ضيف ثقيل اسمه «الإحباط» استقر في دواخل أنصار برشلونة في ليالٍ مضت، إثر سقوط ل«البلاوغرانا» في ملعب «حديقة الأمراء» في باريس وبالأربعة، لتنطفئ حياة «الأبطال» في أبطال انتابهم شعور الخسارة اللاذعة، ولكن أصواتاً كانت تنادي من المعسكر الأحمر والأزرق بأن طاقة ستتفجر في اليوم المنتظر ليعرف كل من في المعمورة أن هنالك رجالاً يدافعون بأرواحهم عن القميص العريق. كلمات صدرت عن المدرب لويس إنريكي أنهم ببساطة استقبلوا رباعية في الإياب، وبإمكانهم تسجيل سداسية في الإياب، وأخرى على لسان المهاجم الفتاك سواريز الذي قال: «لم نخرج بعد، 90 دقيقة تنتظرنا، ونحن سنقدم شيئاً مختلفاً»، وهمسات تمتم بها الفذ نيمار حينما حفز زملائه قائلاً: «سأسجل هدفين، وعليكم البقية»، كل ذلك لم يجد من يصغي إليه، فإحباط الهزيمة بالأربعة هذه المرة كان أقوى من كل حروف نُسجت أملاً في إنبات زهور الأمل في قلوب المحبين. والحقيقة أن تاريخ كرة القدم بأكمله، قلب صفحاته حتى بلغ آخرها وتأهب لكتابة حروف لم يسبق له أن سطرها منذ نشأة «المستديرة»، البداية من المناصرين الذين وصلت أعدادهم إلى 96 ألفاً منهم من آمن بمقاتلين كاتالونيا، ومنهم من تبوأ مقعده مكرهاً إذ أنفق ماله مسبقاً قبل كارثة «حديقة الأمراء». وما إن أطلق الحكم صافرته إلا وهبت رياح عاتية انتزعت كل ثبات باريسي، إذ سجل برشلونة في الدقيقة الثالثة، ومن هنا بدأت القصة، قصة «سداسية التاريخ»، تاريخ العظماء، عظماء «الكامب نو»، مسرح الحوارات المستحيلة، المستحيل الذي تحول بعزيمة نيمار، ورفقائه إلى حقيقة مذهلة، صادمة، خالدة، لن يستطيع فعلها إلا برشلونة ورجالها الذين أتبعوا الأول بالثاني، ثم الثالث، قبل أن يرد باريس بهدف ظن الجميع أنه قتل الأحلام «الكاتالونية» ومنح بطاقة العبور إلى إيمري وكتيبته، بالتأكيد أن ذلك كان ما يفترض أن يحدث في كل روايات كرة القدم، إلا في الملحة الاستثنائية، عندما سجل نيمار هدفاً رابعاً على بعد دقيقتين من النهاية، ولبى وعده لزملائه بتسجيله ثانياً باسمه وخامساً لأهل الدار، قبل أن يخطو الشاب سيرجي روبرتو أغلى خطوات مسيرته كاملة، طالت أم قصرت بإحرازه هدفاً بدا وكأن تاريخ كرة القدم أُغلق من بعده. بعد ذلك عاد الكثيرون إلى كلمات إنريكي، وتحديات سواريز، وهمسات نيمار، ليدركوا جيداً أن فريقاً بذلك الحجم لن ينطق مقاتلوه إلا من جسارة لا يتحلى بها سواهم، فاز برشلونة، انتزع التأهل، وجسد الأحلام إلى واقع سيبقى عالقاً في القلوب، قبل أن يكون راسخاً في الأذهان، وتوجت مسابقة أبطال أوروبا ببقاء «البارسا» بين أحضانها، إذ فعل ما لم يفعله حتى المتوجين بالذهب. ضيف ثقيل اسمه «الإحباط» سُحِق في برشلونة، ليرحل مع من رحلو مطأطئين الرؤوس من «الكامب نو» إلى مستقر قد يدوم طويلاً هناك في باريس. إنريكي: «فيلم رعب»! برشلونة - رويترز - أكد مدرب برشلونة لويس إنريكي أن الفوز المذهل 6-1 على باريس سان جيرمان والذي وضع الفريق في دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم أمس (الأربعاء) سيبقى في أذهان مشجعيه إلى الأبد. وسجل الفريق الإسباني الذي خسر صفر-4 في مباراة الذهاب وكان يواجه خطر الخروج من دور ال16 لأول منذ 2007 ثلاثة أهداف متأخرة في 6 دقائق ليكمل عودة تاريخية. وقال إنريكي للصحافيين: «لن ينسى أي شخص في كامب نو ما حدث على الإطلاق. هذه رياضة استثنائية لجماهير مجنونة». وتابع: «من الصعب العثور على كلمات لشرح ما حدث، هذا سيناريو فيلم رعب ببداية مثيرة وسط أجواء لم أشاهدها من قبل في الكامب نو ولم يسبق أن رأيت مثل هذا التوتر مطلقاً». نيمار: أفضل يوم في حياتي أكد البرازيلي نيمار أنه عاش أفضل أيام حياته إثر فوز فريقه برشلونة على باريس بستة أهداف في مقابل هدف، والتأهل التاريخي إلى دور الثمانية، مضيفاً: «هذه أفضل مباراة في حياتي بسبب كل ما جاء بها، سواء من حيث الأهداف أم ما تعنيه للفريق». وحصل نيمار على ركلة جزاء في وقت باكر من الشوط الثاني سجل منها ميسي الهدف الثالث، وبعدها أنعش آمال فريقه في التأهل بهدف من ركلة حرة، جاء بعد تقليص ادينسون كافاني للفارق بتسديدة مباشرة بدت وكأنها عرقلت العودة التاريخية لأصحاب الأرض. وأضاف نيمار لشبكة «بي.إن سبورتس» التلفزيونية: «شيء كهذا يحدث مرة واحدة في العمر، لم يصدق أحد أنه يمكننا أن نسجل ستة أهداف، لكننا فعلناها». وأضاف اللاعب (25 عاماً): «عندما نؤمن بأنفسنا ونؤدي بهذا الشكل لا يمكن أن توقف برشلونة. هذا الفوز بطولة في حد ذاتها كانت مباراة نهائية». %7 فقط من توقعوا العودة التاريخية برشلونة - رويترز - ربما كانت العودة الأفضل على الإطلاق في تاريخ دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، ولم يتوقعها سوى مجموعة قليلة، إذ راهن قليلون فقط على نجاح برشلونة في العودة ضد باريس سان جرمان أول من أمس (الأربعاء). ووفقاً لشركة وليام هيل للمراهنات لم يتوقع سوى 7 في المئة أن يقلب برشلونة تأخره 4-صفر في مباراة الذهاب وكانت المراهنات على فوز الفريق بالبطولة ضعيفة للغاية قبل الفوز الساحق إياباً. وسجل برشلونة ثلاثة أهداف بعد الدقيقة 88 ليفوز 6-1 في المباراة و6-5 في مجموع المباراتين ويتأهل لدور الثمانية في البطولة الأوروبية الأولى للأندية، وبعد المباراة تصدر برشلونة رهانات الفوز باللقب.