سيطر الوضع في سورية وسعي إسرائيل إلى الحصول على ضمانات أمنية من موسكو، على جلسة محادثات مطولة عقدها أمس، الرئيس فلاديمير بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ركزت على «علاقات تقوم على الثقة المتبادلة» بين طرفين «اتحدا في مواجهة الإرهاب». ودعا بوتين ضيفه خلال «قمة موسكو» الى «قلب الصفحة» لأن «العالم أصبح مختلفاً»، بعدما قال نتانياهو «ها هي ايران اليوم وريثة فارس تواصل سعيها لتدمير الدولة اليهودية. وهم يقولون ذلك بشكل واضح جداً ويكتبونه على صواريخهم البالستية». الا ان الرئيس الروسي رد باقتضاب «نعم، الا ان ذلك كان في القرن الخامس قبل المسيح، ونعيش اليوم في عالم مختلف... لنتكلم عنه». وحظيت الزيارة الرابعة لنتانياهو إلى موسكو خلال 18 شهراً باهتمام خاص، وأثارت كثيراً من التكهنات تناولت تفاصيل النقاشات التي جرت خلف أبواب مغلقة، بعدما استبقها الطرفان بإشارات إلى أن الوضع في المناطق الحدودية وآفاق الوجود الإيراني في سورية كانا على رأس لائحة الاهتمام. وخلافاً لما كان متوقعاً، لم يعقد الطرفان مؤتمراً صحافياً مشتركاً، ما أوحى وفق مصادر روسية، بحرص الجانبين على إبقاء الجانب الأوسع من النقاشات طي الكتمان. لكن الجزء المعلن من اللقاء أوحى بطبيعة الملفات التي طُرحت، إذ استهله بوتين بتأكيد حرص موسكو على دفع العلاقات الثنائية مع تل أبيب والمحافظة على «مستوى الثقة المتبادلة الذي حققناه بفضل الاتصالات المستمرة على أعلى المستويات». وفي إشارة ذات مغزى سياسي، على خلفية تصريحات نتانياهو التي سبقت الزيارة عن «الخطر الإيراني»، تعمد بوتين تهنئة ضيفه بعيد «الفور» (فوريم) الذي يحل بعد أيام. وهي إشارة التقطها نتانياهو فوراً، لتأكيد أن تل أبيب «لن تقبل أن يحل الإرهاب الإيراني مكان إرهاب داعش والنصرة». علما أن العيد الذي تطلق عليه بالعربية تسمية «يوم القرعة»، يستعيد وفق أسطورة يهودية ذكرى خلاص اليهود من مجزرة في عهد هامان وزير الإمبراطور الفارسي الأخميني أحشويرش، حين ألقى قرعة لتحديد اليوم المناسب لقتل اليهود جماعياً. لكن أستير زوجة الملك نجحت في تنفيذ مؤامرة أطاحت الوزير. وأشاد نتانياهو بالمساهمة الروسية في محاربة الإرهاب، مؤكداً «وحدة روسيا وإسرائيل في الحرب المشتركة»، وأن «الإرهاب» الذي تقوده إيران «يمثل اليوم خطراً ليس على إسرائيل فحسب، بل على العالم برمته». وقال ل «الحياة» ديبلوماسي روسي إن ثلاثة محاور شغلت حيزاً أساسياً خلال المناقشات، أولها الوضع حول الجولان الذي قال عنه نتانياهو إن الوجود الإسرائيلي فيه «غير قابل للنقاش». ووفق المصدر، فإن نتانياهو طلب من بوتين ضمانات كافية بعدم السماح بتحرك مجموعات مسلحة موالية لطهران في المناطق الحدودية، وأن الطرفين مهدا للزيارة بالاتفاق على آليات مشتركة للرصد والمراقبة. وكان لافتاً في هذا المحور أن الكرملين استبق النقاش بتأكيد أن موضوع «قيام إسرائيل بتوجيه ضربات إلى مواقع في سورية لم يطرح للبحث». لكن المصدر أشار إلى أن هذا الموضوع «ليس جديداً ويدخل ضمن تفاهمات روسية– إسرائيلية تم التوصل إليها بعد بدء التدخل الروسي في سورية مباشرة». ولفت إلى أن إسرائيل شنت منذ تلك الفترة ضربات عدة في عمق الأراضي السورية. والمحور الثاني يتعلق بضمانات تطلبها إسرائيل في مرحلة ما بعد التسوية في سورية، وأبرز عناصرها منع الإيرانيين من تعزيز تواجدهم في سورية. وكان نتانياهو استبق الزيارة بتأكيد أنه سيعبّر عن موقف حازم ضد خطط طهران للاحتفاظ بوجود عسكري دائم في سورية، وأنه يريد إدراج بند يطالب بسحب القوات الإيرانية من سورية في أي اتفاق سلمي يتم إبرامه. ولفت المصدر إلى أن هذا الملف يشكل حساسية خاصة لموسكو التي تربطها بإيران علاقات شراكة وتعاون ميدانيين خلال المرحلة الراهنة. وركز المحور الثالث على الدور الممكن القيام به من جانب مراكز الضغط اليهودية في الولاياتالمتحدة، لتخفيف الضغوط المتواصلة على موسكو ومحاولة رفع أو تقليص العقوبات الغربية المفروضة عليها. وسيكون الملف السوري حاضراً اليوم في الكرملين خلال لقاء بوتين المنتظر مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، الذي يسبق الجولة الجديدة من مفاوضات آستانة المقررة يومي 14 و15 آذار (مارس). وقالت أوساط روسية إنه بالإضافة إلى المسائل الآنية المتعلقة بتوفير الظروف المواتية للمفاوضات، والتنسيق العسكري المباشر، والخطط العسكرية المتعلقة بالرقة، سيبحث الرئيسان في المسائل المحورية لتسوية الأزمة السورية. مع وجود ملفات خلافية عالقة، بينها مصير الرئيس السوري بشار الأسد، ومشاركة الأكراد في العملية التفاوضية، والوضع حول مدينة منبج، وفكرة المناطق الآمنة التي عادت أنقرة أخيراً إلى الحديث عنها. من جهة ثانية ذكرت وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء أن الحرس الثوري أجرى اختباراً ناجحاً على صاروخ بحري. وقالت إن الصاروخ الإيراني الصنع «هرمز 2» قادر على تدمير أهداف متحركة في عرض البحر على بعد يصل إلى 300 كيلومتر. وأضافت الوكالة أن الصاروخ صنع في إيران. ونقلت عن عامر علي حاجي زاده قائد القوات الجوية في الحرس الثوري «دمر الصاروخ البالستي البحري «هرمز 2» هذا الأسبوع بنجاح هدفا كان على بعد 250 كيلومترا».