوهولندا بانتهاج «أساليب نازية» بعدما منعتا وزراء أتراكاً من المشاركة في تجمّعات لمهاجرين أتراك تأييداً للنظام الرئاسي. واعتبر الرئيس التركي أن «الأوروبيين نزعوا أقنعتهم، عبر مواقفهم من الأزمة السورية ومن الاستفتاء» في تركيا، لافتاً إلى أن «البلدان الأوروبية تلجأ إلى كل الوسائل لمنع دخول الوزراء الأتراك أراضيها، من انتهاك كل الأعراف الديبلوماسية إلى إعلان حال طوارئ في غضون ساعتين». وتابع أن تلك الدول «تسحق بأقدامها كل ما سعت منذ سنوات إلى فرضه علينا باعتباره معايير الاتحاد الأوروبي». وتطرّق أردوغان إلى إزالة الشرطة الهولندية صوراً له عُلّقت في محال تجارية في مدينة روتردام، مستدركاً: «تخرج تظاهرات في شوارع روتردام ترفع صوراً لزعيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي بحماية من الشرطة، وهذا ليس في هولندا فقط، بل في ألمانيا أيضاً». وأكد أن عملية العضوية في الاتحاد الأوروبي لم تعد تهدد تركيا، مشدداً على أن بلاده «لن تسمح لأوروبيين على أراضيها بالتجسس تحت ذرائع مختلفة». وكرّر وصفه أوروبا ب «الفاشية والقاسية»، معتبراً أنها «تشبه ما كانت عليه قبل الحرب العالمية الثانية». وأضاف أن أنقرة «لم تعد تتقبّل ضغوطاً، لاعتبارات مثل اتفاق» مع الاتحاد لكبح الهجرة غير الشرعية، مشيراً إلى أن بلاده قد تراجع علاقاتها مع أوروبا، بعد الاستفتاء الشهر المقبل. في السياق ذاته، رأى وزير العدل التركي بكير بوزداغ، أن «الدول الأوروبية تريد نظاماً قادراً على احتواء تركيا، ورؤساء حكومات ووزراء (أتراكاً) يهرعون إليها كلما احتاجوا إليها». واعتبر أن «الدول الأوروبية لا ترغب في قيام تركيا مستقرة سياسياً، وتتمتع باقتصاد قوي بقيادة حكومات قوية»، لافتاً إلى أن «الموقف الأوروبي تجاه الوزراء الأتراك يفتقر إلى اللباقة السياسية». واستدرك أن أنقرة «لم تتخلَ عن عملية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، على رغم مواقف متناقضة ومعايير مزدوجة في حقها». وكان نعمان كورتولموش، نائب رئيس الوزراء التركي، ذكر أن بلاده تستخدم تعبيرات مجازية في شأن «الفاشية»، لقلقها من أن تنسى الدول الأوروبية تاريخها وتسقط في فخّ النازية مجدداً. في المقابل، اعتبر فولكر بوفير، رئيس وزراء ولاية هيسه الألمانية نائب رئيس حزب «الاتحاد الديموقراطي المسيحي» الذي تتزعمه المستشارة أنغيلا مركل، أن «الكيل طفح» مع أردوغان، مشدداً على أن الرئيس التركي ووزراءه «غير مرحّب بهم في بلادنا». وتابع: «على شخص يهيننا بهذه الطريقة ألا يتوقّع أن نجمع آلافاً من الشرطيين لحمايته». وكانت وسائل إعلام ألمانية أوردت أن أردوغان يعتزم زيارة ألمانيا هذا الشهر، لحشد تأييد المهاجرين الأتراك للنظام الرئاسي. لكن بوفير نبّه إلى أن هذه الزيارة ستؤدي إلى مشكلات أمنية، علماً أن الحكومة الألمانية أعلنت أنها لم تتلقَ طلباً رسمياً في هذا الصدد. في الإطار ذاته، قال راينر هاسلوف، وهو رئيس وزراء ولاية ساكسونيا- إنهالت وعضو في الائتلاف المحافظ الذي تتزعمه مركل، إن «الذين يقارنوننا بالنازيين غير مرّحب بهم». وأضاف: «كل رجل دولة يريد مناقشة شيء معنا، مرحباً به ضيفاً وسيلقى ترحيباً بالبروتوكول الديبلوماسي الملائم، لكن ذلك لا يشمل الحملات (الانتخابية) ولا أشخاصاً يشوّهوننا بوصفنا أمّة». أما وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله، فرأى أن سلوك الساسة الأتراك «لا يمكن تخيّله» بحيث يتحدى أي تعليق في شأنه. إلى ذلك، حذر مفوّض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسيع يوهانس هان، من أن آفاق انضمام تركيا للاتحاد «ستكون غير واقعية على نحو متزايد» إذا لم تغيّر مسارها وتكبح ابتعادها من القيم الأوروبية. وذكّر بأن الاتحاد عبّر مراراً عن مخاوفه في شأن «المسار السلطوي المتزايد للرئيس أردوغان»، وزاد: «التهديدات لا تصنع السياسات، إذ تجعل الحوار المنطقي مستحيلاً». في غضون ذلك، استغلّ أكرادٌ في تركيا احتفالات ال «نوروز» لإعلان رفضهم النظام الرئاسي، كما رفعوا لافتات تؤيّد «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي، والذي اعتقلت السلطات قيادييه، وأعلاماً تحمل صوراً لزعيم «الكردستاني» عبدالله أوجلان.