كشف أعضاء مجلس الشورى عن هدر صندوق التنمية البشرية (هدف) لبلايين الريالات وإخفائها، مشيرين إلى أن أكثر من 155 ألف موظف دفع بهم الصندوق لسوق العمل كانوا في جهات خدمية برواتب أقل من 2000 ريال، بينما حجم المصروفات الإدارية للصندوق على موظفيه البالغ عددهم 800 موظف فقط حوالى نصف بليون ريال، أي ما يعادل 625 ألف ريال لكل موظف في العام. فيما طالب الأعضاء بضرورة مراقبة صندوق الموارد البشرية مالياً وعرض موازنته بشكل تفصيلي على المجلس، إذ ذكر الأعضاء أنه لو تم توزيع إيرادات الصندوق البالغة 18 بليون مباشرة على الشباب لحصل كل واحد منهم شهرياً على أكثر من 5 آلاف ريال، لافتين إلى أنه في حال منح كل 10 منهم مبلغ 700 ألف ريال لبناء مصنع لتم إنشاء أكثر من 26 ألف مصنع في عام واحد، فيكف بخمسة أعوام منذ أن تم إنشاء هذا الصندوق. كما تساءلوا بأنه إذا ما تم إنشاء مؤسسات اقتصادية عملاقة بهذه الأموال التي تعادل رأسمال ثلاثة بنوك مجتمعة، بل أكثر من 18 شركة في سوق المال السعودية، وهو ما يعادل دخل سنة واحدة فقط فيكف بخمس من مثلها؟ وفي الوقت ذاته اكتشف الأعضاء بأن متوسط ما يدفعه الصندوق للموظفين في القطاع الصناعي هو 719 ريال شهرياً فقط، وفي القطاع التجاري 762 ريال فقط، وأن متوسط ما دفعه في دعم راتب الموظف السعودي 1082 ريالاً، مشيرين إلى أن هذا يفسر تسرب الشباب من الوظائف التي وصلت إلى أكثر من النصف. وفي جانب آخر، طالب عضو المجلس الدكتور أحمد الزيلعي بأن يترك الشباب السعوديين ليوظفوا أنفسهم بأنفسهم، وأنه لو كان مسؤولاً بالصندوق لمنح الشباب سيارة (وانيت) لبيع الخضراوات والفواكه، مشيراً إلى أهمية الكسب الحلال. واستشهد في ذلك بانتشار بيع الخضراوات والفواكه في الشوارع وأمام المساجد، مطالباً تقديم الحماية اللازمة لهم ودعمهم. وفي سؤال جوهري للدكتور محمد آل عباس عن مدى الإضافة التي يقدمها الصندوق للاقتصاد وسوق العمل والإنتاج؟ وهل المفهوم الذي يعمل به الصندوق صحي ومفيد ومعمول به في دول ناجحة أم العكس؟ مبيناً أن جوهر عمل الصندوق أن يقوم على تحصيل إيرادات سيادية من القطاع الخاص، ومن ثم إجبار القطاع الخاص على توظيف أبناء الوطن، لتتم إعادة دفع الإيرادات على القطاع نفسه مرة أخرى، فمن الذي استفاد في نهاية المطاف؟ وهل إذا قمنا بذلك تم حل مشكلة البطالة؟ فإذا قيل بأن المستفيدين هم من تم توظيفهم، فيما كشف آل عباس هدراً هائلاً يقدر ببلايين الريالات. وأضاف: «فإذا كان الصندوق حقق إيرادات بلغت 18.325 بليون ريال، ودفع منها 3.422 بليون على شكل رواتب لعدد 263395 يمثلون من تم توظيفهم خلال العام، وأن ما تم توظيفهم في قطاع الصناعة مثلاً 39378 دفع لهم 339827408 ريالاً أي متوسط ما دفعه الصندوق شهرياً لمن عمل في القطاع الصناعي هو 719 ريال فقط». وبين أنه بالطريقة نفسها نجد أن متوسط ما دفعه الصندوق لمن عمل في القطاع التجاري هو 726 ريال فقط، أي أن متوسط ما دفعه الصندوق لمن عمل في التعليم هو 2000 ريال فقط، فيما بلغ متوسط ما دفعه الصندوق في دعم راتب الموظف السعودي عند المتوسط العام بلغ 1082 ريالاً فقط. ونوه بأنه إذا كان الصندوق يدفع 50 في المئة من الراتب، فهذا معناه ببساطة أن متوسط الراتب للموظف السعودي في القطاع الخاص الذي يموله الصندوق ويهتم به هو 2000 ريال فقط لا غير. وتساءل هل بعد هذا يمكن القول إن الشباب استفاد من إيرادات الصندوق البالغة 18 بليون، التي تتفوق على إيرادات الضرائب في هيئة الزكاة والدخل، وهل هذا يفسر سبب تسرب الشباب البالغ قريباً من النصف، موضحاً أنه إذا قيل إن جهود الصندوق تذهب للتدريب فإن نصيب المتدرب أقل من حظه في الراتب. كما أنه إذا قيل أن الصندوق يعيد توجه الشباب ويدربهم بحسب متطلبات سوق العمل فإن الجدول نفسه يوضح أن أكثر من 155 ألف ممن دفع بهم الصندوق لسوق العمل كانوا في جهات خدمية برواتب أقل من 2000 ريال، ما يطرح تساؤلاً هو هل هذا الصندوق يحسن صناعة الموارد البشرية لخدمة توجهات الاقتصاد أم نحن ندور في حلقة مفرغة تتمثل في عدم المواءمة مع سوق العمل أم أن ما يحدث هي حقيقة سوق العمل، أم أن الصندوق يقوم بتضخيم أعداد الملتحقين به فقط على حساب أبنائنا واقتصادنا. وطالب آل عباس بالقوائم المالية وتقرير مراجع الحسابات، متسائلاً: «كيف يقبل أن تصنف المرابحات كأصول متداولة، وهذا أمر جوهري للغاية في كيفية إدارة أموال الصندوق والمقام لا يقبل التفصيل فيها، لذلك إذا سحبنا هذا المبلغ من قيمة الأصول المتداولة لبقي مبلغ 1.264 ريال، وبالمقارنة مع التزامات متداولة بقيمة 2.978 بليون فإن لدى الصندوق مشكلة في السيولة فهل يقبل هذا الشيء». في حين طالبت عضو المجلس الدكتور نورة المري بأن يتعاون صندوق تنمية الموارد البشرية مع هيئة توليد الوظائف، وأن يعملا على فتح خيارات جديدة لعمل المرأة. وأمن على ذلك عضو المجلس ناصر النعيم، مؤكداً أهمية التوسع في توظيف المرأة بالصندوق الذي يبلغ عدد الموظفات فيه 36 موظفة فقط، فضلاً عن التوسع في مجالات تدريب المرأة. فيما طالب بأن يدرس صندوق تنمية الموارد البشرية بالشراكة مع التأمينات الاجتماعية فتح المجال أمام الطلاب للعمل بدوام جزئي في قطاع التجزئة، وذلك بنظام الساعات خلال الفترة المسائية أو خلال فترة الصيف لملء وقت الفراغ وإعانتهم على مصروفاتهم. جاء ذلك خلال استكمال مجلس الشورى مناقشة تقرير لجنة الإدارة والموارد البشرية بشأن التقرير السنوي لصندوق تنمية الموارد البشرية للعام المالي 1436 - 1437ه الذي تلاه رئيس اللجنة المهندس محمد النقادي في الجلسة العادية (ال20) التي عقدها المجلس أول من أمس (الثلثاء). وتضمن تقرير اللجنة توصيات عدة أبرزها مطالبة صندوق تنمية الموارد البشرية بإعداد دراسة ميدانية عن أسباب تسرب العاملين في القطاع الخاص والتوصل إلى حلول للقضاء على هذه الظاهرة، وربط أدائه ومصروفاته مع خطة استراتيجية لهيئة توليد الوظائف، إلى جانب معالجة البطالة وتوليد الوظائف، وتوطين القطاعات لشرائح المجتمع كافة في مختلف مناطق المملكة. مطالبة بإقرار زكوي سنوي للمواطنين.