نزح عشرات آلاف المدنيين خلال أسبوع في شمال سورية هرباً من كثافة العمليات العسكرية السورية والروسية على مناطق سيطرة تنظيم «داعش» في ريف حلب الشرقي، حيث تدور معارك عنيفة بين أطراف عدة على أكثر من جبهة. وجاء ذلك في وقت أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الحكومة السورية وحليفتها روسيا ترسلان «قوافل إنسانية» إلى مدينة منبج الخاضعة لسيطرة «قوات سورية الديموقراطية»، التحالف المؤلف من مقاتلين عرب وأكراد تدعمهم واشنطن. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية جيف ديفيس: «نعلم أن هناك قوافل إنسانية يدعمها الروس والنظام السوري متجهة إلى منبج. هذه القوافل تشتمل على عربات مصفحة». وتبعد منبج حوالى 30 كلم من الحدود السورية - التركية. وسيطرت «قوات سورية الديموقراطية» على منبج في آب (أغسطس) 2016 بدعم من مستشارين عسكريين أميركيين وبإسناد جوي من التحالف الدولي. ورفض المتحدث الأميركي التعليق على هذه المبادرة من جانب حكومة الرئيس بشار الأسد وحليفته موسكو، مشدداً على أن ما تريده واشنطن في الوقت الراهن هو أن تسعى «كل الأطراف» الموجودة في شمال سورية إلى «دحر تنظيم داعش قبل كل شيء» وليس أن تتقاتل في ما بينها. وكانت أنقرة هددت الخميس بضرب المقاتلين الأكراد في حال لم ينسحبوا من منبج. إلى ذلك، تواصل قوات الحكومة السورية، بدعم روسي، هجومها ضد «داعش» في ريف حلب الشرقي، تمهيداً للوصول إلى بلدة استراتيجية تضم مضخة مياه تغذي مدينة حلب التي تعاني منذ نحو خمسين يوماً من انقطاع المياه. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس» السبت إن «أكثر من ثلاثين ألف مدني، معظمهم من النساء والأطفال، نزحوا في ريف حلب الشرقي منذ السبت الماضي هرباً من القصف المدفعي والغارات السورية والروسية الكثيفة». وتوجه معظم النازحين، وفق المرصد، إلى مناطق في مدينة منبج وريفها الواقعة تحت سيطرة «مجلس منبج العسكري» المنضوي في صفوف «قوات سورية الديموقراطية». وشاهد مراسل ل «فرانس برس» عشرات العائلات في الطريق المؤدية إلى منبج على متن سيارات ودراجات نارية وحافلات صغيرة محملة بالأطفال إلى جانب الحقائب والأكياس. وقال إن كثيرين من النازحين بدوا مرهقين ومتعبين، ويقفون في طوابير على حواجز «مجلس منبج العسكري»، تمهيداً لمنحهم الإذن بالتوجه إلى المدينة وريفها. وأوضح ابراهيم القفطان الرئيس المشترك للإدارة المدنية في مدينة منبج ل «فرانس برس» أن عدد الوافدين «وصل إلى نحو أربعين ألفاً» مضيفا أن «عددهم في تزايد مستمر بسبب الاشتباكات بين النظام وداعش». وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» السبت أن «وحدات من الجيش سيطرت على ثماني قرى وبلدات... لتوسع نطاق سيطرتها في ريف حلب الشمالي الشرقي». على جبهة أخرى في محافظة حمص (وسط)، استهدفت الطائرات السورية والروسية مواقع «داعش» في شمال مدينة تدمر الأثرية وشرقها، حيث تواصل القوات السورية والروسية عمليات نزع الألغام التي تركها التنظيم قبل طرده من المدينة الخميس. وذكرت إيران أمس أن لواء «فاطميون» الذي يضم غالبية من الأفغان المقيمين في إيران، ساهم في السيطرة علي تدمر. ونقل موقع «تسنيم» القريب من الحرس الثوري أن هذا اللواء سيطر علي المدينة قبل عام وطرد عناصر تنظيم «داعش» منها، إلا أنهم عادوا نهاية السنة الماضية. وأشار إلي أن المرتفعات القريبة من جبل الطار، شمال غربي تدمر، شهدت قتالاً شرساً قبل أربعة أشهر، حيث خاض 250 عنصراً من لواء «فاطميون» معارك انتهت بطرد «داعش» من الجبل المشرف على المدينة، ثم تحريرها. وفي محافظة حماة (وسط)، أفاد «المرصد» بمقتل 11 مدنياً على الأقل السبت جنتيجة غارات «يرجح أنها روسية» استهدفت سوقاً للماشية في قرية عقيربات التي تقع على طريق يؤدي إلى تدمر، وغالباً ما يستخدمه «داعش» في تنقلاته. ديبلوماسياً، انتهت الجمعة جولة مفاوضات غير مباشرة بين الحكومة والمعارضة السوريتين بالاتفاق على جدول أعمال «واضح» يشكل قاعدة لجولة محادثات جديدة تنوي الأممالمتحدة الدعوة إليها الشهر الجاري. وقال مبعوث الأممالمتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا في ختام الجولة الجمعة «أعتقد أن أمامنا الآن جدول أعمال واضحاً»، يتضمن «أربعة عناوين» سيتم بحثها «في شكل متواز»، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الارهاب. وقال رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري للصحافيين في جنيف «استطعنا أن نفرض جدول أعمال عقلانياً متزناً يخدم مصلحة الشعب العليا»، موضحاً وفق تصريحات نقلتها وكالة «سانا» أن إضافة سلة مكافحة الإرهاب «حظيت بدعم من كل الأطراف المشاركة باستثناء مجموعة ما يسمى وفد الرياض» في إشارة إلى وفد المعارضة الرئيسي. وأضاف أن هذا البند هو «الموضوع الأساسي الذي تم التركيز عليه» مقابل التطرق إلى النقاط الثلاث الأخرى «في شكل عابر... باستثناء سلة الانتخابات التي لم نتطرق إليها على الإطلاق لأنها مرتبطة بالدستور والدستور مرتبط بالحكومة الوطنية الموسعة القادمة».