وضعت أوكرانيا جيشها في حال تأهب، وحذرت من تزايد احتمالات تدخل روسيا عسكرياً في مناطقها الشرقية، على رغم تأكيد موسكو انسحاب قواتها المنتشرة على الحدود، في مقابل إعلانها بدء مناورات لسلاح الجو قرب الحدود مع دول البلطيق، حيث كثف الحلف الأطلسي (ناتو) طلعاته الجوية لمراقبة التحركات الروسية (راجع ص 9). وتحدثت وسائل إعلام روسية عن احتمال قيام الرئيس فلاديمير بوتين بزيارة شبه جزيرة القرم جنوبأوكرانيا التي ضمتها روسيا إلى أراضيها في آذار (مارس) الماضي، خلال احتفالات أعياد النصر على ألمانيا النازية في 9 الشهر الجاري. وأشار مصدر عسكري إلى أن بوتين سيتوجه مع رئيس الوزراء ديميتري ميدفديف إلى مدينة سيفاستوبول، حيث مقر أسطول البحر الأسود الروسي. وعلى رغم تأكيد المصدر أن الزيارة مقررة ضمن جدول تحركات بوتين خلال أعياد النصر، أبلغ الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف صحيفة «كوميرسانت» أن جدول أعمال الرئيس لا يشمل زيارة القرم». وستفاقم الزيارة، في حال حصولها، استياء كييف والحكومات الغربية، خصوصاً أنها تترافق مع اتساع رقعة المناطق الخاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا شرق أوكرانيا، وتزايد تحذيرات كييف من «اجتياح روسي». وقال الرئيس الأوكراني أولكسندر تورتشينوف أمس، إن «التحركات العسكرية الروسية تدل على تحضيرات لتوسيع نطاق التدخل»، وأمر الجيش برفع تأهبه للقتال، متوقعاً «استفزازات» خلال عطلات أعياد النصر. وأقرّ تورتشينوف بعجز القوات الأوكرانية عن فرض سيطرتها على الأقاليم الشرقية، خصوصاً في مدينتي لوغانسك ودونيتسك، متهماً بعض مسؤولي الأمن بالتعامل مع المنظمات الإرهابية. وطالب وزير الداخلية آرسين أفاكوف بإقالة رؤساء الدوائر الإقليمية لوزارة الداخلية في لوغانسك ودونيتسك، ومحاسبة قادة أجهزة الأمن في المناطق المتوترة، داعياً إلى اتخاذ إجراءات إضافية لمواجهة حال الانفلات. وتلقت التدابير التي تتخذها كييف دعم مجلس أوروبا، الذي أكد استعداده «للوقوف إلى جانب أوكرانيا في الحفاظ على مركزية الدولة، وإجراء إصلاح دستوري». وقال الأمين العام للمجلس ثوربيورن ياغلاند في كييف: «يؤكد مجلس أوروبا ضرورة تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها، وإعداد القوانين اللازمة لإجراء انتخابات برلمانية لاحقاً». وكان لافتاً تصريح رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو في مداخلة أمام مركز «أتلانتيك كاونسل» للبحوث في واشنطن، بأن هدف بوتين ليس بالضرورة احتلال أوكرانيا، بل السيطرة عليها بالكامل». في المقابل، ناقش نائب وزير الخارجية الروسي أليكسي ميشكوف مع المبعوث الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى أوكرانيا، تيم غولديمان، طرق المساعدة في تخفيف حدة التوتر وإطلاق حوار وطني في أوكرانيا. وكان بوتين اتهم البلدان الغربية بتصعيد التوتر في أوكرانيا، ودعم «العملية الانقلابية» في هذا البلد. ووجه نقداً لاذعاً إلى واشنطن معتبراً أنها «وقفت وراء الأحداث وما زالت توجهها». وزاد: «اختار شركاؤنا سيناريو القوة في تسوية أزمة أوكرانيا، ثم أدركوا إلى ماذا سيؤدي ذلك، ويبحثون الآن عن مذنبين»، مكرراً عدم علاقة بلاده بأحداث أوكرانيا. وحذر من أن العقوبات الأوروبية والأميركية الجديدة يمكن أن تؤثر على شركات غربية للطاقة تعمل في روسيا، وشدد على موقف بلاده من سبل التسوية السياسية التي «تتطلب التعامل في شكل متساوٍ مع حقوق سكان كل أقاليم أوكرانيا، خصوصاً في الشرق والجنوب، وإطلاق حوار شامل يهدف إلى إيجاد حل وسط». ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغرب إلى الاتفاق على جدول أعمال لحل الأزمات العالمية، وآلية محادثات «لا تقصي أحداً، وتستند إلى القانون الدولي».