على رغم صدارة السعودية في إنتاج التمور، إلا أن عمليات تصنيعه اقتصرت على التعبئة والتغليف، ولم تصل الصناعات التحويلية إلى مداها، في وقت بدأ يدخل التمر في كثير من المنتجات الغذائية الأساسية. وبدأت المملكة تصنيع التمور في ستينات القرن الماضي، وأنشئ أول مصنع للتعبئة والكبس في المدينةالمنورة، وبدأ إنتاجه في العام 1964، بطاقة تقدر ب3 آلاف طن من التمور سنوياً، تلاه إنشاء مصانع عدة وصلت في العام 2011 إلى 145. ويقدر عدد النخيل في المملكة بحوالى 23.7 مليون نخلة، فيما يُقدر عدد أصنافها بحوالى 400 صنف تنتشر في مختلف المناطق الزراعية، وتتميز كل منطقة بأصناف معينة. وتحتل السعودية المركز الثاني عالمياً في إنتاج التمور بنسبة 15 في المئة، فيما جاءت مصر في المركز الأول بنسبة 18 في المئة، وإيران والإمارات ثالثاً ورابعاً. واتجهت كثير من دول العالم إلى الصناعات التحويلية للتمور، لكن هذا النوع من الصناعات محدود في المملكة، كون غالبية المصانع للكبس والتغليف فقط، فيما تقتصر صناعاتها التحويلية على مصنعين فقط، أحدهما في الأحساء، والآخر في الخرج، ويقتصر إنتاجها على الدبس والخل. وأشارت دراسة أعدها مركز أبحاث النخيل والتمور في جامعة الملك فيصل العام 2002، إلى وجود أكثر من 20 منتجاً يمكن تصنيعه من التمور، مثل: المربى، والعصائر، والبروتين، والأنزيمات، وأنواع من الزيوت والكحوليات الطبية والصناعية، والدبس والخميرة، وهرمونات ومضادات حيوية، مثل: البنسلين، والأورمايسين، وغيرها من المنتجات. وشهد مهرجان «تمور الأحساء» الذي عقد في كانون الثاني (يناير) الماضي، ابتكار أنواع جديدة من المنتجات المعتمدة على التمر، مثل: الكليجة الحساوي، والكنافة، والبقلاوة، وسمبوسك التمر، وأنواع الكيك. ودخل التمر للمرة الأولى في صناعة الآيس كريم، ولقي إعجاب زوار المهرجان، كونه سيرغب أطفالهم أكثر في تناوله من خلال الآيس كريم الذي يحبه الطفل بشغف، واحتوت كل علبة من الآيس كريم تمرات ذائبة في المنتج، ما يعزز من توجه التمور السعودية من المحلية إلى العالمية، باعتبارها بديلة عن الحلويات وأكثر صحية. وتزداد الحاجة إلى تطوير قطاع تصنيع التمور، وخصوصاً أنه يشكل 20 في المئة من إنتاج المملكة الزراعي، لكن معوقات عدة تحول دون زيادة الاستثمار في هذه الصناعة، أبرزها تذبذب الأسعار، وبدائية معدات التصنيع، وارتفاع نسبة التالف أثناء التصنيع، وعدم توافر المخازن والمستودعات المناسبة، وضعف الدعاية وعدم توافر العمالة الكافية وضعف دراسات الجدوى. وأكد المشرف على كرسي تقنيات وتصنيع التمور الدكتور عبدالله الحمدان، أن بعض المنتجات مثل العصائر والمربى لاقت صعوبة في التسويق في البداية، إلا أن شركات عالمية مثل «نستله» لحليب الأطفال اتجهت أخيراً لاستخدام التمر في منتجاتها. وبين الحمدان أنه يمكن الإفادة من التمر في انتاج البودرة والدبس، مشيراً إلى أن مستخلصات الأخير ذات قيمة غذائية عالية، كونه قليل السكر وعالي الألياف ويمكن تصنيع البسكويت منه، موضحاً أن بودرة التمر تدخل في كثير من المواد الغذائية مثل: الحليب المجفف، والألبان، والقهوة الفورية، مبيناً أن المملكة بدأت دراسات لإنتاج مشروبات طاقة منها، وأيضاً عصائر وسكر، ومواد صيدلانية مقوية للمناعة. يُذكر أن مهرجان التمور الذي أقيم في محافظة الأحساء في العام 2016، شهد تكوين أكبر الأطباق في العالم، بأكثر من مليون تمرة، بما يعادل 10 أطنان من التمور، من 23 صنفاً مختلفاً، من أشهرها: الإخلاص، والشيشي، والخنيزي، والغر، والحاتمي، والشهل، والبكيري، وأم رحيم، والهلالي.